أعلن المكتب الوطني للسكك الحديدية في المغرب، اتخاذ خطوة جديدة في اتجاه “المصالحة مع البيئة”، وذلك عن طريق تشغيل جميع قطارات “البراق” عالي السرعة، بالطاقة النظيفة، ابتداء من يناير الجاري.
وحسب بيان للمكتب، اطلع موقع “سكاي نيوز عربية” عليه، فإن “المؤسسة التابعة للحكومة، تنخرط من خلال هذا التحول البيئي في الاستراتيجية الطاقية الوطنية التي تنهجها المملكة، تحت قيادة الملك محمد السادس، والتي تضع الطاقات المتجددة في قلب المزيج الطاقي للمغرب”.
وكشف المكتب أيضا أنه يعمل على تفعيل انتقاله الأخضر بصفة تدريجية، حيث يقوم بتعويض ربع استهلاكه الطاقي بالطاقات البديلة، لترتفع إلى النصف سنة 2023، قبل أن يشمل هذا التحول، على المدى المتوسط، مجموع حاجياته.
وفي تعليقها على الموضوع، قالت رئيسة التسويق بالمكتب الوطني للسكك الحديدية، نصيرة البشاري، إن هذا التحول الطاقي “يبرهن على التزام المؤسسة بحماية البيئة”.
وأضافت في تصريح لموقع “سكاي نيوز عرب”: “نحن كمؤسسة قمنا بتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الخاصة بنا، بما يقدر بـ120 ألف طن في السنة، أي ما يعادل غرس 4 ملايين شجرة، والكل يعرف الدور العظيم للأشجار في امتصاص الكربون”.
بالموازاة مع ذلك، تعمل مؤسسة القطارات المغربية على إعداد مبادرات استباقية تكرس التزامها البيئي؛ من بينها التصديق التدريجي لمختلف مواقع الشبكة، وفقا لمعايير السلامة البيئية والصحية، والإجراء المنتظم لدراسات التأثير البيئي بالنسبة لجميع المشاريع الكبرى، وإنجاز تقييم سنوي لإصدار الكربون، واعتماد نظام السياقة-الإيكولوجية، واستخدام اللوحات الشمسية البديلة في المحطات والمباني.
وفي إطار نفس الخطة، ستكون قطارات “البراق” الأولى التي تقدم رحلات صديقة للبيئة، باستخدام الطاقة الريحية بنسبة 100 في المائة، لتصبح بذلك بمثابة دعوة لسفر أفضل، أكثر أمانا وأكثر مسؤولية تجاه البيئة.
من جانبه، أشاد الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، محمد بنعبو، بخطوة الانتقال إلى الطاقات النظيفة، التي قام بها مكتب السكك الحديدية في المغرب، لا سيما أن قطار “البراق” الذي يسير بسرعة تتجاوز 320 كلم في الساعة، يربط حاليا بين مدن كبرى، هي طنجة والقنيطرة والرباط والدار البيضاء، كما سيتم تمديد الخط ليصل إلى مراكش في السنوات القليلة المقبلة.
وحسب الخبير فإن “المغرب دخل سباقا مع الزمن في سبيل تحقيق الحياد الكربوني، عبر وضع خطة وطنية واضحة المعالم في أفق 2050″، مضيفا أن “هذه الخطة التي تهدف الرباط إلى تنفيذها، تهدف للانتقال من الطاقات الأحفورية ذات الأثر السلبي والملوِث إلى صفر كربون”.
واستطرد “المغرب اليوم يمتلك حوالي 50 مشروعا للطاقات المتجددة، بطاقة إجمالية تبلغ 4 آلاف ميغاوات، كما تم الإعلان عن ذلك في كوب-26 بغلاسكو. بالإضافة إلى ذلك فإن 60 مشروعا بيئيا آخر سيرى النور، كلها الآن قيد الدراسة والتطوير”.
واسترسل الخبير بتحليله، مؤكدا على أن “المغرب يشتغل على خطة كبرى مبنية على الحكامة الجيدة والمنتِجة. وتتجلى هذه الخطة في تشريع مجموعة من القوانين المتعلقة بالحفاظ على الطاقة وحماية البيئة، إلى جانب إحداث مؤسسات وطنية تشتغل على التنمية المستدامة وقضايا المناخ”.
وبحسب بنعبو، فإن المغرب الذي “استغل موارده الريحية والشمسية أحسن استغلال، سيبلغ في أفق سنة 2050، الحياد الكربوني ويصبح دولة لا تنتج الغازات الدفيئة، وفي مقدمتها غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان. ولا يمكن الوصول إلى هذا الهدف الكبير إلا بإدماج لتكنولوجيات خاصة تساعد على التخفيف من إنتاج هذه الغازات الدفيئة”.
طموح الحكومة
دخل المغرب التحول الطاقي من بابه الواسعة، وأطلق استثمارات ضخمة بغرض القطع مع الطاقات الأحفورية الملوثة للبيئة، والتركيز أكثر على إنتاج طاقات بديلة صديقة للبيئة.
وأوضح رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، في إطار مشاركته في أعمال مؤتمر “كوب-26” المنعقدة في مدينة غلاسكو في الفترة بين 31 أكتوبر و12 نوفمبر 2021، أن النموذج التنموي الجديد، الذي يطمح إليه المغرب، “حدد خمسة رهانات مستقبلية ينبغي رفعها في مجالات استراتيجية، من بينها البحث والابتكار والطاقة”.
وأشار خلال القمة العالمية للقادة حول تسريع الابتكار واعتماد التقنيات النظيفة، إلى أن هناك “مسارا بدأ منذ ما يفوق عقد من الزمن، من خلال استراتيجية طاقية طموحة، تستند أساسا على صعود الطاقات المتجددة، والنجاعة الطاقية والاندماج الإقليمي”.
وأكد أخنوش، أن المملكة “أضحت تمتلك أحدث بنيات البحث والابتكار في مجال الطاقات النظيفة، سعيا إلى مصاحبة التحول في هذا المجال”.