كرة القدم التي أصبحت أكثر من رياضة، بل تداخل فيها الاقتصاد، والمال، والشهرة، والسياسة، والإعلام، لها تاريخ طويل قبل أن تتحول تلك “الساحرة المستديرة” إلى هوس وجنون لدى مشجعيها.
مرت كرة القدم بمراحل تاريخية كثيرة، وتقول بعض المراجع إن تاريخها يعود إلى 2500 سنة قبل الميلاد، إذ مارسها الصينيون القدامى، وكانت تسمى “تسو تشو”، وكانت تعتمد على ركل لفائف من جلد الحيوانات المربوط من القطبين بخيط، وهي كانت أول لعبة تعتمد على الركل، وكانوا يقدمون الولائم للفريق الفائز ويجلدون الفريق المنهزم.
وتعتبر مراجع أخرى أن لعبة كرة القدم عرفت في اليابان وكانت تسمى باسم “كيماري” منذ 14 قرناً، وكانت تلعب في ملعب مساحته 140 متراً مربعاً. ثم جاء الإغريق والرومان بابتكار لعبة مشابهة للعبة الصينية، وتعتمد أيضاً على الركل لكن باستخدام أجسام كروية الشكل، وعرفت “باسم كالشيو” و”إبيسكيروس”.
وفي العصور الوسطى، كان تعيين المناصب القيادية يتم وفق مسابقة يتم فيها ركل جمجمة بطول طريق يقع بين بلدتين، وعرفها اليونانيون واليابانيون 600 سنة قبل الميلاد، والمصريون 300 سنة قبل الميلاد.
كما أن بعض آثار الشعر الجاهلي تدل على أن العرب القدامى مارسوا أيضاً هذه اللعبة.
ومارس الأوروبيون في العصور الوسطى اللعبة بواسطة كرة مملوءة بشعر أعراف الخيول.
إلا أن اللعبة، في شكلها الممارس اليوم، ظهرت في إنجلترا. ففي عام 1016، وخلال احتفالهم بإجلاء الدنماركيين عن بلادهم، لعب الإنجليز الكرة في ما بينهم بجماجم الدنماركيين، لأنها أقرب أعضاء الجسم شبهاً بالكرة، وأسهلها على التدحرج بين الأرجل، فمنعت ممارستها.
أما كرة القدم في شكلها الحديث فجاءت بعد اتفاق بين 12 نادياً إنجليزياً، في خريف عام 1863 في لندن، بعد قواعد أقرتها جامعة كامبريدج عام 1846 أقرت الطلاق النهائي بين رياضتي كرة القدم والرغبي، حيث تم منع حمل الكرة باليد مع أنه كان مسموحاً لمسها، ومنع كذلك توجيه الركلات للخصم، فركلات الأقدام يجب أن توجه للكرة فقط.
القوانين التي تحكم المشاهدة واللعب
عام 1314 أصدر عمدة لندن قراراً يحظر لعب كرة القدم، واعتُبر من يخالف هذا القرار مطلوباً للعدالة، وصدر مرسوم ملكي من الملك إدوارد الثاني يحظر لعب كرة القدم في شوارع لندن، وجاء فيه: “بسبب الضوضاء الكبيرة في المدينة، التي يسببها الاحتشاد حول تلك الكرات الكبيرة، والتي قد تخرج منها الشياطين لا قدّر الرب، فقد قررنا ومنعنا، باسم الملك، هذه اللعبة.
ويعرض نفسه للسجن من يمارسها مستقبلاً في هذه المدينة”. وفي عام 1576 تم الحكم على 14 شخصاً في مقاطعة “ميدليكس” بتهمة “التجمع غير القانوني” وممارسة لعبة تسمى كرة القدم، لما يمكن أن يتسببوا فيه من ضوضاء وحوادث أخرى خطيرة.
في منتصف القرن السابع عشر، وفي مدينة “مانشستر” وقعت حادثة عنيفة، عندما تسببت مباراة كرة قدم مقامة بالشارع في تكسير زجاج إحدى الكنائس، فما كان إلا أن أُقيمت محاكمة لأحد عشر شخصاً، وأوقع عليهم غرامة بلغت جنيهاً، وهو مبلغ كبير بحساب تلك الأيام.
وبعد المحاكمة، تجمع 100 شخص وتسلحوا بالسيوف والبنادق واقتحموا منزل العمدة وحطموا كل شيء في طريقهم.
