لا يتوقف الجدل حول ضرب الزوجات في مصر، فكلما خمدت نيران القضية الاجتماعية الشائكة أشعلتها حادثة، حتى أعادت واقعتان جديدتان الأزمة إلى الواجهة مرة أخرى.
وقبل يومين بثت سيدة مصرية فيديو في مركز شرطة مغاغة بصعيد مصر تشتكي فيه من اعتداء زوجها عليها بالضرب، في حين تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطعا مصورا لفتاة قالت إن زوجها اعتدى عليها أيضا.
وتقول البرلمانية المصرية أمل سلامة إنها تقدمت بمشروع قانون لتعديل المادتين 242 و243 من قانون العقوبات، لتغليظ عقوبة الاعتداء البدني من أي من الزوجين على الآخر بالسجن لمدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على 3 سنوات.
وتضيف النائبة لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه “في حالة وجود حالة تربص أو الاستعانة بآلات حادة أو أحد ذويه، وتسبب الاعتداء في عاهة مستديمة تتراوح العقوبة بين السجن 3 إلى 5 سنوات، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه مصري (حوالي 6500 دولار أميركي)”.
وتعرضت أمل سلامة لانتقادات واسعة في بدايات العام الماضي، عندما عرضت تعديل القانون لأول مرة، كونه كان يقتصر حينها على عقوبات بحق الرجل فقط، وهو ما يخالف المادة 53 من الدستور التي تنص على المساواة في الحقوق والحريات والواجبات العامة.
لكنها تراجعت عن مشروع القانون القديم، وأعادت تقديم مشروع القانون الحالي الذي يراعي المساواة بين الزوجين، ومن المنتظر مناقشته في البرلمان خلال شهر فبراير المقبل، بالتزامن مع مناقشة قانون الأحوال الشخصية بحسب ما تقول البرلمانية.
وفي المقابل يرى أستاذ الصحة النفسية بجامعة الأزهر سابقا طه أبو حسين، أن “الأسباب النفسية لممارسة العنف الزوجي تعود إلى مشاهدات تاريخية، فربما شاهد الطرف المعتدي والده يضرب والدته، أو قد يكون تعرض هو نفسه للعقاب البدني المهين”.
ويضيف أبو حسين ، أن “الإنسان يجب أن يتريث ويهدأ قليلا قبل أن يقدم على أي فعل، لأنه في حالة الغضب يستجيب لقدراته المتصلة بالطاقة البدنية قبل الاستجابة للقدرات المتصلة بالطاقة الذهنية، وهو سلوك أحمق يجلب المشكلات”.
لكن الأكاديمي المصري لا يرى في تغليظ العقوبة حلا للمشكلة الاجتماعية، فـ”الرجل يعتبر أن العقوبة قد تكون سببا في زيادة فجوة العلاقة بين الأزواج، كون العلاقات الزوجية ليست علاقات تعاقدية مادية مثل التجارة وغيرها”، معتبرا أن “الحل هو تعزيز الأسلوب العاطفي الذي يرقق العلاقة بين الزوجين”.
وترجع أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس سامية خضر، أسباب تفشي ظاهرة الاعتداء البدني في الأسرة إلى ضعف المرجعية الأخلاقية والقيمية في المجتمع، إذ تشير إلى “غياب التنشئة الأسرية الصحيحة، فضلا عن ضعف محتوى البرامج النسوية، وغياب برامج الأطفال المفيدة”.
وتضيف خضر أنه “من الضروري العمل على استعادة التقاليد المصرية التي كانت تعكسها أعمال درامية قديمة. نرى كثيرا من الأعمال الدرامية تبرز الخيانات الزوجية بشكل فج، ولا أرى أن هذه هي الصورة الحقيقية للمجتمع المصري. نحن هنا لا نطالب بنقل صورة ملائكية عن المجتمع، لكن كل ما في الأمر أننا نريد الاعتدال في تقديم المحتوى الدرامي”.
وتشكو الأكاديمية المصرية أيضا من معالجة هذا النوع من الحوادث في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، قائلة: “الأمر أصبح أقرب إلى التحريض منه إلى التقويم وإصلاح الذات”.
وتقول: “قبل 20 عاما كان معدل الطلاق في مصر حالة طلاق كل 11 دقيقة، أما اليوم فهناك حالة كل دقيقتين تقريبا (بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبة للإحصاء لعام 2020)”.
كما تشير الأكاديمية المصرية إلى أهمية دور التشريعات في ردع هذه السلوكيات، لكنها في ذات الوقت تؤكد على ضرورة أن يرافق التشريعات نشر الوعي بأهمية الحوار داخل الأسرة، من خلال تعزيز ذلك في المدارس والدراما والإعلام وكل وسائل التوعية.
وعن خروج بعض السيدات في مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي تشكو من عنف الأزواج، تقول خضر إن “هذا السلوك مرفوض. يجب معالجة مثل هذه المشكلات داخل الإطار الأسري الضيق، لكن للأسف أحيانا بعض السيدات لا يجدن طريقا آخر غير الوسائل العلنية، لأنهن لم يتعلمن كيفية معالجة المشكلات”.المصدر: سكاي نيوز عربية