اسندت مصر تأهيل وتطوير مجمع التحرير بمنطقة وسط البلد- أشهر مبنى حكومي في وسط القاهرة- إلى تحالف أمريكي بعد فوزه بأفضل عرض مالي وفني بإجمالي استثمارات أكثر من 3.5 مليار جنيه (222.7 مليون دولار) لتطوير المبنى ليكون متعدد الاستخدامات (فندقي -تجاري- إداري – ثقافي)، فيما أشاد مطورين باستغلال الحكومة أصولها التراثية لتدر عائد، وفي الوقت نفسه تطوير منطقة وسط البلد وتحويلها لنقطة جذب للاستثمارات الأجنبية.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري، قد شهد الإثنين، مراسم توقيع اتفاقية فوز التحالف الأمريكي، الذي يضم مجموعة “غلوبال فينتشرز”، ومجموعة “أوكسفورد كابيتال”، وشركة “العتيبة للاستثمار”، بتطوير وإعادة تأهيل مجمع التحرير.
وبحسب بيان رسمي، فأن فوز التحالف جاء بعد عملية طرح استهدفت جذب مطورين وشركاء من كافة أنحاء العالم، متخصصين في إعادة تأهيل وتطوير المباني التاريخية، وتم تصفيتهم إلى 3 تحالفات، ليفوز التحالف الأمريكي بأفضل عرض فني ومالي، هذا بالإضافة إلى ما يتمتع به التحالف من سابقة أعمال ثرية لتطوير مجموعة من المباني التاريخية في أمريكا وأوروبا.
يرى المهندس فتح الله فوزي نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، ورئيس لجنة التشييد والبناء بالجمعية، أن إعلان الحكومة اسناد تطوير مجمع التحرير لتحالف أمريكي، أمرًا إيجابيًا لخطة الدولة لتطوير أصولها التاريخية بمنطقة وسط البلد بما يحقق لها عائد من استخدامها كفنادق أو شقق فندقية أو مقرات إدارية، طالما التزمت الشركة المطورة بمراعاة توفير مداخل وأماكن للسيارات حتى لا تؤثر على الحركة المرورية بالمنطقة.
وذكرت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، في بيان رسمي، أنه تم عمل دراسات على الكثافات المرورية بمنطقة التحرير، وتوفير مصفّات لازمة للسيارات وغيرها من الأمور المهمة لتحقيق الهدف من تطوير المجمع، مشيرة إلى أن هناك لجنة ضمت وزارتي السياحة والآثار والإسكان لوضع المعايير المبدئية وتم الاستعانة ببيوت خبرة عالمية لدراسة أفضل استخدامات لمبنى مجمع التحرير.
وأشاد فوزي، في تصريحات لـCNN العربية، بنجاح صندوق مصر السيادي في جذب تحالف أجنبي يستثمر لأول مرة في مصر، مشيرًا إلى خطة الصندوق للترويج لفرص استثمارية مماثلة للشركات الأجنبية منها أرض الحزب الوطني المنحل على كورنيش النيل بميدان التحرير، والتي تتميز بإمكانية استخدامها في أكثر من نشاط.
وأسست مصر في عام 2018 صندوق مصر السيادي برأس مال مرخص به 200 مليار جنيه (12.7 مليار دولار)، ويهدف الصندوق جذب الاستثمارات الخاصة لمصر وتشجيع الاستثمار المشترك في الأصول المملوكة للدولة من أجل زيادة قيمتها وفعاليتها للاقتصاد المصري، وفي شهر مارس من العام الماضي، أقر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نقل ملكية عدد من المباني الحكومية بوسط البلد إلى الصندوق أبرزها مبنى مجمع التحرير، مقر الحزب الوطني، مقر وزارة الداخلية القديم، ومباني القرية التعليمية الاستكشافية بمدينة السادس من أكتوبر، مباني ملحق معهد ناصر.
وحول تأثير أسعار العقارات بمنطقة وسط البلد بعد تطوير مجمع التحرير، استبعد فتح الله فوزي، تأثير خطة تطوير المجمع على أسعار العقارات بمنطقة وسط البلد، مبررًا وجهة نظره بعدم وجود عقارات متاحة للبيع في هذه المنطقة، منوهًا إلى أن آلية تسعير المباني في وسط البلد تختلف عن المدن الجديدة، حيث تراعي الأولى في التسعير تاريخ المباني وظروفها، أما في المدن الجديدة يرتبط التسعير بآليات أخرى متعلقة بسعر الأرض وتكلفة البناء.
وقالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن مصر دولة غنية بالعديد من الأصول، ومنها الأصول غير المستغلة، مشيرة إلى مجمع التحرير الذي انتقل إلى صندوق مصر السيادي، حيث تم في البداية دراسة استغلال هذا الأصل أفضل استغلال من خلال التواصل مع عدد من الشركات الاستشارية، موضحة أنه تم عقد عدد من اللقاءات مع المطورين ليصبح مجمع التحرير بعد تطويره مكان متعدد الاستخدامات يشمل جزء فندقي، وآخر إداري وتجاري، مع المحافظة على الطابع التاريخي للمبنى.
من جانبه توقع كريم الشافعي، رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات العقارية المتخصصة في تطوير مباني منطقة وسط البلد، ارتفاع أسعار العقارات بمنطقة وسط البلد بالعاصمة القاهرة، بعد بدء الحكومة أعمال خطة تطوير المنطقة والتي تضم تأهيل مبنى مجمع التحرير، مرجعًا سبب ذلك إلى أن منطقة وسط البلد شهدت على مدار الـ40-50 عامًا الماضية، ترك الكثير من السكان والشركات للمباني بالمنطقة، مقابل زيادة عدد المحال التجارية، ومع ضخ استثمارات جديدة في المنطقة سيجذب مستخدمين جدد مما يزيد من قيمة هذه العقارات.
وأكد الشافعي، أن إعادة تطوير منطقة وسط البلد يجذب استثمارات محلية وأجنبية لاستغلال العقارات بالمنطقة لإنشاء استثمارات متنوعة، وهذه هي المرة الأولى التي تهتم الحكومة بإعادة إحياء منطقة وسط المدينة، وهو أمر أصبح موجود في كافة الدول الأجنبية، ويمكن الاستفادة من هذه الخبرات الأجنبية سواء في إعادة تأهيل المباني نفسها أو في وجود استخدامات جديدة لمباني كانت مبنية لأهداف مختلفة في وقت سابق.
وكان أيمن سليمان، الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، قد قال إنه باختيار التحالف الأمريكي الفائز، يبدأ مجمع التحرير رحلة جديدة، بعد انتهاء مهمته كمبنى حكومي عريق وعلامة مميزة في قلب القاهرة، ويتحول إلى مبنى متعدد الاستخدامات يجتذب السياحة العالمية وكبرى الشركات العالمية والإقليمية، ولتكون خطة تطوير المجمع وإعادة هيكلته نموذجًا في إعادة استغلال أصول الدولة المصرية.
أشار كريم الشافعي، إلى أن مناطق وسط المدينة عادةً ما يتميز بوجود نشاطات مختلفة، سواء مباني سكنية وإدارية وترفيهية ومطاعم وفنادق ونوادي، مضيفًا وسط المدينة عامةً في كل مكان بالعالم يكون به خليط من نشاطات كثيرة.