على مدار عام 2021، أجريت التبادلات التكنولوجية والعلمية بين الصين والدول العربية بشكل مكثف، ليصبح التعاون التكنولوجي من النقاط البارزة التي تقدم دعما قويا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية المحلية لدى الجانبين.
وأكدت “وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية” التي أصدرتها الحكومة الصينية في يناير عام 2016 على تعزيز التعاون الثنائي في مجال العلوم والتكنولوجيا، حيث أشارت إلى تسريع وتيرة إقامة آليات حكومية صينية وعربية للتعاون في الابتكار والإبداع العلمي والتكنولوجي، وتنفيذ برنامج الشراكة العلمية والتكنولوجية، وتشجيع التواصل بين المواهب العلمية الشابة وغيرها من الأمور.
وشهدت الصين والدول العربية تقدما مستمرا في تعزيز التعاون والتبادل التكنولوجي حسبما نصت عليه الوثيقة المذكورة سابقا. وفيما يلي أبرز جوانب التبادل والتعاون الصيني العربي في مجال العلوم والتكنولوجيا في عام 2021 :
- أمن البيانات
في يوم 29 مارس 2021 ، أصدرت وزارة الخارجية الصينية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية “مبادرة التعاون بين الصين وجامعة الدول العربية في مجال أمن البيانات”، مما جعل الدول العربية أول منطقة في العالم تطلق مع الصين هذه المبادرة في مجال أمن البيانات.
وتعد المبادرة نموذجا يحتذى به لتعزيز الحوكمة الرقمية العالمية في ظل التطور الهائل للثورة التكنولوجية والمعلوماتية، وستعزز تعاون الجانبين في مجال الاقتصاد الرقمي. إلى جانب ذلك، من شأن المبادرة أن تثري التعاون الصيني-العربي في مجال الاقتصاد الرقمي.
- المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا
قد أصبح المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا الذي تأسس في عام 2015 ، منصة مهمة لإجراء وتعميق التعاون والتبادل العلمي والتكنولوجي بين الصين والدول العربية وحتى الدول المشاركة في مبادرة “الحزام والطريق”. وحتى عام 2021 ، أنشأ المركز ثمانية مراكز فرعية لنقل التكنولوجيا في جامعة الدول العربية والسعودية والأردن وعمان والإمارات ومصر والسودان والمغرب، ليشكل شبكة عمل لنقل التكنولوجيا تضم قرابة 5000 عضو من داخل الصين وخارجها، إلى جانب تنفيذ مجموعة من المشروعات الدولية لنقل التكنولوجيا في مجالات إنتاج التمر وبناء الشبكة اللوجستية وإنتاج معدات ذكية وصديقة للبيئة لتوفير المياه وغيرها.
- نظام الري الموفر للمياه
قام فريق بحثي بقيادة الأستاذ سون تشاو جيون في جامعة نينغشيا بمنطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي في شمال غربي الصين، بتطوير نظام ري موفر للمياه يعتمد على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتحكم الذكي من خلال تطبيق عبر الهاتف المحمول وتكنولوجيا معدات الري بالتسريب تحت الأرض.
وقد تم تصدير هذه المعدات إلى عدة دول عربية في السنوات الأخيرة، بينما وقعت جامعة نينغشيا على اتفاقيات تعاون مع عمان وقطر منذ عام 2017 ، لتعزز التطبيق النموذجي لنظام الري الموفر للمياه والمعدات الصديقة للبيئة ذات الصلة في المجتمع المحلي.
وحسب الأستاذ سون، فإن إحدى الميزات الرائعة لهذه المعدات هي استخدام أنابيب التسريب تحت الأرض، حيث يمكن لهذا النوع من خطوط الأنابيب تعديل طولها ومواقع تسريب المياه وفقا لاحتياجات الزراعة، مما يحسن مشكلة هدر المياه في المناطق غير المزروعة.
- الطاقة النظيفة
في الوقت الذي أعلنت الصين فيه أنها ستسعى جاهدة إلى بلوغ ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، تسعى الدول العربية أيضا بنشاط إلى تنويع هيكل الطاقة بها لتجنب الاعتماد المفرط على الوقود الأحفوري.
وذكر تشانغ جيان هوا، رئيس الهيئة الوطنية للطاقة، خلال منتدى الطاقة الصيني العربي في أغسطس عام 2021، ذكر أن “الصين مستعدة لمساعدة الدول العربية على تسريع التحول نحو الطاقة منخفضة الكربون، وستساعد الدول العربية على تطوير واستخدام موارد طاقة الرياح والطاقة الشمسية على أساس الظروف المحلية”.
- نظام “بيدو”
حققت الصين والدول العربية نتائج ملموسة في التعاون بشأن نظام “بيدو” الصيني للملاحة عبر الأقمار الصناعية (BDS) بعد انعقاد منتدى التعاون الصيني-العربي لنظام (بيدو) للملاحة عبر الأقمار الصناعية في شانغهاي في عام 2017، حيث يتناول هذا التعاون مجالات تشمل التحديد الفوري للمواقع ورسم خرائط الأراضي والنقل والزراعة الدقيقة والرصد البيئي، ومن المتوقع أن يستشرف مستقبلا واعدا.
وحسب خطة العمل للتعاون بين الصين والدول العربية في مجال الملاحة عبر الأقمار الصناعية (2022-2023) الصادرة بعد عقد الدورة الثالثة لمنتدى التعاون الصيني العربي لبيدو عبر دائرة الفيديو في ديسمبر 2021، سيتم إنشاء مركز جديد أو مركزين جديدين في الدول العربية، بعد افتتاح المركز الأول في تونس في أبريل 2008، ليكون بمثابة منصة مفتوحة للتعاون في هذا المجال، علاوة على أن تنفذ الصين والدول العربية بشكل مشترك 5 مشاريع تجريبية على الأقل تعتمد على نظام “بيدو”، في المجالات الرئيسية من خلال تطبيق “BDS” و”GNSS” (النظام العالمي للملاحة عبر الأقمار الصناعية) خلال فترة ما بين عامي 2022 و2023.
كما أوضحت الخطة أن الصين ستنظم دورات تدريبية خاصة للمتدربين العرب كل سنة في مجال تقنية الملاحة عبر الأقمار الصناعية ، وستقدم منحا دراسية لـ5 طلاب من الدول العربية للحصول على درجة الماجستير في مجال الملاحة والاتصالات، بالإضافة إلى تعزيز تبادل زيارات الأكاديميين بين الجانبين وغيرها. وستقوم الصين والدول العربية أيضا بإجراء اختبار وتقييم مشترك في إطار “BDS” و”GNSS”، وتطبيق “BDS” في البحث والإنقاذ الدولي وغيرها.