وفي عام 1885 وبعد مباراة ودية بين “بريستون نورث إند” و”أستون فيلا”، قام المشجعون بمهاجمة لاعبي “بريستون” بالعصي والحجارة، وفقد أحد اللاعبين وعيه نتيجة الهجوم.
وفي العام الذي يليه جاء دور مشجعي “بريستون” للاعتداء على جماهير “كويننز بارك”، وبين عامي 1895 و1915 سجلت الصحف الإنجليزية 137 مواجهة مرتبطة بكرة القدم. لم يحدد اتفاق لندن عام 1863، عدد اللاعبين لكل فريق ولا أبعاد الملعب ولا ارتفاع المرمى ولا مدة المباراة، وكانت المباريات تستمر ساعتين أو 3 ساعات، وكان أبطالها يتبادلون الحديث ويدخنون حين تكون الكرة بعيداً، إلا أنه على رغم ذلك كان التسلل معروفاً، وكان من غير المقبول تسجيل أهداف من وراء ظهر الخصم.
ووفق ما ورد في كتاب “كرة القدم بين الشمس والظل”، ظهر الحكم عام 1872 وكان اللاعبون حتى ذلك الحين هم حكام أنفسهم، وعام 1880 كان الحكم يحمل جهاز توقيت في يده ليقرر متى تنتهي المباراة، وفي عام 1891 تم الاعتماد للمرة الأولى على مخالفة ضربة الجزاء، وذلك بعد أن خطا الحكم نحو 12 خطوة محدداً نقطة توجيه الضربة ومسافتها عن مرمى الخصم.
وشهدت كرة القدم مرحلة جديدة على طريق تطورها، إذ انتهى الاحتكار الإنجليزي للعبة بظهور الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عام 1904، الذي صار يحكم منذ ذلك الحين عالم كرة القدم. وعلى امتداد بطولات العالم بداية من نسخة 1930 في أوروغواي، التي بدأت بفكرة ابتكرها الفرنسي غول ريميه رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، أدخلت “الفيفا” تعديلات عدة على القوانين البريطانية التي نظمت اللعبة في بداياتها.
وشهدت السنوات التي أعقبت ظهور كرة القدم بشكل منتظم وفي مسابقات رسمية بين المنتخبات، تغييرات عدة في قوانينها، حيث تم استعمال الشباك في المرمى عام 1925 واللعب بلون موحد بين لاعبي الفريق الواحد، وفي عام 1937 تمت مراجعة خطوط الملعب وتم رسم قوس خارج منطقة الجزاء ليتساوى اللاعبون في المسافة نفسها عن الكرة عند تنفيذ ركلة الجزاء.
عام 1985 حصل حادث تدافع في “هيسل” في العاصمة البلجيكية بروكسل خلال لقاء جمع “ليفربول” و”يوفنتوس”، وراح ضحيته 39 مشجعاً، ما استدعى من حكومة مارغريت تاتشر حينها إصدار “قانون النظام العام”، ثمّ “قانون متفرج كرة القدم” 1989، وبعدها بسنوات صدر “قانون جرائم كرة القدم”، وكلها قوانين تنظم تصرفات المشاهدين في المدرجات. بعدها بسنوات أقرت تكلفة خيالية للاشتراك الموسمي لحضور المباريات، لردع المشجعين، لأن ارتكاب أدنى مخالفة تكلفتها الطرد.
كيف تطورت ماهية كرة القدم؟
لم تظهر الكرة المطاطية المغطاة بطبقة من الجلد، حتى أواسط القرن الماضي، بفضل تشارلز غوديير Charles Goodyear الكيميائي والمخترع الأميركي، حين استطاع أن يخترع طريقة لتقوية المطاط. وحصل غوديير على براءة اختراع لابتكار كرة من المطاط عام 1836، ثم تطورت الكرة ليتم صنع كرة من المطاط لكنها ذات ثقب واحد، يمكن فتحه لنفخ الكرة، ثم غلقه مرة أخرى، وكان ذلك عام 1862.
وتم وضع القياسات العالمية للكرة المستخدمة في لعبة كرة القدم عام 1872، إذ تم تحديد محيط الكرة بـ 28 بوصة، ووزن الكرة 15 أوقية.
