رايت رايتس

 عملية الصلب.. كيف وأين بدأت؟

الديسك المركزي
كتبه الديسك المركزي تعليق 8 دقيقة قراءة
8 دقيقة قراءة
عملية الصلب

تقول لويز سيلييرز، الكاتبة والباحثة في الثقافة الكلاسيكية في جامعة فري ستيت في جنوب إفريقيا، لبي بي سي: “كان الصلب من بين أكثر ثلاث طرق وحشية وأقساها لإعدام شخص ما في العصور القديمة، يليه الحرق حياً وقطع الرأس”.

- مساحة اعلانية-

ويصف دييغو بيريز غوندار، الأستاذ في كلية اللاهوت في جامعة نافارا في إسبانيا هذا القعاب بقوله: “لقد كان مزيجاً من القسوة المطلقة التي تتم أمام أعين الناس لبث أكبر قدر ممكن من الرعب في قلوبهم”.

في كثير من الحالات، تموت الضحية بعد أيام من صلبها، أمام أعين عابري سبيل.

- مساحة اعلانية-

يتعرض الجسم خلال عملية الصلب لمزيج من الخنق وفقدان الدم والجفاف وفشل أعضاء مختلفة، إضافة إلى أعراض ومشاكل أخرى.

أكثر من 500 عام قبل المسيح

تعتقد سيليرز أن عملية الصلب ربما نشأت لدى الآشوريين والبابليين، وهما حضارتان عظيمتان ظهرتا في ما يعرف اليوم بالشرق الأوسط، كما أنها تعتقد أن طريقة الإعدام كانت “مستخدمة بشكل منهجي من قبل الفرس في القرن السادس قبل الميلاد”.

- مساحة اعلانية-

يشير البروفيسور بيريز إلى أن أقدم المعلومات المتوفرة أتت من زخارف مختلفة منقوشة على جدران القصور الآشورية، “على الجدران هناك رسومات تمثل المعارك والغزوات والطريقة التي تم بها إعدام السجناء. تشبه أساليب الخازوق عملية الصلب نوعاً ما”.

في عام 2003، شاركت سيليرز في كتابة مقال حول تاريخ و تشريح عملية الصلب، نُشر في المجلة الطبية الجنوب أفريقية.

وأوضحت أن الفرس قاموا بالصلب على الأشجار أو الأعمدة بدلاً من الصليب الرسمي.

ويضيف بيريز: “كان الجمع بين عقوبة الإعدام والسخرية من المحكوم عليه والموت الوحشي أمراً شائعاً. ومن الأساليب التي كانت متبعة تركهم معلقين على شجرة حتى يموتوا من الاختناق والإرهاق”.

كيف انتشر حول العالم؟

في القرن الرابع قبل الميلاد، جلب الإسكندر المقدوني العقوبة لدول شرق البحر الأبيض المتوسط.

تقول الدكتورة سيلييرز: “حاصر الإسكندر وقواته مدينة صور (في لبنان حالياً ) التي كانت منيعة إلى حد ما”. “عندما دخل المدينة أخيراً، قام بصلب 2000 شخص”.

طبق خلفاء الإسكندر هذه العقوبة في مصر وسوريا، وكذلك في قرطاجة، المدينة الكبرى في شمال إفريقيا التي أسسها الفينيقيون.

خلال حروب الرومان مع قرطاجة (264-146 قبل الميلاد)، تعلم الرومان هذه التقنية و”طبقوها لمدة 500 عام”، وفقاً للباحثة.

وتقول: “كانت الجيوش الرومانية تمارس الصلب أينما حلت”.

وفي بعض الأماكن التي نفذ فيها الرومان هذه العقوبة اعتمدها السكان المحليون أيضاً.

في عام 9 ميلادي، أمر الجنرال الألماني أرمينيوس بصلب الجنود الرومان بعد انتصاره في معركة غابة تويتوبورغ ، التي مثلت هزيمة مذلة للرومان على أيدي القبائل الجرمانية.

في عام 60 بعد الميلاد، قادت بوديكا، زعيمة قبيلة بريطانية قديمة تعرف باسم “أيسني”، تمرداً كبيراً ضد الغزاة الرومان وصلبت عدداً من جنودهم.

الأرض المقدسة

في إسرائيل القديمة، كان هذا النوع من العقاب شائعاً بالفعل قبل وصول الرومان.

يقول بيريز: “لدينا مصادر تتحدث عن عمليات صلب قبل الغزو الروماني للأراضي المقدسة”.

أحدهم مؤرخ وسياسي وجندي روماني يهودي، ولد في القدس في القرن الأول الميلادي، يدعى فلافيوس جوزيفوس.

في رواياته عن عهد الاسكندر جانيوس (125 قبل الميلاد – 76 قبل الميلاد)، الذي حكم اليهود لمدة 27 عاماً، تحدث عن عملية صلب جماعية حدثت في حوالي عام 88 قبل الميلاد.

