تناقش الولايات المتحدة والسعودية والهند ودول أخرى صفقة بنية تحتية محتملة، يمكن أن تعيد تشكيل التجارة بين الخليج العربي وجنوب آسيا، وتربط دول الشرق الأوسط بخط للسكك الحديد يصل الهند من طريق الموانئ، وفقاً لصحيفة “غارديان” نقلاً عن مسؤولين أميركيين.
وقال المسؤولون إن المحادثات التي شملت أيضاً الإمارات وأوروبا قد تسفر أو لا تسفر عن نتيجة ملموسة في الوقت المناسب للإعلان عنها، على هامش اجتماع زعماء “مجموعة الـ 20” هذا الأسبوع.
وقال أحد المسؤولين إن المحادثات جارية منذ أشهر، ومن المقرر أن يلتقى جو بايدن رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي خلال مشاركته في أعمال مؤتمر “مجموعة الـ 20” في نيودلهي.
مواجهة “الحزام والطريق“
تأتي خطط صفقة الموانئ والسكك الحديد الشاملة والمتعددة الجنسيات في وقت حرج ومن أجل مواجهة مبادرة “الحزام والطريق” الصينية للبنية التحتية العالمية، ويقدم بايدن واشنطن كشريك بديل ومستثمر في البلدان النامية في “مجموعة الـ 20″، وبخاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وإلى جانب التداعيات الدبلوماسية قال المسؤولون، إنهم يأملون في أن تؤدي صفقة البنية التحتية هذه إلى تقليل أوقات الشحن والكلفة واستخدام الديزل، وستجعل التجارة أسرع وأرخص.
استئناف مفاوضات التجارة الحرة
تعد الهند خامس أكبر اقتصاد حالياً، وثالث أهم اقتصاد من حيث تعادل القوة الشرائية، ومن المتوقع أن يصل اقتصادها إلى 5 تريليونات دولار بحلول عام 2030، وستظل واحدة من محركات النمو الرئيسة في العالم.
وتربط الهند ودول مجلس التعاون الخليجي علاقات تاريخية وتجارية واستثمارية قوية، إذ صرح وزير التجارة والصناعة الهندي بيوش جويال في أغسطس (آب) الماضي أن دول مجلس التعاون الخليجي تسعى إلى استئناف المفاوضات في شأن اتفاق التجارة الحرة مع الهند.
واتفقت نيودلهي ودول المجلس على استكشاف اتفاق التجارة الحرة عام 2004، ومع ذلك تم التخلي عن العملية بعد مناقشتين عامي 2006 و2008.
وقال جويال إن “علاقاتنا مع الشرق الأوسط تسير على مسار النمو، ونحن نجري حواراً مع عدد من دول مجلس التعاون الخليجي من أجل مشاركة أكبر في التجارة، ولدينا استثمارات كبيرة قادمة من دول مجلس التعاون الخليجي”.
مجلس التعاون أكبر شريك تجاري للهند
وتعد دول مجلس التعاون الخليجي أحد أهم وجهات التصدير للهند، وبلغت الواردات الهندية منها 133 مليار دولار خلال السنة المالية 2023، بزيادة 20.3 في المئة على أساس سنوي، ومن ناحية أخرى ارتفعت الصادرات الخليجية للهند 16.7 في المئة على أساس سنوي إلى 51.3 مليار دولار.
وبرز المجلس كأكبر كتلة شريكة تجارية للهند خلال السنة المالية 2021 – 2022، إذ بلغت قيمة التجارة الثنائية أكثر من 154 مليار دولار، وفقاً لوزارة التجارة والصناعة الهندية.
وقدرت قيمة صادرات الهند إلى دول المجلس بنحو 44 مليار دولار، والواردات بنحو 110 مليار دولار خلال السنة المالية 2021 – 2022، وفي الوقت نفسه بلغت قيمة التجارة الثنائية في الخدمات بين الهند ودول مجلس التعاون الخليجي نحو 14 مليار دولار، وقالت الوزارة إن صادرات الهند في هذه الفئة بلغت 5.5 مليار دولار، والواردات 8.3 مليار دولار للفترة نفسها.
