قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الثلاثاء، إن القوات الأميركية جاهزة للبقاء في العراق بدعوة من الحكومة العراقية، مع التزام بغداد بـ”حماية قوات التحالف من أي أطراف خارجية”، فيما شدد على أن حل الخلافات بين بغداد وإقليم كردستان العراق يسهم في تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي في البلاد.
وأضاف أوستن الذي وصل إلى العراق في زيارة غير معلنة مع اقتراب الذكرى الـ20 للغزو الأميركي للعراق في 19 مارس 2003: “بالنظر إلى الفترة القادمة فإن القوات الأميركية جاهزة للبقاء في العراق بدعوة الحكومة العراقية”.
وتابع: “نحن فخورون بدعم الشركاء وعلينا أن نتمكن من ضمان استمرار عمل القوات بأمان. أشكر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير الدفاع محمد سعيد العباسي، على التزام العراق من أجل ضمان أن قوات التحالف وبطلب من الحكومة العراقية سوف تكون محمية من أي أطراف خارجية”.
وقال إن قوات التحالف تركز على مهمة مكافحة تنظيم “داعش”، وأضاف: “ولكن من أجل تحقيق الهدف فإن القوات يجب أن تعمل بأمان، وهذه التهديدات والهجمات (الضربات الصاروخية على قواعد التحالف) تضعف من هذه المهمة”.
ولدى الولايات المتحدة حالياً 2500 جندي في العراق و900 جندي إضافي في سوريا للمساعدة في تقديم المشورة ومد يد العون للقوات المحلية في محاربة تنظيم “داعش” الذي سيطر في عام 2014 على مساحات شاسعة من الأراضي في كلا البلدين.
وتابع أوستن: “نتحدث اليوم عن رؤية طويلة الأمد من أجل شركائنا في الدفاع عن العراق ما يجعلنا قادرين على العمل على هزيمة داعش”.
وشدد على تفائله بمستقبل الشراكة الأميركية العراقية. وأعرب عن دعمه إعادة المواطنين الأجانب الذين كانوا جزءاً من تنظيم “داعش” إلى بلادهم.
وهذه هي أرفع زيارة لمسؤول أميركي إلى بغداد منذ تولي الرئيس جو بايدن الرئاسة في 2021.
ولدى وصوله إلى بغداد، قال أوستن على تويتر: “وصلت إلى بغداد. أنا هنا للتأكيد على الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والعراق”، مشيراً إلى أن البلدين يتحركان “نحو عراق أكثر أمناً واستقراراً وسيادة”.
وذكر مسؤول كبير بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) أن الزيارة تهدف إلى إظهار التزام واشنطن بإبقاء وجودها العسكري، بعد 20 عاماً على غزو العراق، الذي أطاح بالرئيس العراقي السابق صدام حسين.
وقال المسؤول الدفاعي الكبير الذي تحدث بشرط عدم ذكر اسمه: “ما سيسمعه العراقيون من أوستن، هو التزامنا بإبقاء قواتنا، ولكن الأمر لا يتعلق فقط بالأداة العسكرية. الولايات المتحدة مهتمة بشكل واسع بشراكة استراتيجية مع الحكومة العراقية”.
وأوستن آخر قائد للقوات الأميركية في العراق بعد الغزو. وبدأ أوستن الأحد جولة شرق أوسطية بدأها من الأردن، وتشمل مصر، وإسرائيل. ولم يكن العراق على جدول الزيارة.
“تعزيز العلاقات“
ولدى استقباله أوستن والوفد المرافق له، شدد رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني، على حرص الحكومة على تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وتوطيدها على مختلف المستويات والصعد.
وأشار إلى نهج الحكومة العراقية في “اتباع علاقات متوازنة مع المحيط الإقليمي والدولي تستند إلى المصالح المشتركة واحترام السيادة”.
وأكد أن استقرار العراق “مفتاح لأمن المنطقة واستقرارها”، مشيراً إلى دور العراق في تقريب وجهات النظر وخفض التوترات بالمنطقة.
