عام على الاتفاق.. صفحة جديدة في علاقات المغرب وإسرائيل
يخلد المغرب وإسرائيل، الأربعاء، الذكرى الأولى للتوقيع على الإعلان المشترك الذي دشن استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب بعد تجميد دام لنحو عشرين عاما.
وبهذه المناسبة، عقد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، لقاء عبر تقنية الفيديو، مع نظيريه الإسرائيلي يائير لابيد والأميركي أنتوني بلينكن للاحتفاء بمرور سنة على توقيع الاتفاق الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل، بالعاصمة المغربية الرباط.
وقال بوريطة، الأربعاء، إن المغرب نفذ حتى الآن الالتزامات الواردة في الإعلان، مؤكدا أن البعثات الدبلوماسية قائمة وتعمل، كما تم توقيع الاتفاقات وتبادل الزيارات الرسمية، إضافة إلى أن التعاون القطاعي يسير على “الطريق الصحيح”.
وقد رسم اتفاق الثاني والعشرين من ديسمبر 2020 خارطة طريق لتفعيل استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية.
ومن بين أبرز البنود التي نص عليها اتفاق أبراهام، الترخيص للرحلات الجوية المباشرة بين المغرب وإسرائيل والاستئناف الفوري للاتصالات الرسمية بين المسؤولين الإسرائيليين والمغاربة وإقامة علاقات دبلوماسية، إضافة إلى تشجيع التعاون في شتى المجالات.
وقد شهدت السنة الأولى من عودة العلاقات بين الرباط وتل أبيب زخما كبيرا عل مستوى الزيارات المتبادلة والاتفاقيات الموقعة في عدة مجالات، أبرزها المجال العسكري حيث تم التوقيع، أخيرا، على اتفاق تعاون أمني وصفته إسرائيل بـ”غير المسبوق”.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد قد أكد خلال زيارته الرباط في الصيف الماضي، أن الكثير من الإسرائيليين ينظرون إلى المغرب كجزء من طفولتهم وهويتهم لأنهم عاشوا بالمملكة التي يأتونها “كأسر وعائلات وليس كسائحين”.
ويرى المحلل السياسي علي الحريشي أن العلاقات المغربية الإسرائيلية ليست وليدة اليوم وإنما تعود لعدة عقود، وتحديدا منذ أن انطلقت هجرة اليهود المغاربة نحو إسرائيل مع الإعلان عن قيام الدولة العبرية.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي محمد الشرقي أن العلاقات بين المغرب وإسرائيل كانت قائمة على الدوام، لكنها لم تكن تحظى بالطابع الرسمي والمؤسساتي، مبرزا أن اتفاق أبراهام أعطى الصبغة الرسمية لتلك العلاقات.
وقد دشنت الزيارات الرسمية بين البلدين في ديسمبر 2020 بزيارة مائير بن شبات مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، وهو من اليهود الذين ولدوا في المغرب، والذي وقع على الإعلان الثلاثي رفقة رئيس الحكومة المغربية السابق سعد الدين العثماني وجاريد كوشنير، المستشار الخاص للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وبعد الاتفاق، انطلقت مباشرة اللقاءات بين وزراء ومسؤولين في البلدين، والتوقيع على مذكرات تفاهم في عدة مجالات متعلقة بالاقتصاد والتكنولوجيا والماء.
أما الدفعة الديبلوماسية، فقد تمثلت في زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد للمملكة في شهر أغسطس، والذي أشرف على افتتاح مكتب الاتصال الديبلوماسي في الرباط.
وفي شهر نوفمبر، حل وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في زيارة وصفها الجانب الإسرائيلي بالتاريخية، هي الأولى من نوعها لوزير دفاع إسرائيلي للمملكة. وقد توجت الزيارة بالتوقيع على اتفاق للتعاون الأمني، سيتيح للمغرب اقتناء معدات أمنية إسرائيلية عالية التكنولوجيا، إضافة إلى التعاون في التخطيط العملياتي والاستخباراتي والبحث والتطوير.