100 مليار استثمارات سعودية – هندية خلال خمس سنوات
وبدأت العلاقات السعودية تكتسب زخماً منذ عام 2019، عندما زار مودي الرياض، إذ بدأت مع هذه الزيارة خطة شركة “أرامكو” السعودية للمشاركة في مشروع كبير لمصفاة التكرير والبتروكيماويات على الساحل الغربي للهند.
وكانت زيارة أكتوبر (تشرين الأول) 2019 هي الثانية التي يقوم بها مودي إلى السعودية خلال ثلاثة أعوام، في حين كانت الزيارة الأولى في أبريل (نيسان) 2016، وخلال زيارته الثانية، تم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم في مجالات مثل الطاقة والطيران المدني والدفاع وإطلاق برنامج بطاقات المدفوعات “روي باي”.
وخلال الأعوام القليلة الماضية وصلت العلاقات الاستثمارية الثنائية للسعودية مع الهند إلى مستوى جديد، إذ ارتفعت الاستثمارات إلى 4 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل حجم الاستثمارات والتبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة، في حين يقدر التبادل التجاري للبتروكيماويات بين البلدين بنحو 9.13 مليار دولار، و1.03 مليار دولار في المواد الزراعية والأسمدة.
وتصدر السعودية بموجب اتفاق موقع منتجات الكبريت الزراعية والصناعية إلى الهند ودول شرق آسيا بطاقة تزيد على 100 ألف طن سنوياً.
التجارة الهندية – الإماراتية
وترتبط الإمارات والهند بعلاقات تجارية واستثمارية قوية، إذ بلغ حجم التجارة الثنائية بينهما 84.5 مليار دولار خلال عامي 2022 -2023، وهناك نحو مليوني هندي يعيشون ويعملون في الإمارات، بحسب تصريحات الرئيس السابق للمجلس الهندي لرجال الأعمال والمغتربين في دبي باراس شهدادبوري لـ “اندبندنت عربية”.
18مليار دولار حجم الاتفاقات القطرية – الهندية
ووفقاً لوكالة تنمية وترويج الصادرات القطرية في بنك قطر للتنمية، فإن الهند “تعد شريكاً تجارياً استراتيجياً للغاية لدولة قطر، وحققت نمواً مطرداً على مدى الأعوام الماضية، فيما تجاوزت التجارة بين البلدين 18 مليار دولار عام 2022، وشهدت نمواً بنسبة 33 في المئة اعتبارا من عام 2021”.
الاستثمارات الكويتية – الهندية تسجل 12.5 مليار دولار
ووصلت التجارة الثنائية بين الهند والكويت إلى أعلى مستوى لها، إذ بلغت 12.5 مليار دولار، كما شهدت التجارة بين البلدين قفزة سنوية بـ 90 في المئة.
وبينما تميل حالياً نحو صادرات المواد الهيدروكربونية من الكويت وصادرات المنتجات الغذائية من الهند، فإن التجارة الثنائية لديها القدرة على التنويع.
1.98 مليار دولار بين المنامة ونيودلهي
وتعد الهند أيضاً شريكاً تجارياً تاريخياً للبحرين منذ حقبة اللؤلؤ والتوابل، وسجلت التجارة الثنائية بين البلدين نمواً بنسبة 54 في المئة عام 2021 – 2022، ووصلت إلى مستوى 1.6 مليار دولار بعد أن ظلت أقل من مليار دولار في الماضي، وخلال الفترة ما بين 2022 و2023 سجلت نمواً إضافياً بنحو 20 في المئة لتبلغ 1.98 مليار، بحسب موقع السفارة الهندية في البحرين، وفي الـ 23 من يناير (كانون الثاني) الماضي كانت التجارة لمصلحة المنامة، إذ تعد نيودلهي من بين أكبر 10 شركاء تجاريين للبحرين.
ازدهار اقتصادي بين نيودلهي ومسقط
كما أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الهند وسلطنة عمان آخذه في القوة والازدهار، إذ بلغ حجم التجارة الثنائية خلال السنة المالية 2021-2022 ما قيمته 9.988 مليارات دولار، وبلغت الاستثمارات للعام 2022-2023 بين البلدين 12.388 مليار دولار.