كتب فلافيوس جوزيفوس: “بينما كان يحتفل مع محظياته في مكان مكشوف، أمر بصلب حوالي 800 يهودي، وكذلك قتل أطفالهم وزوجاتهم أمام أعينهم بينما كانوا لا يزالون على قيد الحياة”.

الرومان

وفقاً للدكتورة سيلييرز، كان الرومان هم من قاموا بدمج مجموعة متنوعة من العقوبات في عملية بالصلب بما في ذلك نموذج X منه.

“لكن، في معظم الحالات، استخدموا الصليب اللاتيني المعروف باسم تاو، الذي يشبه حرف تي ( T). يمكن أن تكون هذه الصلبان طويلة وعالية، لكن القصيرة منها كانت أكثر شيوعاً”.

كان الشخص الذي يعدم بالصلب يُجبر على حمل القسم الأفقي من الصليب إلى مكان الإعدام.

“إذا لم يكن الشخص عارياً، كانوا ينزعون عنه ملابسه ويجبرونه على الاستلقاء على ظهره مع مد يديه على طول الجزء الأفقي من الصليب”.

لم يكونوا يدقون المسامير في راحتي الضحية لأن المسامير قد تمزقها تحت ثقل جسد الضحية، في حين أن عظام الرسغ والساعدين تتحمل المسامير ووزن الجسد.

كان طول المسمار يصل إلى 18 سم وقطره 1 سم.

بعد أن يتم ربط الشخص المحكوم عليه بالصلب بالعارضة الأفقية، يتم رفعه وتثبيته في العمود الرأسي/العامودي، الذي يكون قسم منه مطموراً في الأرض كي يثبت في مكانه.

كان يمكن ربط القدمين أو تثبيتها على العمود الرأسي، إما واحدة على كل جانب من العمود أو واحدة فوق الأخرى.

في هذه الحالة كان يتم إدخال مسمار واحد في مشطي القدمين فيما الركبتان مثنيتان.

كان الألم الناجم عن ذلك لا يمكن تخيله، كان المصلوبون يعانون لساعات وأيام حتى الموت

يقول البروفيسور بيريز: “الكثير من الأعصاب تتأثر”.”على المصلوب رفع ساقيه كي يستطيع التنفس”.

لذلك “كان الشخص يفقد الكثير من دمه، عدا عن الألم الرهيب الذي لا يحتمل، وإذا لم يمت بذلك، فسيموت من الاختناق”.

في كثير من الحالات كان الموت بطيئاً، ويحدث مع توقف العديد من أعضاء الجسم”.

وتوضح الدكتورة سيلييرز أن ذلك كان ينتج عن انهيار نظام الدورة الدموية بسبب صدمة نقص كمية الدم، كان الضحايا يعانون من انخفاض كمية الدم والإصابة بالجفاف، وإذا لم يمت الشخص نتيجة لذلك فكان يموت بسبب الاختناق غالباً.

أيام من العذاب

وما يفاقم قسوة الإعدام أن العديد من المصلوبين كانوا يعانون العذاب لأيام حتى الموت، رغم من أن بعضهم كانوا يموتون في غضون بضع ساعات أيضاً.

يقول بيريز: “في بعض الحالات كان الجنود يقومون بضرب ركب الضحايا وكسر أرجلهم للإسراع بموتهم. بهذه الطريقة لا يستطيع المصلوبون رفع أنفسهم للتنفس باستخدام عضلات أرجلهم وبالتالي كان موتهم أسرع”.

أشد الأعداء

يقول البروفيسور بيريز إن الهدف من الصلب هو “إهانة وإذلال” المدانين.

“لقد كان موتاً مخصصاً لأشد الأعداء والهدف منه كان الاظهار للعالم بأن الرومان لن يتسامحوا مع مثل هذه الجريمة كائناً من كان مقترفها”.

كانت تلك العقوبة تطبق غالباً على العبيد والأجانب، ونادراً ما كان يطبق على المواطنين الرومان.

“الصلب في كثير من الحالات كان يطبق على من يتهم بالخيانة والتمرد العسكري والإرهاب وبعض الجرائم التي من شأنها أن تؤدي إلى إراقة الدماء”.

إلغاء عقوبة الصلب

ألغى الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول الصلب في القرن الرابع الميلادي، وأصبح أول إمبراطور روماني يعتنق المسيحية.

لقد تبنى الدين المسيحي وحصل أتباعه على امتيازات خسرتها الأديان التقليدية، مما جعل الإمبراطورية الرومانية مسيحية.

لكن العقوبة ظلت تطبق في أماكن أخرى.

 ففي عام 1597، تم صلب 26 مبشراً في اليابان، مما أدى إلى بداية فترة طويلة من اضطهاد المسيحيين في ذلك البلد.

تم وضع علامة:
شارك هذه المقالة
ترك تقييم