بدأت في لندن الإثنين، محاكمة عضو مفترض في خلية “بيتلز” التابعة لتنظيم “داعش” والتي تخصصت في تعذيب وإعدام الرهائن الغربيين في سوريا، بينما انطلقت أمام محكمة الجنايات الخاصة بباريس في اليوم ذاته، محاكمة شابة تعرف باسم “ضحى م”، على خلفية رحلتين إلى سوريا أجرت على هامشهما محاولات عدة للالتحاق بالتنظيم المتشدد.
عضو الـ”بيتلز“
وفي القضية الأولى يلاحق عضو خلية الـ”بيتلز” المفترض آين ديفيس (39 سنة) بتهم تتعلق بتمويل نشاط إرهابي عام 2014 وحيازة سلاح ناري في عامي 2013 و2014 “لأغراض تتعلق بالإرهاب”.
ونشطت خلية “بيتلز” في سوريا بين عامي 2012 و2015، وعناصرها الأربعة الذين نشأوا وأصبحوا متطرفين في لندن، متهمون بالإشراف على احتجاز ما لا يقل عن 27 صحافياً وعاملاً في المجال الإنساني من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا والدنمارك والسويد وبلجيكا واليابان ونيوزيلندا وروسيا.
وأطلق الرهائن الغربيون لقب الـ”بيتلز” على هذه المجموعة بسبب لكنة أعضائها البريطانية، واكتسبت هذه المجموعة شهرة من خلال تصوير إعدام رهائن في مقاطع فيديو دعائية.
واعتقل آين ديفيس في تركيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، وقضت محكمة محلية بسجنه سبع سنوات ونصف السنة بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية، لا سيما على خلفية انضمامه إلى منظمة محظورة.
وبعد الإفراج عنه جرى ترحيله واعتقاله في أغسطس (آب) الماضي لدى وصوله إلى لندن.
وأشهر عناصر المجموعة هو البريطاني محمد إموازي الملقب بـ”جون الجهادي”، وقد قتل في غارة بطائرة مسيرة أميركية في سوريا عام 2015 بعد أن ظهر في مقاطع فيديو عدة تصور عمليات ذبح.
وحكم القضاء الأميركي العام الماضي بالسجن المؤبد على عضوين آخرين في الجماعة، هما الشافعي الشيخ وأليكساندا كوتي، بعد أن اعتقلتهما قوات كردية في سوريا عام 2018.
في أبريل (نيسان) 2022، دين الشافعي الشيخ لدوره في مقتل الصحافيين الأميركيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف وعنصري الإغاثة الأميركيين بيتر كاسيغ وكايلا مولر.
وفي محاكمة الشافعي الشيخ، وصف 10 رهائن سابقين أوروبيين وسوريين من بينهم الصحافي الفرنسي نيكولا حنين، الفظائع التي تعرضوا لها على أيدي “بيتلز”، مثل الإيهام بالغرق والصعق بالكهرباء.
وفي عام 2014، صارت زوجة آين ديفيس، أمل الوهابي، أول شخص يدان في بريطانيا بتمويل “داعش” على خلفية محاولتها إرسال 20 ألف يورو إلى زوجها في سوريا، وحكم عليها بالسجن 28 شهراً.
محكمة الجنايات في باريس
في موازاة ذلك، انطلقت الإثنين أمام محكمة الجنايات الخاصة في باريس محاكمة شابة تعرف باسم “ضحى م”، على خلفية رحلتين إلى سوريا أجرت على هامشهما محاولات عدة للالتحاق بـ “داعش”، وتمثل المتهمة البالغة 32 سنة، بتهمة الاشتراك في عصابة إرهابية إجرامية.
وكانت “ضحى م” ذهبت مرة أولى إلى سوريا حيث أقامت نحو شهرين في نهاية عام 2013 ومطلع 2014، برفقة زوجها الأول التركي الجنسية.
واضطرت إلى اختصار إقامتها هذه بسبب مشكلات في الحمل. وبعد بضعة أسابيع في تركيا، عادت الشابة إلى فرنسا في ربيع عام 2014، حيث أنجبت طفلاً ذكراً توفي في اليوم التالي.
وأجرت المتهمة بعدها محاولات عدة للعودة إلى سوريا، من فرنسا وموريتانيا والمغرب ومقدونيا (مقدونيا الشمالية حالياً)، لكنها كانت في كل مرة تطرد من قبل السلطات التركية.
ونجحت في نهاية المطاف في دخول سوريا صيف عام 2015، مع زوجها التونسي الجديد وابنه البالغ بضعة أشهر حينها، بفضل بطاقة هوية مسروقة.
وبحسب التحقيقات، حين كان زوجها يحارب في صفوف التنظيم المتشدد، كانت “ضحى م” تعمل قابلة قانونية في العراق وسوريا، وقد أنجبت طفلة في مدينة الرقة، معقل التنظيم حينها في سوريا، في سبتمبر (أيلول) 2016.
وقد تركت التنظيم نهاية 2016، وانتقلت إلى مدينة خاضعة لسيطرة “الجيش السوري الحر” المعارض للنظام يومها، قبل الانتقال في مارس (آذار) 2017 إلى تركيا، حيث أوقفت مع طفلين، هما ابنتها وابن زوجها الثاني.
وأمضت الشابة أشهراً عدة في مركز للاعتقال، قبل طردها إلى فرنسا حيث خضعت للتحقيق وأودعت السجن.
وجرى التداول باسم “ضحى م” بعد أربع سنوات من عودتها إلى فرنسا وسجنها، بفعل محاولتها الهروب من مركز الاعتقال في منطقة فرين بضواحي باريس، ففي 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، نجحت الشابة في الفرار من زنزانتها بعدما حفرت حفرة باستخدام ملعقة وسكين، ونزلت من الطبقة الثانية بواسطة حبل صنعته عبر لف أغطية ومقتنيات شخصية، ثم تسلقت جداراً أول من باحة الممشى. إلا أنها وقعت في نهاية المطاف في قبضة طاقم السجن عند ممر قرب مدخل السجن.
وقد فتح مسار قضائي مستقل لا يزال جارياً على خلفية محاولة الفرار هذه.
المصدر: إندبندنت عربية