بدأت القوات الروسية في إعادة انتشارها بمعظم مواقع القتال، وبالأخص في محور دونيتسك والجبهة الجنوبية، وذلك بعد ساعات من تعرض الأسطول البحري في البحر الأسود لهجوم أوكراني بجانب التقدم في باخموت شرقا.
التغييرات التكتيكية التي أجرتها روسيا، جاءت أيضا بعدما تعرضت شبه جزيرة القرم إلى هجوم صاروخي قوي هو الثاني من نوعه في 24 ساعة فقط، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بينهم قادة عسكريين بحسب كييف.
هدف ثمين
الهجوم على مقر الأسطول الروسي لم يكن الأول، فقد تعرض لاستهداف في 31 يوليو 2022، أصيب خلاله 6 أشخاص بجروح جراء ضربة بطائرة من دون طيار متفجرة على مبنى المقر، الذي بني على الطراز الكلاسيكي، ويقع في وسط سيفاستوبول بالقرب من حدائق ومتاحف يقصدها العديد من الأشخاص.
وفي أبريل 2022 تعرض الأسطول لضربة قوية بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الطراد “موسكفا”، سفينة القيادة في أسطول البحر الأسود الروسي، غرقت بعدما تعرضت لأضرار خلال هجوم على أوكرانيا.
في السياق يرى جولي ميتروخين المتخصص بالسياسية الدولية بجامعة تافريسكي الأوكرانية، أن العملية الأوكرانية الأخيرة في القرم يعزز قدرة كييف على إحياء الهجوم المضاد الذي تحدثت الكثير من الدوائر السياسية الغربية قبل الروسية عن بطئه وربما إخفاقه في كثير من الأوقات ولكن يمكن الآن الحديث عن قدرة الجيش الأوكراني على استعادة زمام الأمور كما كانت عليه قبل سبتمبر 2022.
بعيدا عن مناطق التماس
ويُضيف جولي ميتروخين، خلال تصريحاته لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن بلاده تطبق منذ فترة الضربات عن بعد للي ذراع الجيش الروسي بعيدا عن مناطق التمترس الدفاعية وخطوط الدفاع الروسية الحصينة، كما تضع أولوية مطلقة في المرحلة الحالية لنقاط الاستهداف وأهمها شبه جزيرة القرم.
وأعلنت أوكرانيا وفقا لرئيس الاستخبارات كيريلو بودانوف، أن الهجوم على مقر القيادة البحرية الروسية في القرم استهدف اجتماعا هاما مما تسبب في جرح 16 (من بين الجرحى قائد تجمع القوات الروسية في منطقة زابوريجيا العقيد جنرال رومانشوك، ورئيس أركانهم الفريق تسيكوف، وهناك شخصيات قيادية أخرى) ومقتل عدد كبير (9 على الأقل) من أعضائها من بينهم جنرالات وقادة أسطول البحر الأسود الروسي.
الأهمية الاستراتيجية
تشن القوات الأوكرانية في الآونة الأخيرة ضربات شبه يومية ضد القوات الروسية المتمركزة في شبه جزيرة القرم، التي تضم أسطول البحر الأسود الذي يُعد رمزا رئيسيا للوجود العسكري الروسي في المنطقة منذ قرون.
تتبوأ شبه جزيرة القرم موقعا متميزا يمنحها أهمية استراتيجية قصوى حيث تمتد حدودها من البحر الأسود وبحر آزوف ومضيق كيرتش وامتلاكها مدخلًا لمضيقي البوسفور والدردنيل مرورًا ببحري مرمرة وإيجه وصولًا إلى البحر الأبيض المتوسط.
وهنا يؤكد الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية سولونوف بلافريف، أن كييف تعتمد على الدعم الاستخباراتي الذي يمكنها من الهجوم على القرم بوجه خاص، لأن الغرب وواشنطن يعلمان أن لتلك المنطقة أهمية جيوسياسية وتشكل أهمية استراتيجية واسعة بالنسبة لروسيا، فهي تعد بوابة موسكو الوحيدة نحو بلوغ المياه الدافئة على البحر الأسود.
ويُضيف سولونوف بلافريف، خلال تصريحاته لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن أوكرانيا تحاول اتباع مسار “الضربات والطرق على مؤخرة الرأس” لإفقاد الجيش الروسي اتزانه وآخر الضربات استهداف مقر قيادة أسطول البحر الأسود الروسي بالصواريخ لتشتيت التفكير في مواقع مختلفة على البحر الأسود وبحر آزوف، بما في ذلك منطقة روستوف وشبه جزيرة القرم.
وكثفت أوكرانيا الهجمات على القواعد العسكرية الروسية وغيرها من المنشآت خلال شهر أغسطس الماضي، بما في ذلك الدفاعات الجوية في شبه جزيرة القرم؛ ففي الساعات الأخيرة أعلنت روسيا إسقاط الدفاعات الجوية خمسة صواريخ من أصل 6 صواريخ أطلقتها أوكرانيا صوب سيفاستوبول، أحد أكبر مدن القرم والتي يتمركز بها أسطول البحر الأسود.
ويُشير سولونوف بلافريف، إلى الأهداف المهمة لاستهداف سيفاستوبول ومقر القيادة الروسية البحرية والأسطول في القرم:
- رغبة القوات الأوكرانية بتعطيل خطوط الإمداد الروسية ووضع حد للسيطرة العسكرية الروسية على البحر الأسود.
- محاولة إرباك الدفاع الروسي من خلال مهاجمة خطوط إمداده ومراكز قيادته بعيدًا عن خط الجبهة.
- تجريد القيادة البحرية الروسية من مركز ثقلها في البحر الأسود وآزوف وشل حركته على قيادة تلك المنطقة.
- تفويت الفرصة على روسيا في استهداف الإمدادات الأوكرانية الآتية إلى زابوريجيا على خطوط المواجهة.
المصدر: سكاي نيوز