وخلال شهر سبتمبر الماضي، أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أن المغرب وإسرائيل يتعاونان في مجالات عدة بينها الأمن السيبراني والعسكري، كاشفا أن حجم المبادلات التجارية بين البلدين ارتفع بنسبة خمسين في المئة في الأشهر الستة من السنة الجارية.
وأكد بوريطة أن استئناف العلاقات بين المغرب وإسرئيل كان مهما جدا بالنسبة للبلدين، حيث تم إنشاء ثماني مجموعات عمل معنية بالدبلوماسية والأمن والمياه والفلاحة، والسياحة.
من جانبها، أظهرت بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الإسرائيلي، حدوث طفرة كبيرة في الصادرات الإسرائيلية إلى المغرب بنسبة زادت عن 165 في المئة خلال الشهور التسعة الأولى من السنة الحالية، مقارنة بالفترة نفسها من العام المنصرم.
ويعتبر الخبير الاقتصادي محمد الشرقي في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية” أن الشراكة بين البلدين تقوم على منطق رابح رابح، إذ يتوفر كل بلد على مؤهلات يحتاجها الطرف الآخر.
ويوضح الشرقي أن المغرب يحقق تقدما في الطاقات المتجددة والمجال الزراعي وصناعة السيارات، كما يتوفر على المواد الأولية التي تستخدم في التكنولوجيات الحديثة، إضافة إلى كونه سوقا مهما للصناعة التقليدية خاصة لليهود المغاربة.
في المقابل، يحتاج المغرب، حسب الخبير الاقتصادي، للخبرة الإسرائيلية في مجال الصناعات العسكرية والتكنولوجيا الحديثة والأقنار الاصطناعية والبحث العلمي خاصة فيما يتعلق بالمجال الصيدلاني والفلاحي وتثمين المياه.
وقد همت الاتفاقيات الموقعة جميع المجالات السالفة الذكر، ويعزى لشركات القطاع الخاص في البلدين بتنفيذها في إطار منصة للحوار والتعاون الثنائي بين البلدين.
وقد أرخت جائحة كورونا بظلال ثقيلة على حركية السفر بين المغرب وإسرائيل، حيث فرض المتحور الجديد تأجيل أول رحلة مباشرة بين الدار البيضاء وتل أبيب وهي الرحلة التي كانت مرتقبة في الثاني عشر من ديسمبر الجاري، قبل أن يتم تأجيلها بسبب إغلاق الحدود الجوية والبحرية في المغرب لمواجهة تفشي المتحور.
وكان من المرتقب أن تضم الرحلة وفدا مغربيا من رجال الأعمال من أجل استكشاف فرص الاستثمار في إسرائيل.
وتسير شركتان إسرائيليتان نحو عشرين خطا جويا باتجاه المغرب، الذي يستقبل عددا كبيرا من اليهود المغاربة. وكان وزير الخارجية المغربي نصار بوريطة، أعلن أن المغرب كان ينتظر توافد حوالي مليون سائح إسرائيلي خلال السنة الجارية.
وتضمن الإعلان الثلاثي التزاما بتطوير العلاقات المغربية الإسرائيلية، كما تضمن من جهة أخرى التزاما أميركيا بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، وهو الاعتراف الذي أقره الرئيس السابق دونالد ترامب ولا يزال ساريا في عهد الرئيس الحالي جو بايدن.
وكانت الخارجية الأميركية أكدت قبل أيام أن واشنطن مستمرة في اعتبار المخطط المغربي للحكم الذاتي جادا وذا مصداقية وواقعية. وجاء الإعلان عقب مباحثات في واشنطن جمعت رئيسي الديبلوماسية المغربي والأميركي.
وبحسب علي لحريشي، الأستاذ في العلاقات الدولية، فإن المغرب يراهن على المكون اليهودي في الولايات المتحدة من أجل الدفع بحل النزاع الإقليمي.
ويؤكد الأستاذ الجامعي، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن استنئاف العلاقات من شأنه أن يصب أيضا في تحقيق السلام بالشرق الأوسط، وهو الهدف المشترك الذي تصبو إليه الدول العربية الأخرى.