تشهد الولايات المتحدة الأميركية موجة حارة غير مسبوقة تسببت في سقوط عشرات الوفيات، وملء بعض المستشفيات، وعلى الرغم من تحذيرات الحكومة المتواترة للمواطنين بتجنب التعرض المباشر للحرارة، فإن القوانين الأميركية لا تكفل حماية كافية للموظفين الذين يجبرهم أصحاب الأعمال على العمل تحت الشمس الحارقة.
تصوغ إدارة السلامة والصحة المهنية معيار حرارة لأماكن العمل، إذ إن التغير المناخي يُنبئ باستمرار تواتر الطقس المتطرف، ومن غير المرجح أن تدخل القواعد الجديدة حيز التنفيذ قبل أعوام، هذا إن تم العمل بها من الأساس.
من ناحية أخرى، تعترض المصالح التجارية، بما في ذلك غرفة التجارة الأميركية، على إرساء تلك القاعدة، قائلة إن ظروف الحرارة الآمنة للعمال هي أمر معقّد ولا يمكن معالجته بسهولة من خلال مجموعة من المعايير والقواعد، إذ يلعب الاختلاف في الجهد والظروف البدنية دوراً في مخاطر الحرارة.
الموت بسبب الحرارة
يسرد مكتب إحصاءات العمل الأميركي 436 حالة وفاة في مكان العمل بين عامَي 2011 و2021 بسبب التعرض للحرارة العالية في مكان العمل، أي ما يقرب من 40 حالة في السنة، ولكن الخبراء يقولون إن هذه الأرقام أقل كثيراً من عدد الوفيات الفعلية التي تسببها الحرارة أثناء العمل؛ إذ هناك عمال يدرجون على أنهم يموتون لأسباب طبيعية أو بسبب نوبات قلبية في حين أن السبب في تلك النوبات هو الحرارة.
كيف تقتل الحرارة؟
قال دبليو لاري كيني، أستاذ علم وظائف الأعضاء وعلم الحركة في جامعة بنسلفانيا، إن ضربة الشمس هي حالة مميتة يمكن أن ترتفع فيها درجة حرارة الجسم الأساسية فوق 40 درجة مئوية، الأمر الذي يتسبب في صعوبة إرسال خلايا الدماغ الإشارات المطلوبة إلى الجسم، ويؤدي إلى فشل هائل في الأعضاء الحيوية مثل القلب والكلى والكبد.
كما أكد كيني أن الوظائف الداخلية أيضاً التي تتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس، لا يتجنب العاملون فيها الخطر، إذ يؤدي عدم وجود النسيم إلى تبخر العرق بشكل أقل، وأضاف «الطريقة الأساسية لتعامل جسد الإنسان مع الحرارة المرتفعة هي التعرق، الذي يبرد الجسم بتبخره، ولكن تحد الرطوبة العالية وعدم وجود النسيم من هذا التبخر، لذا يسبب العرق الجفاف دون المساعدة في تبريد الجسم».
المشكلة تزداد سوءاً
شهد العالم حرارة قياسية في وقت سابق من هذا الشهر، وسُجلت أكثر من 2300 حالة مرضية بسبب الحرارة في الولايات المتحدة وحدها خلال موجات الحرارة الأخيرة.
قدرت دراسة أجرتها مؤسسة “فرست ستريت” العام الماضي أن عدد المقيمين في الولايات المتحدة الذين سيواجهون يوماً واحداً على الأقل بمؤشر حرارة يزيد على 51 درجة مئوية -وهو مستوى في غاية الخطورة- سيرتفع من 8 ملايين هذا العام إلى أكثر من 100 مليون بحلول عام 2053.
قواعد السلامة
حتى دون قاعدة تُجبر أصحاب الأعمال على الالتزام بمقياس حرارة محدد، يمكن لإدارة السلامة والصحة المهنية تغريم أصحاب الأعمال بموجب قاعدة “الواجب العام” التي تتطلب أماكن عمل آمنة.
قال بيان صادر عن مساعد وزير الصحة والسلامة المهنية دوغ باركر “نحن نعلم أن الحرارة الشديدة هي مشكلة طويلة الأمد، وندرك الحاجة الملحّة لمعالجة آثارها المباشرة”، وأضاف البيان “إن لائحة إدارة السلامة والصحية المهنية ستعطي الوكالة أدوات إضافية لإنفاذ القانون في أماكن العمل التي يعرض أصحابها العمالَ للخطر”.
المصدر: CNN