قال خالد العسيلي، وزير الاقتصاد الفلسطيني، إن إغلاق إسرائيل لمعبر “كرم أبو سالم” مع غزة، إجراء تعسفي يستهدف القطاعات الاقتصادية المهمة في القطاع المحاصر، ويكبدها خسائر فادحة، مشددا على ضرورة التدخل الدولي لوقف هذه القرارات التعسفية.
وأضاف العسيلي في مقابلة مع “سبوتنيك”، أن “فلسطين بيئة استثمارية واعدة، وتملك الكثير من الإمكانيات التي يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى قرصنتها”، مؤكدًا أن “الأزمة الاقتصادية التي تعيشها السلطة سببها وقف الدعم الدولي لموازنتها، وقرصنة إسرائيل ما يزيد عن 80 مليون دولار شهريًا”، مطالبًا بتنفيذ شبكة الأمان العربية التي أقرتها القمم السابقة، بحسب قوله.
وأكد الوزير الفلسطيني أن “ردود الفعل الدولية تجاه الانتهاكات الإسرائيلية لا تزال بطيئة ولا تعدو كونها مجرد قول لا فعل”، مشيدا بالدعم الاقتصادي والسياسي الذي تقدمه روسيا للدولة الفلسطينية في المجالات كافة.
وإلى نص الحوار…
بداية… كيف ترى قرار الحكومة الإسرائيلية بإغلاق معبر “كرم أبو سالم” مع قطاع غزة؟
أجاب العسيلي: “قرار إغلاق المعبر تعسفي احتلالي، وغير إنساني، في خضم عملية الحصار، التي تمارسها إسرائيل ضد قطاع غزة منذ ما يزيد عن 17 عامًا بدون وجه حق، وهو مخالف لكل القوانين والمواثيق الدولية، وفرض هذا الإغلاق يعني وقف توريد المواد الأساسية والمواد الخام، وغيرها من المنتجات المطلوبة، ما يعطل عملية الإنتاج والتسويق”.
وتابع العسيلي: “هناك منتجات زراعية تصدر من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، وإغلاق المعبر يعني خسائر فادحة للمزارعين، وكذلك للمصانع التي تعمل على تسويق بضائعها، إضافة إلى نقص المواد الأساسية التي تعين المواطنين على الحياة، كل ذلك يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة للقطاع المحاصر في الأساس، منذ سنوات”.
وأردف، قائلًا: “اليوم، أصدرت مناشدة لدول العالم، والمجتمع الدولي، لممارسة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذا الإجراء التعسفي ضد القطاع، والسماح بعملية الاستيراد والتصدير من وإلى غزة”.
إلى أي مدى وصل الوضع الاقتصادي في فلسطين؟
أجاب العسيلي: “فلسطين دولة ترزح تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، وهو يتحكم في تفاصيل كثيرة، لكن هناك قطاع خاص فلسطيني وطني، صقلت تجربته العملية من خلال الاحتلال الطويل، فبات لرجال الأعمال الفلسطينيين خبرة طويلة تمكنهم من تجاوز بعض الأزمات والمعيقات التي تضعها إسرائيل أمامهم”.
واتطرد، قائلًا: “على الرغم من الاحتلال، هناك عملية صناعية واستثمارية جيدة في فلسطين، الشعب الفلسطيني تعلم من الحروب التي خاضها، في 1948 و1967، ومغادرته لأرضه، حيث انتشر في دول العالم وبمخيمات اللاجئين، ويعاني ولا يزال من ويلات التهجير”.
وتابع العسيلي: “اليوم، الشعب الفلسطيني متثبت في أرضه يستثمر فيها، نحن نملك المقاومة المشروعة وكذلك حركة اقتصادية جيدة، هناك شركات واستثمارات جديدة في فلسطين، سواء من الداخل أو من فلسطينيي الخارج”.
تحدثت عن فرص واعدة للاستثمار في فلسطين… كيف يمكن ذلك في ظل وجود إسرائيل؟
أجاب العسيلي: “فلسطين أرض بكر للاستثمار، وعوائد الاستثمار فيها أعلى من كل المنطقة، وهناك قصص نجاح استثمارية كبيرة تنفي الصورة النمطية الموجودة هنا، لدينا مقاومة مشروعة نعم، لكن هناك كذلك عملية بناء للوطن وخلق فرص العمل المطلوبة لأبنائه، يد تقاوم ويد تبني، وقصص النجاح في هذا السياق كبيرة”.
وأردف، قائلًا: “بلغة الأرقام، لكل مستثمر يطلع على نتائج السوق المالي الفلسطيني يدرك ذلك جيدًا، هناك 47 شركة وزعت أرباحا على المساهمين بمعدل 6.8%، وهي نسبة مرتفعة، كما حققنا تنمية، في عام 2020، وصلت إلى 3.8%، وإلى 7%، في 2021، فيما سجلنا عجزا بقيمة 11.7% في فترة انتشار فيروس “كورونا”، ومن المتوقع أن تصل التنمية، في عام 2023، إلى ما يزيد عن 3%”.
