تواصلت الاشتباكات في مدينة جنين في الضفة الغربية، ضمن عملية عسكرية واسعة شنّها الجيش الإسرائيلي ليل الأحد/الإثنين.
ويدورُ تبادلٌ لإطلاق النار بصورة مكثفة بين القوات الإسرائيلية ومسلحين فلسطينيين داخل مخيم جنين، وقال مسؤولون طبيون إن تسعة فلسطينيين قتلوا وأصيب 100 آخرون.
ولا يزال مئات الجنود من إسرائيل يواصلون عمليتهم داخل جنين ليل الاثنين، بعد أكثر من 20 ساعة من بدء العملية.
وبالإضافة إلى أزيز الطائرات بدون طيار في سماء المنطقة، يمكن سماع دوي طلقات نارية منتظمة وانفجارات عالية على مدار اليوم من مخيم اللاجئين المكتظ بالسكان، والذي يقطنه حوالي 18 ألف شخص والذي أعلنت إسرائيل أنه الآن منطقة عسكرية مغلقة.
وغطى الدخان الكثيف الناتج عن حرق الإطارات أجواء وسط المدينة. ونزل عدد قليل من الشبان الفلسطينيين إلى الشوارع، ووقفوا بالقرب من المحلات المغلقة، محدقين في قلق باتجاه المخيم.
وقطع الجيش الإسرائيلي الاتصالات الهاتفية والكهرباء عن المخيم، مما يجعل من الصعب الحصول على صورة دقيقة لما يحدث، كما يكافح مسعفون فلسطينيون للوصول إلى عشرات الجرحى هناك.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدر مطلع، أن الجيش الإسرائيلي بحاجة إلى 24 ساعة أخرى على الأقل لاستكمال العملية.
وأعلنت حركة حماس عن استعدادها للتدخل إذا “تمادت إسرائيل وواصلت عدوانها” في جنين.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي لبي بي سي: “لدينا أهداف محددة داخل مخيم جنين، وخاصة إلغاء الاعتقاد السائد بأنه مكان آمن للإرهابيين، ويمكن للأمر أن يستغرق ساعات أو يوما أو يومين”.
وساد الفلق والتوتر المستشفى الفلسطيني الواقع على المدخل الرئيسي للمخيم.
وقال رجل لبي بي سي: “قابلت صديق أخي. ذهبت إليه، وبالكاد نطقت بضع كلمات عندما سقط على الأرض. ركضت لأهرب، ثم أصبت برصاصتين”.
وقال رجل آخر إن المخيم يشهد “مذبحة”.
وأضاف “هناك أطفال ومدنيون ولا يسمحون لهم بالخروج”. وقال “انقطعت الكهرباء لدينا، لقد حفروا كل طرقنا. سيتم تدمير المخيم”.
وقالت جوفانا أرسينيجيفيتش، من منظمة أطباء بلا حدود الخيرية الطبية، لبي بي سي إنها كانت في مستشفى شهد إصابة أكثر من 90 مريضا بنيران أو شظايا عبوات ناسفة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه كان يعمل بناء على معلومات استخبارية دقيقة ولم يسع لإلحاق الأذى بالمدنيين، لكن العديد منهم وقعوا في مرمى النيران.
وسمح الجيش لحوالي 500 عائلة فلسطينية بمغادرة المخيم ليل الاثنين، ورفع البعض أيديهم أو لوحوا بأعلام بيضاء في إشارة إلى الاستسلام.
وقال أشخاص لبي بي سي إن الجنود أوقفوا بعض الرجال والصبية المراهقين، ولم يسمح لهم بالذهاب.
وقال الجيش الإسرائيلي إن اللحظات الأولى من عمليته ركزت على شقة سكنية تُستخدم لإيواء فلسطينيين هاجموا إسرائيليين، فضلا عن استخدامها مركزا لقيادة “كتيبة جنين”.
بدورها، أعلنت كتيبة جنين أنها أفشلت ثلاث محاولات للجيش الإسرائيلي بالوصول إلى مركز المخيم من جهة منطقة الدمج، فيما تستمر الاشتباكات المسلحة في محيط مسجد الأنصار في المخيم.
وتشير التقديرات إلى أن سائر ضحايا العملية سقطوا من الجانب الفلسطيني وأنهم شباب صغار السن، بعضهم من مقاتلي الفصائل.
ويقول المسعفون، إنهم يكافحون بشدة من أجل الوصول لعشرات الفلسطينيين الذين أصيبوا في خضم الحملة العسكرية الإسرائيلية وما نتج عنها من اشتباكات عنيفة.
في المقابل زعم مقاتلون فلسطينيون وقوع قتلى في صفوف الجنود الإسرائيليين، دون التحقق من هذه المزاعم بعد.
وأعلن الجانب الإسرائيلي عن تنفيذ عملية مشتركة للجيش الإسرائيلي والشاباك، عثر خلالها على منشأة لتصنيع المتفجرات في مخيم جنين للاجئين، فيها مئات العبوات الناسفة الجاهزة للاستخدام وأجهزة لاسلكية ذات اتجاهين ومعدات عسكرية، ودليل إرشادي لكيفية صنع عبوات إضافية.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه أغار أكثر من عشر مرات على أهدف في مخيم جنين، فيما ينظر إليه على أنه أكبر عملية أمنية إسرائيلية في الضفة الغربية منذ 20 عاماً.
وصدر عن وزير الخارجية الإسرائيلي أن بلاده لا تستهدف الشعب الفلسطيني، ولكن يتم استهداف “الجماعات المسلحة التي ترعاها إيران وتعمل في جنين”.
في المقابل، دعت حركة حماس إلى توسيع ساحات الاشتباك والمواجهة مع إسرائيل، رداً على ما قالت إنه مجزرة إسرائيلية في جنين، مؤكدة في ذات الوقت على ربط جبهات “المقاومة في المنطقة” استعداداً للرد.
وقال إسماعيل رضوان القيادي في حركة حماس في مقابلة مع بي بي سي إن حركته تُحمّل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن تداعيات الأحداث في جنين.
كما أدان حزب الله اللبناني العملية الإسرائيلية العسكرية في مخيم جنين ووصفه “بترويع المواطنين الفلسطينيين وتدمير ممتلكاتهم وأعمال القتل والاعتقال التعسفية والإرهابية التي تمارسها قوات الاحتلال بحقهم في ظل صمت عالمي وعربي يشجع العدو على التمادي بأعماله الإرهابية الخطرة”.
وأكّد وقوفه ودعمه الكامل للفصائل الفلسطينية في كل الخيارات “التي يرونها مناسبة لردع إسرائيل وحماية الشعب الفلسطيني ومقدساته”.
ووصف رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، العملية الإسرائيلية بأنها “محاولة جديدة لتدمير المخيم وتهجير أهله”.
وأدانت دول منها: مصر والأردن العملية العسكرية الإسرائيلية وطالبتا المجتمع الدولي بالتدخل.
وصدر بيان عن البيت الأبيض يوم الإثنين، قال فيه إنه يدعم أمن إسرائيل وحق الدفاع عن نفسها وإنه يراقب الوضع “عن كثب”.
وارتفع عدد القتلى الفلسطينيين منذ بداية العام الجاري الى 190 قتيلاً بينهم 36 في قطاع غزة، و154 في الضفة الغربية المحتلة، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.
المصدر: BBC