رايت رايتس

اشتباك الكحالة.. هل هو تظهير لاحتقانات دفينة في لبنان؟

الديسك المركزي
كتبه الديسك المركزي تعليق 4 دقيقة قراءة
4 دقيقة قراءة
اشتباك الكحالة

“شهيد مجاهد” يشيّعه حزب الله و”شهيد بطل” يصلي لراحة نفسه أبناء بلدته.

- مساحة اعلانية-

هذه محصلة “اشتباك الكحالة” الذي كاد أن يكون شرارة شيء ما أكبر لا يجرؤ اللبنانيون على تسميته، والمفارقة أن من يشيّعه كل طرف باعتباره شهيداً هو الجاني بالنسبة للفريق الآخر.

صورة مختصرة عن حجم الانقسام في البلاد الذي وجد في حادثة انزلاق شاحنة وما تلاها بلورة عن مدى خطورته.

- مساحة اعلانية-

ما الذي حدث؟

عصر الأربعاء وفيما كانت شاحنة نقل كبيرة متجهة من البقاع الى بيروت عبر الطريق الدولي، انزلقت على منعطف بلدة الكحالة، وهو واحد من أخطر المنعطفات في البلاد حيث تُسجل نسبة كبيرة من حوادث المرور عليه.

ما بين حادث الانزلاق وبين وقوع الاشتباكات المسلحة ليس من يقين بشأن ما حدث تحديداً.

- مساحة اعلانية-

الجيش اللبناني الذي فتح تحقيقا بالحادثة قال، إن الشاحنة كانت محملة بالذخيرة، وهو ما كان أهالي المنطقة ووسائل إعلام قد تناقلوه بعد الحادث.

أما حزب الله فلم ينف أن الشاحنة تابعة له وأن شبانا كانوا يرافقونها وإن لم يكشف عن نوع حمولتها.

وفي بيان أصدره حزب الله، قال إنه فيما كان مرافقو الشاحنة يقومون باتصالات لطلب المساعدة، ” تجمع عدد من المسلحين من الميليشيات الموجودة في المنطقة، وقاموا بالاعتداء على أفراد مرافقة الشاحنة في محاولة للسيطرة عليها، حيث بدأوا برمي الحجارة أولاً ثم بإطلاق النار”.

في المقابل، صدر بيان موقّع من “أبناء الكحالة” جاء فيه أنه: “على أثر وقوع شاحنة محملة بالأسلحة بمواكبة أمنية مريبة من مسلحين وبعد قدوم شباب الكحالة لنجدة السائق، أقدم المسلحون على اطلاق النار بشكل مباشر على الشباب”.

وما بين الروايتين، يبقى السؤال الجوهري، الذي يحسم بالنسبة لكل طرف مسؤولية الطرف الآخر عما حدث، هو ذلك المتعلق بمن أشهر السلاح أولاً ومن الذي تسبب بانزلاق الوضع إلى اشتباك مسلّح؟

ففي بلد ينتشر فيه السلاح المتفلت والخارج عن سيطرة الدولة، لا تثير مسألة اقتناء السلاح جدلاً بقدر ما تثيره مسألة من استفز الآخر ليشهر سلاحه.

وهكذا عاش اللبنانيون ساعات طويلة وعصيبة متسمرين امام شاشات التلفزة التي كانت تنقل مباشرة من المنطقة احتجاجات أهل البلدة وقطع سكانها للطريق وغضبهم.

ومرة جديدة استنفرت النفوس على الأرض في الكحالة، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي في فيض من الاتهامات وكيل النعوت والتهديدات.

أما الجيش اللبناني الذي قام بإفراغ حمولة الشاحنة ورفعها وفتح الطريق فجرا، فتحدث فقط عن حصول إشكال بين مرافقي الشاحنة والأهالي ما أدى الى سقوط قتيلين.

ماذا بعد؟

ليست حادثة الكحالة هي الحادثة الأولى التي تُظهر حجم الاحتقانات الدفينة في البلاد، والتي تنتظر أي حادثة لتتجلى بكل خطورتها وبسرعة انزلاقها الى مواجهات مسلحة.

فقد تكون كلمة انقسامات سياسية وطائفية قد فقدت شيئاً من معناها لكثرة استخدامها في السياق اللبناني، ولكنها تُعتبر بالفعل الأرضية والخلفية التي تسير الحياة على وقعها في البلاد.

ويبدو كل شيء طبيعي في لبنان إلى حين حدوث أي شيء يجعل كل شيء غير طبيعي. فتعود ذكريات الحرب الاهلية، وتسترجع الأماكن هويتها الطائفية ورمزيتها القتالية.

ثم تهدأ النفوس، وتتراجع الخطابات، ويتنفس الناس الصعداء بأن هذه المرة انتهت الأمور بأقل الخسائر، رغم جسامتها، لكن ما بين الإشكال والأخر، لا تختفي الإشكالية، وكل ما يجري هو أنه يتم تطويقها فقط، ثم يتعامل الجميع وعلى رأسهم السياسيين مع تلك الانقسامات الإشكالية بأنها واقعاً لبنانياً لا بد من التعايش معه.

المصدر: BBC

شارك هذه المقالة
ترك تقييم