وبعد سنوات تم دهن الكرة بدهانات صناعية، لا تسمح باختراق الماء لجلد الكرة، وكان لون الدهان برتقالياً، حتى يسهل رؤية الكرة أثناء تساقط الثلج، بل وتم التوصل لنوع من الصمامات المحكمة، لا تسبب تسريباً للهواء من الكرة أثناء ركلها واللعب بها، وذلك عام 1950، ثم تمَّ تغيير لون كرة القدم إلى اللون الأبيض، بدلاً من البرتقالي عام 1951.
لاحقاً، صمم المهندس المعماري ريتشارد فولر، شكلاً مستحدثاً من الكرة وتم استخدامها في كأس العالم لكرة القدم عام 1970، وكان ذلك التصميم عبارة عن 12 جزءاً خماسي الأضلاع، و20 جزءاً سداسي الأضلاع، يتم خياطتهما معاً، ثم نفخ الكرة بالهواء، وتم تلوينها بالأبيض والأسود حتى يسهل رؤيتها عبر شاشات التلفاز الأبيض والأسود.
أهم المحطات في تاريخ كرة القدم
1710 ظهور اللعبة في المدارس الإنجليزية.
1857 تأسيس نادي “شيفيلد” كأقدم نادٍ في العالم.
1862 وضع تشريعات الاحتراف.
1891 ظهور ضربة الجزاء.
1900 أول دورة أولمبية (باريس).
1904 نشأة الجامعة الدولية لكرة القدم (بدأت بسبع دول).
1912 أصبح بإمكان الحراس استعمال أيديهم داخل المربع.
1927 أصبح الهدف من الزاوية (الركنية) مباشرة جائزاً.
1929 تقرر تنظيم مباريات كأس العالم كل أربع سنوات مثل الألعاب الأولمبية.
1930 تنظيم أول مباريات لكأس العالم في أوروغواي.
1992 تنظيم أول مباريات لكأس العالم النسائية في الصين.
دورات نهائيات كأس العالم
-الدورة الأولى عام 1930 نظمت في أوروغواي، وفازت بها أوروغواي، وكان من المقرر أن تنظم الدورة الأولى في سويسرا عام 1905.
-الدورة الثانية عام 1934 في إيطاليا، فازت فيها إيطاليا (بداية النقل الإذاعي للمباريات).
-الدورة الثالثة عام 1938 في فرنسا، فازت فيها إيطاليا للمرة الثانية على التوالي.
-الدورة الرابعة عام 1950 في البرازيل، فازت فيها أوروغواي، جاء تنظيم هذه الدورة بعد توقف دام 12 عاماً بسبب الحرب العالمية الثانية.
-الدورة الخامسة عام 1954 في سويسرا، فازت فيها ألمانيا الغربية، تميزت الدورة بالنقل التلفزيوني المباشر للمرة الأولى لثماني مباريات.
-الدورة السادسة عام 1958 في السويد، فازت فيها البرازيل.
-الدورة السابعة عام 1962 في تشيلي، فازت فيها البرازيل.
الدورة الثامنة عام 1966 في إنجلترا، فازت فيها إنجلترا.
الدورة التاسعة عام 1970 في المكسيك، فازت فيها البرازيل.
الدورة العاشرة عام 1974 في ألمانيا الغربية، فازت فيها ألمانيا الغربية.
الدورة الـ11 عام 1978 في الأرجنتين، فازت فيها الأرجنتين.
الدورة الـ12 عام 1982 في إسبانيا، فازت فيها إيطاليا.
الدورة الـ13 عام 1986 في المكسيك، فازت فيها الأرجنتين.
الدورة الـ14 عام 1990 في إيطاليا، فازت فيها ألمانيا.
-الدورة الـ15 عام 1994 في الولايات المتحدة الأميركية، فازت فيها البرازيل.
-الدورة الـ16 عام 1998 في فرنسا، فازت فيها فرنسا.
-الدورة الـ17 عام 2002 بكل من اليابان وكوريا الجنوبية فازت فيها البرازيل.
-الدورة الـ18 عام 2006 في ألمانيا، فازت فيها إيطاليا.
-الدورة الـ19 عام 2010 في جنوب أفريقيا، فازت فيها إسبانيا.
-الدورة الـ20 عام 2014 في البرازيل بعد أن أتاح الاتحاد الدولي لكرة القدم نظام تبادل استضافة البطولة بين القارات، والذي تم إلغاؤه عام 2007.
-الدورة الـ21 عام 2018 في روسيا.
-الدورة الـ22 والحالية في قطر، وهي أول بطولة تقام في دولة عربية، وثاني بطولة في قارة آسيا بعد بطولة عام 2002.
المصدر: “إندبندنت عربية”