وكانت التدفقات في كلا الاتجاهين قوية كما يتضح من عدد من المشاريع المشتركة، إذ إن هناك أكثر من 6 آلاف مشروع مشترك بين نيودلهي ومسقط، إضافة إلى مشاريع هندية كبيرة في السلطنة باستثمارات تقدر بأكثر من 7.5 مليار دولار.
شراء النفط الخليجي بالعملات المحلية
وتعد السعودية مورد طاقة موثوقاً للهند، إذ تستورد الأخيرة 85 في المئة من النفط الخام و54 في المئة من الغاز الطبيعي وتدفع بالدولار.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي بدأت الهند محادثات مع السعودية في شأن التجارة بالروبية والريال، حتى مع التزام الدولة الواقعة غرب آسيا والغنية بالنفط باستثمار 100 مليار دولار في الهند، والتعاون في مشاريع مشتركة مثل مصفاة الساحل الغربي والبنية التحتية للغاز الطبيعي المسال والمنشآت الاستراتيجية، بحسب تصريحات مسؤول في منشآت تخزين النفط لصحيفة “هندوستان” الهندية.
وصرح المسؤول المطلع على التطورات آنذاك أنه بعد أن سمح بنك الاحتياطي الهندي في يوليو (تموز) الماضي بتسويات التجارة الدولية بالروبية، فإن عدداً من الدول، بما في ذلك روسيا وإيران، تستكشف خيارات للتجارة بالعملات المحلية، وقال “لقد فتح بنك الاحتياط الهندي خياراً آخر للدفع لتسوية التجارة الدولية، وهو أمر ممكن على المستوى الثنائي”.
الطاقة التقليدية والخضراء
وكان وزير التجارة الهندي عقد اجتماعات مع كبار المسؤولين في الرياض خلال زيارته السعودية في الـ 18 والـ 19 من سبتمبر (أيلول) 2022، ناقش خلالها القضايا المتعلقة بالتجارة الثنائية والاستثمار، مشيراً إلى أن الشريكين حريصان على التعاون في مجالات الطاقة التقليدية والخضراء.
وكانت الحكومة الهندية أعلنت في أغسطس الماضي أن نيودلهي وأبوظبي بدأتا تسوية التجارة الثنائية بعملتيهما المحليتين، إذ قامت أكبر شركة هندية لتكرير النفط بسداد مبالغ بالروبية لشراء مليون برميل من النفط الإماراتي.
وبحسب “رويترز” فإن “مؤسسة النفط الهندية” (IOC.NS) دفعت المبلغ لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وفقاً لبيان صادر عن السفارة الهندية في الإمارات نقلته الوكالة.
الغاز القطري
كما يتزايد اهتمام الهند بالغاز القطري، إذ تأمل شركة “بترونت” الهندية للغاز الطبيعي المسال تمديد اتفاق طويل الأجل لاستيراد الغاز مع قطر، بأسعار أقل من تلك التي عرضتها أكبر دولة مصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم أثناء الصفقات الأخيرة مع الصين وبنغلاديش.
وصرح الرئيس التنفيذي لشركة “بترونت” إيه كيه سينغ في يوليو الماضي أن المؤشرات تشير إلى أن الصفقات تمت بانحدار بنسبة 12و13 في المئة عن “خام برنت”، وعادة ما يتم التعبير عن أسعار عقود الغاز الطبيعي المسال كمنحدر أو نسبة مئوية لأسعار “خام برنت”.
وقال سينغ إن “بترونت” تعمل بجدية مع قطر لتمديد اتفاق طويل الأجل إلى ما بعد عام 2028، مضيفاً أن الشركة لديها مهلة حتى نهاية العام لاستكمال المفاوضات في شأن التمديد.
وتشتري “بترونت” في الوقت الحالي 8.5 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال بموجب صفقاتها مع قطر، مع تسعير يعتمد على منحدر يبلغ نحو 12.67 في المئة من “خام برنت”، إضافة إلى رسوم ثابتة تبلغ نحو 50 سنتاً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
كما تعتبر الكويت مصدراً مهماً لواردات النفط الهندية، إذ بلغت 9.12 مليار دولار خلال عام 2022 من النفط الخام، وفقاً لموقع “تريدينغ إيكونوميكس” نقلاً عن قاعدة بيانات منظمة الأمم المتحدة للتجارة الدولية (كومتريد).
المصدر: إندبندنت عربية