كشف مركز بحثي أميركي عن تضاعف هجمات ميليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، ضد السعودية، خلال العام الجاري مقارنة بـ2020.
جاء ذلك في تقرير لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، ومقره واشنطن، وتناول القدرات العسكرية الأساسية للحوثيين وشركائهم، وخاصة إيران، لشن هجمات ضد السعودية وأهداف أخرى، وكيف تطورت هذه القدرات.
وللإجابة عن هذه الأسئلة، حلل المركز 4103 هجمات حوثية ضد السعودية انطلاقا من الأراضي اليمنية، وضد أهداف أخرى، مثل الأهداف البحرية في الخليج العربي، بين 1 يناير 2016 و20 أكتوبر 2021.
وبحسب التقرير، فإنه خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2021، بلغ متوسط هجمات الحوثيين على السعودية 78 هجوما شهريا، مقارنة بـ38 هجمة كمتوسط شهري في 2020.
وأوضح أنه منذ 2015 بدأت ميليشيات الحوثي في توجيه جهودها نحو أهداف عسكرية سعودية باستخدام مخزونات من الصواريخ الباليستية التي حصل عليها اليمن قبل الأزمة، واستولوا عليها من المخزونات العسكرية اليمنية خلال انقلاب 2014-2015.
وفي عام 2016، تحول الحوثيون إلى استراتيجية تستهدف بشكل متزايد البنية التحتية الحيوية، وكذلك استهداف الأصول البحرية المدنية بالقرب من مضيق باب المندب.
ومن عام 2017 إلى عام 2020، استفاد الحوثيون بشكل متزايد من التحسينات في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار والذخائر الإيرانية المتقدمة والمركبات الجوية بدون طيار، ووسعوا نطاق استهداف ناقلات النفط السعودية، في محاولة لتعطيل سلسلة التوريد السعودية والتأثير على تدفق النفط.
وأشار إلى أنه ابتداءً من فبراير 2021، شن الحوثيون هجوما للاستيلاء على مأرب، وهي محافظة يمنية مهمة اقتصاديا وسياسيا، وستوفر للحوثيين سيطرة شبه كاملة على شمال اليمن، بما في ذلك البنية التحتية الرئيسية للنفط والغاز، مما يساعد على تحسين موقفهم التفاوضي.
وأوضح التقرير أن إيران بدأت في زيادة مساعدة الحوثيين مع اشتداد الحرب في اليمن 2014، وبقيادة فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، الذي قدم أنواعا عديدة من الأسلحة والأنظمة للحوثيين.
كما درّب فيلق القدس وحزب الله اللبناني مسلحي الحوثي، بما في ذلك تحسين تكتيكاتهم العسكرية، والمساعدة في تجميع واستخدام وصيانة الصواريخ والطائرات بدون طيار والأسلحة والأنظمة الأخرى.
وتابع: “لا يستخدم فيلق القدس الجسور الجوية والبرية لنقل الأسلحة والعتاد إلى اليمن، بل يستخدم العديد من طرق التهريب البحرية، فكثيرا ما فككت إيران أنظمة الأسلحة، ووضعتها في قوارب، ونقلتها عبر الموانئ”.
ولفت إلى أن إيران زودت الحوثيين بالأسلحة والتكنولوجيا للصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، والطائرات بدون طيار وصواريخ كاتيوشا 122 ملم، وأنظمة الدفاع الجوي المحمولة من طراز ميساغ -2 (MANPADS)، ومادة RDX شديدة الانفجار والصواريخ الباليستية، كما طور الحوثيون نسخة معدلة من صواريخ كروز الإيرانية بمساعدة من طهران.
كما دربت إيران حوثيين على استخدام الطائرات بدون طيار داخل حدودها، بما في ذلك قاعدة كاشان بالقرب من مدينة أصفهان.
ودعا سيث جونز، المحلل البارز في الأمن الدولي، الولايات المتحدة والحلفاء الدوليين إلى تسليط الضوء بقوة أكبر على الحملة العسكرية الحوثية والإيرانية ضد السعودية، وأهمية تقديم مساعدة أمنية إضافية للرياض للدفاع عن نفسها.
