عبر موظفو العدول المكلفون بالتوثيق القانوني، عن استيائهم من تجاهل الحكومة لمطالبهم، بعدما خاضوا إضرابا وأغلقوا مكاتبهم لمدة أسبوع. وقالت الهيئة الوطنية للعدول إن هذه الخطوة التصعيدية، تأتي كرد فعل على ما أسمته بـ “تجاهل وزارة العدل” لمطالبهم، والمتمثلة أساسا في تحديث المهنة عبر مراجعة وتعديل القانون 16.03 المنظم لخطة العدالة.
ومنذ سنة 2010، يجري “العدول” حوارات متوالية مع الحكومة من أجل تغيير القانون المنظم للعدالة، بدعوى تقادمه وعدم استجابته لمتطلبات الوقت الراهن، وحاجيات المجتمع التي تتطور بسرعة.
تعليقا على الموضوع، قال محمد ساسيوي، رئيس الهيئة الوطنية لعدول المغرب: “إلى حدود الساعة لم نتلق أي تفاعل أو اتصال من طرف وزارة العدل، وليست هناك أي مؤشرات لدخول الوزارة في حوار معنا، رغم كل ما قمنا به من احتجاجات لتنفيذ ملفنا المطلبي”.
وأضاف ساسيوي في حديث لـ”سكاي نيوز عربية”: “في ظل صمت الوزارة، فإن الأمور تتجه إلى مزيد من التصعيد. فالمكتب التنفيذي للهيئة الوطنية لعدول المغرب سيلتئم لتباحث الوضع وتحديد مسار النضال والأشكال الاحتجاجية التي سيتخ`ها موظفو العدول إلى حين تحقيق ملفهم المطلبي”.
في انتظار ما ستؤول إليه الأمور، دعت الهيئة الوطنية للعدول إلى حمل الشارة الحمراء طيلة شهر يوليو الجاري، حيث يخوض العدول منذ شهور سلسلة من الإضرابات والوقفات الاحتجاجية التي نظم بعضها أمام وزارة العدل وبعضها الآخر أمام مقر البرلمان.
يطالب العدول المضربون بتعديل قانون 16/03، المنظم لمهنتهم في المغرب. وقال عدد منهم إن هذا القانون لا يساير مقتضيات الدستور، لا سيما المتعلقة بالمناصفة، والحداثة، والقوانين التنظيمية ذات الصلة.
وقالت عائشة بلحسين، رئيسة الجمعية الوطنية للعدول في مدينة أكادير”: “لا يعقل أن تمر عشر سنوات على اعتماد دستور المملكة الحداثي وقانوننا لم يُحين بعد. فهو لا يتماشى مع التوجهات الكبرى للملك محمد السادس، الذي سمح للمرأة المغربية بولوج المهنة التي كانت لعهود كثيرة حكرا على الرجل”.
واستطردت المتحدثة: “ولوجنا لهذه المهنة في ظل قانون قديم لا يرقى إلى تطلعات المهنيين والمواطنين؛ حيث إن تدخل العديد من الجهات في الوثيقة العدلية يجعلها بطيئة ويعطل مصالح المتعاقدين”.
كما أكدت بلحسين أن “العدول يطمحون لمراجعة التعريفة التي لم تعد تناسب المجهودات المبذولة ومصاريف العقود”.
ودعت النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، ابتسام عزاوي، إلى الكشف عن التدابير الحكومية للنهوض بمهنة التوثيق العدلي ومعالجة الإشكالات القانونية والعملية التي يواجهها العدول في ممارستهم لمهامهم.
وذكرت عضوة مجلس النواب، في سؤال شفاهي، موجه إلى الحكومة أن “مهنة التوثيق العدلي تعتبر إحدى الدعامات الأساسية لضمان استقرار مختلف المعاملات العقارية والمدنية والتجارية والأسرية وتشجيع وجلب الاستثمارات والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومساعدة القضاء على فض النزاعات والخلافات من خلال تمكينه من وسائل الإثباث”.
وأضافت عزاوي أنه “بالرغم من أهمية التوثيق العدلي ودوره المركزي في المنظومة التعاقدية، يواجه عدول المملكة مجموعة من الإشكالات القانونية والعملية التي يطرحها التوثيق العدلي في واقع الممارسة العملية، وهو ما يستدعي إعادة النظر في مجموعة من الضوابط القانونية والتنظيمية والتوثيقية التي تؤطر مهنة التوثيق العدلي”.
وأفاد وزير العدل، محمد بنعبد القادر، الاثنين 12 أبريل الماضي، بأن الوزارة بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون جديد ينظم مهنة خطة العدالة. وأبرز بنعبد القادر، في معرض جوابه على سؤال شفوي حول “التبادل الإلكتروني للمعطيات مع مهنيي التوثيق العدلي”، أن وزارة العدل بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون جديد ينظم مهنة خطة العدالة بالتنسيق والتشاور مع الهيئة الوطنية للعدول.
المسؤول الحكومي أوضح أن هذا المشروع يتضمن عددا من المقتضيات القانونية التي تعزز العديد من الإجراءات المتعلقة بمهنة خطة العدالة، والتي يشملها التحول الرقمي.
وتعليقا على مشروع الوزارة، قال الأستاذ عبد الرزاق بويطة، الكاتب العام للجمعية المغربية للعدول الشباب: “هذا مشروع أحادي الجانب أعدته الوزارة ولم تعتمد فيه توصيات الهيئة الوطنية للعدول؛ وبالتالي فإن القانون الجديد الذي سيرى النور هو قانون الوزارة فقط، لأن هيئة العدول لم تقل كلمتها فيه. وهنا تكون الوزارة قد غيبت مبدأ التشاركية في وضع المقتضيات الجديدة”.