واستعرض السوداني وأوستن، التعاون المشترك وأداء القوات الأمنية العراقية في مكافحة الارهاب، وملاحقة تنظيم “داعش”.
زيارة إلى أربيل
وزار أوستن إقليم كردستان العراق، والتقى مع رئيس الإقليم، نيجيرفان بارازاني.
وفي مؤتمر صحافي بالإقليم، دان أوستن “الهجمات الإيرانية المستمرة” على إقليم كردستان، مشدداً على ضرورة أن تعمل بغداد وأربيل سوياً.
واعتبر أوستن في مؤتمر صحافي، أن حل الخلافات بين بغداد وأربيل يسهم في تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي في البلاد.
وتعهد أوستن بأن تواصل الولايات المتحدة حربها ضد تنظيم “داعش”، وأكد دعم بلاده لمذكرة التفاهم بين قوات البيشمركة والولايات المتحدة.
داعش
وتنظيم “داعش” الآن بعيد كل البعد عن قوته الهائلة التي كان عليها في السابق، لكن خلاياه من المتشددين لا تزال موجودة في أنحاء من شمال العراق وشمال شرق سوريا.
وقال مسؤولون سابقون وخبراء إن من أهداف زيارة وزير الدفاع الأميركي دعم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مواجهة النفوذ الإيراني في بلاده.
وبين الحين والآخر تستهدف جماعات مسلحة مدعومة من إيران في العراق القوات الأميركية وسفارة الولايات المتحدة في بغداد بالصواريخ. واقتربت واشنطن وطهران من صراع شامل في عام 2020 بعد مقتل القائد الكبير بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في هجوم بطائرة مسيرة.
وأضاف المسؤول بوزارة الدفاع “أعتقد أن القادة العراقيين لديهم نفس مصلحتنا في ألا يصبح العراق ساحة للصراع بين أمريكا وإيران”.
وسيلتقي أوستن مع السوداني وكذلك مع رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان برزاني، وسط نزاع طويل الأمد حول تحويلات الميزانية وتقاسم عائدات النفط بين حكومتي بغداد وكردستان.
آخر قائد للقوات الأميركية بالعراق
وعزت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش قرارها بغزو العراق إلى اعتقادها بأن حكومة صدام حسين كانت تمتلك أسلحة دمار شامل، لكنها أدركت لاحقاً، هي والقوات المتحالفة معها، أن هذه المخزونات لا وجود لها.
وأفاد مشروع تكاليف الحرب التابع لمعهد واتسون للشؤون الدولية والعامة بجامعة براون بمقتل ما يتراوح بين 185 ألفاً و280 ألف مدني عراقي في الحرب.
وكان أوستن قد أدلى بتصريحات في عام 2011 قال فيها إن الولايات المتحدة حققت أهدافها العسكرية في العراق حين كان يشغل منصب قائد القوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط.
لكن بعد ثلاث سنوات أعادت الولايات المتحدة آلاف الجنود إلى العراق وسوريا في عهد الرئيس السابق باراك أوباما بهدف دعم القتال ضد تنظيم داعش.
وقال جنرال مشاة البحرية الأميركية المتقاعد فرانك ماكنزي، الذي كان قائداً للقوات الأميركية في الشرق الأوسط حتى العام الماضي، إن زيارة أوستن للعراق أظهرت التزام واشنطن تجاه هذا البلد بعد الأخطاء السابقة.
وأضاف “إنها تعكس نهجاً أميركياً أكثر نضجاً تجاه العراق بعد القرار الكارثي من إدارة أوباما بالانسحاب لاحقاً. كان ذلك قراراً كارثياً”.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوادني، قال في كلمة ألقاها في مؤتمر ميونيخ للأمن في 19 فبراير، إن بلاده ليست في حاجة إلى قوات قتالية من التحالف الدولي، بل إلى مستشارين لأغراض الأمن والتشاور، مشدداً على أن لا وجود لتنظيم “داعش” في العراق، ومؤكداً أن التنظيم “انتهى عسكرياً وميدانياً” في البلاد.
المصدر: الشرق