قالت منظمة التجارة العالمية التي شاركت في مناقشات المنتدى الاقتصادي العالمي، بمنتجع دافوس السويسري، إن التحدي الذي يواجه التجارة لعام 2023 لا يتمثل فقط في تباطؤ النمو العالمي ولكن أيضاً في عدم اليقين، وأشارت المنظمة إلى أن الحرب في أوكرانيا والمخاوف بشأن فيروس كورونا وسلاسل التوريد الهشة قد دفعت عديداً من الدول إلى إعادة التفكير في نهجها في التجارة والتشكيك في مستقبل العولمة.
وحذرت المنظمة وغيرها من المؤسسات الدولية من أن تراجع العولمة سيؤثر سلباً على العالم وبخاصة الاقتصادات الناشئة، ولفتت المنظمة إلى أن السؤال المطروح على قادة العالم هو كيفية إنشاء أجندة جديدة للنمو العالمي، وقالت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نجوزي أوكونجو إيويالا “نقول إن مستقبل التجارة خدمات رقمية وخضراء، ويجب أن تكون شاملة”.
الأمن القومي
وكانت دول عديدة قد شهدت دفعة لنقل التصنيع إلى مستوى أقرب إلى طلب المستهلكين بعد صدمات العرض المرتبطة بإغلاق الموانئ والحرب في أوكرانيا والوباء، علاوة على ذلك، تسببت المخاوف بشأن الأمن القومي في تشكيك عديد من الدول في اعتمادها المفرط على بلدان معينة للحصول على سلع وخدمات حيوية، مثل الاعتماد الأوروبي على الطاقة الروسية.
وأشار رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة “بلاك روك” لورانس دي فينك، الذي شارك في مناقشات مستقبل التجارة، إلى أنه بالنسبة للولايات المتحدة، من المرجح أن تكون المكسيك إحدى الدول المستفيدة الرئيسة من إعادة تشكيل الولايات المتحدة سلاسل التوريد، بالنظر إلى القوى العاملة المتعلمة في المكسيك والأجور المنخفضة والنقل بالسكك الحديدية والمناخ السياسي المؤيد للأعمال التجارية. وأضاف “لكن المكسيك لن تكون المستفيدة الوحيدة من هذا التغيير” مستشهداً بأوروبا الشرقية وتركيا وإندونيسيا وأجزاء أخرى من جنوب شرقي آسيا كذلك.
من جانبها، قالت إيويالا إن مستقبل التجارة يجب أن يعطي الأولوية للشمولية أيضاً، وأضافت أنه نظراً لأن بلداناً عديدة تعطي الأولوية للأمن القومي في سياستها التجارية، فهناك خطر من أن “دعم الأصدقاء” من شأنه أن يوزع مكاسب النمو الاقتصادي بشكل غير متساوٍ، “عندما نتحدث عن مشاركة الأصدقاء، لا أعرف من هو الصديق”، وأضافت منتقدة “لم أسمع ذكر دول في أفريقيا من قبل”.
أجندة تجارية
يعد إنشاء أجندة تجارية تعطي الأولوية للشمولية وإزالة الكربون من الأولويات الرئيسة، وكانت حكومات أوروبية عدة رحبت بتبني مبدأ الاستدامة في السياسة الاقتصادية الأميركية.
من جانبه قال رئيس وزراء بلجيكا ألكسندر دي كرو الذي شارك في المناقشات “لا يمكن للعالم إلا أن يكون سعيداً لأن الولايات المتحدة قد تحركت إلى الجانب الأيمن من الممر” في ما يتعلق بالمناخ، وأشار إلى أن القادة الأوروبيين لديهم مخاوف بشأن تفاصيل التشريع الأميركي الأخير، ولكن بشكل عام، فإن الخطوة الإيجابية تمنح أوروبا الفرصة للتركيز على مزاياها المحددة، مثل مرافق البحث والاستثمارات طويلة الأجل في طاقة الرياح، محذراً من أنه من دون مثل هذا التنسيق، هناك خطر يتمثل في أن أوروبا والولايات المتحدة تتنافسان ببساطة لتقديم مزيد من الإعانات والإعفاءات الضريبية للأعمال التجارية. وتابع كرو “اليوم، أصبحت السياسة الصناعية نقطة تركيز رئيسة للعديد من الدول التي تعيد التفكير في نهجها في التجارة. قبل خمس سنوات، لم تكن [السياسة الصناعية] موضوعاً مثيراً للغاية، واليوم هي على رأس جدول الأعمال”، مشيراً إلى أن المنتجات الطبية والألواح الشمسية ورقائق السيليكون والبنية التحتية للرقمنة أصبحت اليوم من بين الصناعات التي يتم إصلاحها بسبب الضغوط الجديدة لزيادة المرونة والأمن القومي.
بقاء الاستدامة
ويتطلب ضمان بقاء الاستدامة على رأس جدول أعمال التجارة العالمية التنسيق مع الوكالات المتعددة الأطراف مع سعي عديد من الدول إلى إبرام اتفاقيات تجارية ثنائية.
وأشار نائب المستشار الألماني روبرت هابيك، من جانبه، إلى أن ألمانيا تقول “نعم” لاتفاقيات التجارة الثنائية، ولكن في النهاية، “يتعين علينا التمسك بفكرة المؤسسات متعددة الأطراف”.
المصدر: إندبندنت عربية