وأشار إلى أنه يمكن للولايات المتحدة أيضا المساعدة في توفير معلومات استخباراتية قابلة للتنفيذ حول موقع البنية التحتية للحوثيين في اليمن، وتعقب طرق التهريب الإيرانية.
الكاتب والمحلل السياسي اليمني، معين الصيادي، قال إن الدعم الإيراني لميليشيا الحوثي بدأ منذ عقود، وأخذت رقعة استهدافه في المجتمع اليمني أواخر القرن الماضي برعاية بدر الدين الحوثي تتسع فكريا وماديا، مرورا بدعم نجله حسين الحوثي ومؤسس حركة الشباب المؤمن الإرهابية الذي لقي مصرعه في إحدى معارك صعدة في سبتمبر 2004.
وأضاف الصيادي في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”: “أخذ الدعم الإيراني يزداد وسط إنكار شديد للطرفين “إيران والحوثي”، حتى انقلبت ميليشيا الأخيرة عسكريا على النظام الجمهوري وسيطرت على صنعاء في 21 سبتمبر 2014، وأخذت حينها قيادات إيرانية تظهر في تصريحات تأييدية للحوثيين، ومثلها حسن نصر الله الأمين العام لميليشيا حزب الله اللبناني.
وأوضح أن التحرك الإيراني كان يجري في عدة مسارات، فبينما دعمت الجانب الفكري والعقائدي للمئات من قيادات الحوثي الذين استقدمتهم على فترات سابقة متفاوتة، تحركت عسكريا بإلحاقهم في معسكرات تدريب تحت إشراف فيلق القدس، تلقوا فيها فنون حرب العصابات والاقتحامات داخل المدن وصناعة العبوات الناسفة والمفخخات وغيرها.
وأشار إلى أن إيران كانت تتوقع أن حرب اليمن ستنتهي بسيطرة أذرعها على صنعاء عسكريا، ولذلك كان مفاجئا لها استدعاء الحكومة اليمنية التحالف العربي وخوض حرب مشتركة لتتسع دائرة التدخل الإيراني وحزب الله بالمشاركة داخل اليمن مباشرة عبر خبراء تدريب وتسليح، لاسيما مع تضاعف الخسائر البشرية للأخيرين، بالتزامن دفعت بمئات الطائرات المسيرة عبر مطار صنعاء مع إعلان الحوثيين في مارس 2015 تسيير عشرات الرحلات أسبوعيا بين صنعاء وطهران تحت مسمى “اتفاقية تبادل تجاري”.
ولفت إلى أن الميليشيا استغلت تلك الرحلات لنقل خبراء تدريب وتسليح وصناعة متفجرات، إضافة إلى نقل أسلحة وطائرات مسيرة، احتفظت بمعظمها تخوفًا من أي عقوبات دولية إلى أن أعلنت أواخر العام 2016 عن إطلاقها طائرات مسيرة مصنوعة محليا.
وفي فبراير 2017 افتتحت معرضا لذلك، هي في حقيقة الأمر إيرانية وهو ما أثبتته تحقيقات خبراء عثروا على بقايا قطع لتلك المسيرات والصواريخ في مواقع استهدفتها الميليشيا في مأرب شرقي اليمن ومناطق أخرى بالسعودية، جميعها حملت بصمات وعلامات إيرانية، بحسب الصيادي.
ومضى قائلا: “ومع مشاهدتها -إيران- مشروعها يحترق أمام عينيها جراء الضربات الموجعة للحوثيين وخسارة عناصر لها من فيلق القدس وآخرين من حزب الله، لاسيما في معارك غربي مأرب، أعلنت طهران وحسن نصر الله تأييدهما العلني للحوثيين، حتى إن طهران قررت أن تقود الحرب الحوثية بشكل مباشر من قلب صنعاء”.
وتابع: “ما زالت إيران تمثل حجر الزاوية في حرب الحوثيين، ومصرع “سفيرها” لدى ميليشيا الأخيرة أصابها بحالة إرباك، ما يؤكد أن العام 2022 هو عام القضاء على النفوذ الإيراني في اليمن، بعد أن أصبح يهدد المنطقة العربية والملاحة الدولية، لاسيما في ظل إسناد التحالف العربي لليمنيين في معركة مصيرية للمنطقة ككل”.