تسعى الجزائر إلى الاستفادة من النخبة المهاجرة، في مجالات الابتكار والذكاء الاصطناعي واقتصاد المعرفة، مع مد جسور علمية لتبادل الخبرات مع طلبة الجامعات الجزائرية.
ويعد مراد بوعاش، الباحث في “سيليكون فالي” بولاية كاليفورنيا الأميركية، صاحب فكرة ندوة نظمت بالجزائر العاصمة، سميت بـ”المحاضرة” “the conference” بمعية الباحثين سوسن شدادي ومحمد سنوسي، وقد مثلت نموذجا جديدا من الندوات في الجزائر التي تهتم بالذكاء الاصطناعي.
ويحمل بوعاش فلسفة تفيد بأن “كل بلد يطوره أبناؤه، سواء المتواجدين في الداخل أو بالخارج”.
وهنا يقول لموقع “سكاي نيوز عربية”: “أؤمن بأن الجزائريين هم الذين يطورون بلدهم، لذلك أنطلق في مهمتي مع أبناء بلدي لتطوير هذا التخصص، سواء مع النخبة المتواجدة بالخارج أو من هم في الجزائر ويملكون مهارات عالية”.
بوعاش هو من بين أشهر الكفاءات الجزائرية المشهود لها في الخارج، في ميدان الذكاء الاصطناعي، وبدأ تجربته العلمية من الجامعة الجزائرية، ليفرض نفسه في أكبر مراكز البحث والجامعات العالمية.
واشتغل المهندس في الذكاء الاصطناعي، مسؤولا للبرمجيات في عملاق الإنترنت “ياهو”، كما أطلق مشروع مركز للذكاء الاصطناعي بجامعة سكيكدة شرقي الجزائر، بالشراكة مع الجامعة وجمعية “اي تاك” لطلبة الإعلام الآلي.
ويسهم حاليا في نقل خبراته بميدان الذكاء الاصطناعي إلى طلاب بلده.
وأرجع بوعاش فكرة “المحاضرة” “the conference” إلى المخيم الذي تم تنظيمه سنة 2019، وزيارة 3 جامعات من الشرق الجزائري، حيث عرفت الندوات تجاوبا واسعا من الطلبة، بخصوص مواضيع الذكاء الاصطناعي والقيادة والريادة والمقاولاتية، بحضور 1500 طالب.
يأتي هذا علاوة على الدورة التعليمية المجانية التي قام بها لمدة 9 أشهر، قبل سنتين، وتوجت بتوجه طلبة نحو إنجاز مشاريع ومؤسسات مصغرة على أرض الميدان.
وفي هذا الشأن، تم تنظيم نسخة أولى من ندوة سميت بـ”المحاضرة”، خصصت للتبادل بين طلبة الجامعات الجزائرية والفاعلين الجزائريين المقيمين بالخارج في مجال التقنيات العالية والابتكار والذكاء الاصطناعي، على مدار 3 أيام، انتهت الخميس.
وجمعت المحاضرة خبراء جزائريين من النخبة المتواجدة بالخارج، وترأس الندوة في اليوم الأول، وزيرا اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، والثقافة.
وتمت معالجة عدة مواضيع مهمة متعلقة بالذكاء الاصطناعي والبحث العلمي وابتكار البيانات والمقاولاتية، بمشاركة خبراء جزائريين مقيمين في الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وأيرلندا والإمارات وقطر.
وشرح بوعاش هذه الخطوة التي حظيت بحضور طلابي كبير، بقوله: “نريد استحداث نموذج جديد للمحاضرات التي يكون وراءها علماء جزائريون يعملون في كبرى المؤسسات العالمية، انطلاقا من الاستفادة من تجربتهم، ونركز على التخصصات التي تقع ضمن أولويات الجزائر، وهي الصحة، والأمن الغذائي، والطاقة، والطاقات المستدامة، والتعليم”.
وأضاف: “خلقنا جسرا لمدة 3 أيام بين النخبة المتواجدة في الخارج والطلبة بالجامعة الجزائرية، وشهدنا تجاوبا كبيرا حيث بلغت تسجيلات الطلبة 10 آلاف مسجل، علاوة على المتابعات عبر مواقع على الإنترنت”.
رهانات الذكاء الاصطناعي
ويحظى الذكاء الاصطناعي باهتمام واسع في الوسط العلمي الجزائري. وفي هذا الإطار تم إنشاء مدرسة وطنية عليا للذكاء الاصطناعي، افتتحت في الموسم الجامعي 2021-2022.
توفر هذه المدرسة تكوينا عالي المستوى للطلبة في مهارات الذكاء الاصطناعي، وتعد لبنة إضافية للمدارس العليا للإعلام الآلي في البلاد.
ويهدف هذا الاهتمام بالابتكار وتطوير الذكاء الاصطناعي، بحسب خبراء، للاستفادة من ثماره في قطاعات أساسية متعلقة بالصحة والأمن الغذائي والتربية والطاقة والتنمية المستدامة.
وفي هذا السياق، أشار بوعاش إلى أن “سوق الذكاء الاصطناعي يبلغ 379 مليار دولار في العالم، 40 بالمئة من المبلغ متواجد في الولايات المتحدة، وما تبقى في الصين وباقي العالم”.
وفي رده على سؤال عما يجب على الجزائر القيام به لإيجاد مكانة لها على خارطة الذكاء الاصطناعي في العالم، أكد المتحدث على “ضرورة تعميم الرقمنة لإخراج البيانات، فالرقمنة هي بمثابة الكهرباء الجديدة والبيانات هي نفط المستقبل”.
ودعا إلى “توسيع نجاح” المؤسسات الجزائرية الناشئة، والعمل على تحويل هذه المؤسسات للاعتماد على نفسها في التمويل، وبالتالي تتجه لاستحداث الثروة ودعم الاقتصاد الوطني.
ورأى بوعاش أن “مستقبل الذكاء الاصطناعي في الجزائر متواجد في الميدان الطاقي، بالنظر إلى إمكانيات البلد الكبيرة في الطاقة سواء الأحفورية أو المتجددة”.
كما أكد على أن “البداية مع الاهتمام بالخبرات الجزائرية وتمويل هذه الاستراتيجية، للوصول إلى تطبيقات وحلول في ميدان الطاقة، تضع الجزائر على رأس القائمة، ثم التوجه إلى ميادين أخرى في المستقبل”.