أعلن جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك”، يوم الخميس الماضي، أن إسرائيل ألغت 200 تصريح عمل للعمال الذين لديهم أفراد من عائلاتهم تورطوا في “عمليات عدائية”
هذه التصاريح الملغاة، هي جزء من نحو 15500 تصريح عمل لفلسطينيين من قطاع غزة، ووفقا للشاباك جاء القرار بعد اتهام عامل بالتخطيط لتنفيذ تفجير.
وبحسب القناة الرابعة والعشرين الإسرائيلية، قال المشتبه به الذي اعتقل في 30 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي للمحققين، إن أقاربه من حركة الجهاد الإسلامي، جندوه لزرع قنبلة في حافلة في جنوب إسرائيل، وأوضح “الشاباك” أن المشتبه به وجهت إليه لائحة اتهام في محكمة إسرائيلية.
وأكد خبراء أن الإجراءات الإسرائيلية تأتي “تحت ذرائع واهية” من أجل إرضاء الرأي العام الإسرائيلي، واليمين المتطرف، وتندرج تحت “اسم العقاب الجماعي”، والحصار الاقتصادي على الفلسطينيين، لا سيما في قطاع غزة.
اعتبر ثائر نوفل أبو عطيوي، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن المزاعم التي تسوقها إسرائيل بشأن إلغاء تصاريح العمل لعشرات الفلسطينيين، تأتي في إطار زيادة الضغط على قطاع غزة المحاصر منذ عدة سنوات، وتحميل العمال الفلسطينيين الذين يعملون داخل إسرائيل اتهامات باطلة.
وأضاف أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية هي من يجري “الفحص الأمني” للعامل المتقدم للحصول على تصريح عمل من غزة، وهذا الإجراء مطبق ليس فقط على فئة العمال بل على كل فلسطيني من القطاع يريد الدخول لإسرائيل.
وأضاف المسؤولية هنا تقع على إسرائيل، وهذا بعيدا عن المبررات “الباطلة” والاتهامات التي ليس لها أساس من الصحة، التي تعمل من خلالها على إلغاء تصاريح العمال الفلسطينيين من قطاع غزة.
وأشار إلى أن العامل الذي يصدر تصريح له للعمل في إسرائيل هو بعيد كل البعد عن التفكير في القيام بأي عمل أو حتى مخالفة بسيطة تفقده وظيفته، نظرا للظروف المأساوية وحجم البطالة المتكدس الذي يعيشه القطاع بسبب الحصار المفروض.
وتابع: “يهدف الاحتلال من وراء إلغاء هذه التصاريح تضييق الخناق على العامل، وبقاء واقع الحياة الاقتصادية في القطاع تحت الحصار، وخاضع للاحتلال وقراراته الجائرة، وكذلك من أجل التحكم في مصير وحياة المواطنين، والسيطرة على لقمة العيش التي يحتاجها العامل الفلسطيني”.
ولفت إلى ضرورة تحرك كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية للوقوف مع العامل الفلسطيني في ظل الانتهاكات التي يتعرض لها من سلطات الاحتلال وأجهزته الأمنية، والتي على رأسها الاتهامات “الباطلة” التي يحاول أن يزج فيها العامل الفلسطيني، والتي منها حسب مزاعمه، محاولة بعض العمال تنفيذ عمليات ضد إسرائيل، وهو أمر غير منطقي ومرفوض.
من جانبه، اعتبر شرحبيل الغريب، المحلل السياسي الفلسطيني، أن إعلان إسرائيل إلغاء تصاريح وإقامات عشرات العمال من قطاع غزة، خطوة تندرج تحت عنوان العقوبات الاقتصادية، وتعد شكلا من أشكال الحصار على الشعب الفلسطيني تحت ذرائع “أمنية واهية”.
وأضاف أن هذه الذرائع يدفع ثمنها المواطن الفلسطيني كل يوم نتيجة حالة الضغط والاستنزاف الأمني الكبيرة التي تواجه صانعي القرار الإسرائيلي على الصعيد الأمني.
يأتي ذلك في إطار محاولة امتصاص الغضب في الرأي العام الإسرائيلي، وأن هناك إجراءات أمنية يتم اتخاذها لتخفيف “العمليات الفدائية الفلسطينية” التي تقع بين الحين والآخر في الضفة الغربية والقدس.
ويرى الغريب أن ما حدث أخيرا من عمليات في القدس يعتبر نقلة نوعية في “الفعل الفلسطيني المقاوم”، وتحديا جديدا لإسرائيل التي ما زالت تواجه أزمات سياسية في تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات.
وعن إمكانية استمرار هذه الإجراءات الإسرائيلية ضد العمال الفلسطينيين، توقع المحلل السياسي زيادة تضييق العقوبات الاقتصادية على الفلسطينيين، نظرا لحالة العجز والفشل الإسرائيلية تجاه وضع حد لوقف العمليات الفدائية في مدن الضفة الغربية المحتلة.
في السياق، اعتبر مصطفى الصواف، المحلل السياسي الفلسطيني المقيم في قطاع غزة، أن الإجراءات الإسرائيلية سياسة قديمة جديدة، حيث تعتقد القيادة الإسرائيلية أن هذا الأمر قد يشكل ضغطا على المقاومة من خلال العقوبات على العمال الفلسطينيين.
تمارس إسرائيل عقابا جماعيا ضد الفلسطينيين، وهو ما سيكون له تأثيرات ورد فعل سلبي على إسرائيل، التي تناست كيف كان العمال قبل الانتفاضة الأولى، وكيف صاروا بعد اندلاعها، متوقعا أن تعيد إسرائيل تصاريح العمل مرة أخرى كما في المرات السابقة، ولن تنجح فيما تسعى إليه.
ويرى الصواف، أن الرواية الإسرائيلية حول اعتقال عامل من غزة كان يستعد لوضع عبوة ناسفة في حافلة “مشكوك فيها”، نظرا لأن العمال لا يسمح لهم إلا بحمل ملابسهم خلال الدخول إلى الداخل المحتل.
وأضاف أنه لا يمكن أن يحمل العمال سلاحا، معتبرا أن هذا الادعاء الكاذب محاولة من جهاز الشاباك لصد السهام التي أطلقت عليه، وأكدت على فشله بعد عملية القدس، والتي لم يصل بكل ما يملك من أدوات وأسلحة لمعلومة عنها، لذلك هو يتخذ مثل هذه الإجراءات.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إن “محاولة الفصائل الإرهابية استغلال وظائف العمال في إسرائيل من أجل تنفيذ هجمات تهدد أرزاق مئات الآلاف من سكان قطاع غزة”.
يأتي هذا الإعلان بعد التفجير المزدوج في القدس، صباح الأربعاء الماضي، الذي أسفر عن مقتل إسرائيلي وإصابة 23 آخرين بينهم ثلاثة حالتهم خطيرة.
والأسبوع الماضي، أعلنت إسرائيل، سحب تصاريح العمل والإقامة من 500 فلسطيني من أقارب محمد صوف منفذ هجوم “أرئيل” المزدوج الذي أسفر عن مقتل 3 مستوطنين.