في وقت يعقد فيه اجتماع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مدينة مراكش في المغرب، أظهر تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لدول الشرق الأوسط الصادر عن الصندوق ارتفاع الدين الحكومي في إيران.
وتحدث الصندوق الدولي في تقريره الفصلي الأخير أنه من المتوقع أن يصل التضخم في إيران لهذا العام إلى 47 في المئة، ومضيفاً أنه إذا ما تحققت تغييرات اقتصادية في طهران فمن الممكن أن ينخفض هذا الارتفاع في التضخم خلال العام المقبل.
بطبيعة الحال، وبحسب رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، فإن التوقعات المتعلقة بتحسن الوضع التضخمي للاقتصاد الإيراني يمكن أن تتغير تحت تأثير هجوم حركة “حماس” على إسرائيل والحرب في قطاع غزة.
في هذا التقرير وهو الأحدث لصندوق النقد الدولي تبين أن النمو الاقتصادي الإيراني ما زال يعاني وبعيداً جداً عن النسبة المئوية المستهدفة في خطة التنمية السابعة وهي ثمانية في المئة، هذا ومن المفترض أن تصل نسبة النمو الاقتصادي إلى 2.5 في المئة خلال 2024، وهي أقل من النمو الاقتصادي لعام 2021 البالغ 3.8 في المئة وثلاثة في المئة لعام 2022.
ديون متراكمة
على رغم أن إحصاءات صندوق النقد والبنك الدوليين التي أعلن عنها في وسائل الإعلام الحكومية كدليل على الاستقرار الاقتصادي وأن الحكومة الحالية سيطرت على الأزمات، لكن مع الأخذ في الاعتبار تقارير صندوق النقد الدولي عن ارتفاع ديون حكومة إبراهيم رئيسي إلى 30 في المئة من الإنتاج القومي الإجمالي الذي يعادل 366 مليار دولار، فإن ديون الحكومة تجاوزت 110 مليارات دولار.
هذا ولم يتضح بعد ما الخطة التي تعتمدها الحكومة في ظل العقوبات الدولية والمشكلات القائمة ومنها النقص في النقد الأجنبي لتعويض هذا الدين، إضافة إلى ذلك، وبناءً على التوقعات، فإن حاجة النظام الإيراني في الوضع الحالي هي أن يصل سعر برميل النفط إلى 300 دولار.
وكما يبدو أن هذا هو الاحتمال المثير للقلق الذي دفع بالمسؤولين الإيرانيين إلى التحرك تجاه قبول شروط مجموعة العمل المالي (FATF) على رغم معارضة النظام السابق، وبحسب ما قاله عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام مجيد أنصاري، إنه في ظل الظروف الحالية حتى الصين وروسيا نصحتا طهران بالموافقة على جميع شروط مجموعة العمل المالي.
إن إدراج إيران في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي أجبر حكومة إبراهيم رئيسي على بيع النفط بسعر أقل من السعر العالمي، وفي الوقت نفسه لن تتمكن طهران من تحويل أموالها من دون خفض نسبة كبيرة من هذه الأموال في عملية الالتفاف على العقوبات.
وأيضاً ما قاله وزير الاقتصاد الإيراني إحسان خاندوزي بأن الحكومة تنفذ سياسات (FATF) بالقوانين المعمول بها، يظهر جلياً أنه حتى الرئيس إبراهيم رئيسي الذي كان معارضاً شديداً لهذه الاتفاقات الدولية في عهد حكومة حسن روحاني غير موقفه، نظراً إلى تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد.
كما أن من أهداف مشاركة رئيس البنك المركزي الإيراني في اجتماع صندوق النقد الدولي، هو الاجتماع مع مسؤولي الدول الأعضاء في مجموعة “بريكس”، وهي المجموعة التي تدعي إيران بالتعاون معها بدأت عملية التخلص من الدولار في الاقتصاد العالمي.
شروط مالية
في هذا السياق، وعلى رغم أن شائعة الموافقة على ما تبقى من شروط مجموعة العمل المالي (FATF) تظهر أنه حتى العضوية في مجموعة “بريكس” وشنغهاي على عكس ادعاء النظام الإيراني، لم يكن لها أي تأثير في إدارة العقوبات الدولية المفروضة على إيران، ومن ثم ليس أمام حكومة إبراهيم رئيسي سوى التراجع عن شعارات المقاومة وأن تدخل في إطار قوانين التجارة الدولية.
وإذا ما تمت الموافقة على شروط مجموعة العمل المالي في ظل العقوبات الدولية، فهذا يعني أن الاقتصاد الإيراني سيستغرق وقتاً طويلاً للوصول إلى التوازن النسبي، وفي غضون ذلك لن يكون أمام الحكومة الإيرانية أي وسيلة أخرى سوى خلق أموال غير مدعومة لتعويض العجز في الموازنة ومواجهة ارتفاع الدين، وهذا هو السبب الرئيس في زيادة التضخم.
المصدر: اندبندنت فارسية