15مليون دولار دعم من الإمارات لجنين… هل يتحمل الخليج فاتورة إعادة إعمار فلسطين؟
وتابع العسيلي: “نملك كل المقومات، ولدينا قوانين تحمي المستثمرين، سواء كان فلسطينيا أو أجنبيا، وكذلك هناك حرية حركة للأموال سواء في دخول فلسطين أو الخروج منها، وهناك ظروف نخلقها كحكومة فلسطينية لتوفير فرص عمل للشباب، جنبًا إلى جنب مع المقاومة السلمية”.
حدثنا عن الشراكات العربية مع فلسطين في مجال الاقتصاد؟
أجاب العسيلي: “هناك مجموعة من الشركات والاستثمارات من الدول العربية، ومستثمرون يمثلون شركات كبيرة، وكأفراد أيضا موجودين في فلسطين، وهناك قصص نجاح كبيرة لهذه الشراكات، على سبيل المثال الاستثمارات القطرية، أكثر من 500 مليون دولار لبناء مدينة الروابي، ونفس المبلغ أو أقل قليلا للاستثمار في شركة الاتصالات الفلسطينية، ولدينا مجموعة من المستثمرين من دول الخليج بشكل عام والفلسطينيين في كل دول العالم، وكذلك أكثر من 200 شركة أجنبية في سوق المال”.
مع كل هذه الاستثمارات… لماذا يعاني الاقتصاد الفلسطيني إذا؟
قال العسيلي، معلّقا: “هناك بعض الاستثمارات نعم، لكن الدعم المقدم من الدول المانحة لخزينة وزارة المالية والحكومة الفلسطينية توقف، هناك عجز من 80 إلى 85% برواتب الموظفين، وهو ما يعود إلى سببين، الأول وقف الدعم الخارجي لموازنة السلطة الوطنية، والثاني سرقة الأموال الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل، حيث يسرق الاحتلال 70 إلى 80 مليون دولار شهريًا، وهو ما يسبب هذا العجز في ميزانية السلطة”.
بذكرك للأموال الفلسطينية… كيف ترى إعلان إسرائيل خصم من 20 إلى 30 مليون شيكل بدل ديون على شركة كهرباء فلسطين؟
أجاب العسيلي: “ما يحدث استمرار لعملية القرصنة والسرقة الإسرائيلية للأموال الفلسطينية، شركة كهرباء القدس تدفع ما عليها من رسوم، وما تقوله الحكومة الإسرائيلية بشأن المديونيات الموجودة على الشركة مجرد ادعاءات باطلة تخرج عن وزراء متطرفين في هذه الحكومة، يحاولون الاستحواذ على الأموال الفلسطينية بكل السبل، لذلك أعلنوا عن خصم 30 مليون شيكل كديون كهرباء، وهو إجراء غير قانوني وتعسفي الهدف منه قرصنة أموال فلسطين من ضمن سياسية إفشال السلطة الوطنية”.
أين موقف القانون والمجتمع الدولي من هذه الإجراءات الإسرائيلية؟
قال العسيلي: “مع الأسف، لجأنا لكل الجهات الدولية، بما فيها المحاكم ومن ضمنها محكمة الجنايات الدولية، وردود فعل العالم لا تزال بطيئة جدًا، مجرد إدانات لفظية لا تصل لحد الفعل الضاغط على الحكومة الإسرائيلية لدفعها للتوقف عن ممارساتها غير القانونية بحق الشعب الفلسطيني ومقدراته”.
برأيك… كيف يمكن للدول العربية دعم فلسطين اقتصاديا؟
أجاب العسيلي: “يملك العالم العربي القدرة على دعم اقتصاد فلسطين، عبر طرق عديدة أبرزها تنفيذ قرارات القمم العربية التي نادت بدعم السلطة الوطنية الفلسطينية، عبر شبكة أمان تم الإعلان عنها في أكثر من قمة عربية تصل إلى 100 مليون دولار شهريًا لحل الأزمة، كما تملك هذه الدول الكثير من أوراق الضغط السياسية على الحكومة الإسرائيلية والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، ويمكن أن تستغلها جيدًا للمطالبة بالحقوق الفلسطينية”.
وأردف، بالقول: “نأمل من الدول العربية التحرك بشكل سريع ودعم فلسطين وصمود الشعب على أرضه، والذي يدافع عن مقدساته الإسلامية والمسيحية سياسيا وماليًا”.
عقدت فلسطين لقاءات قريبة مع اليابان ومن قبلها الصين… ما أهمية هذا التوجه؟
قال العسيلي: “فلسطين تتواصل مع كل العالم، كل الحكومات والرؤساء، الرئيس الفلسطيني خاطب الجميع، وكذلك مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، والجهات الدولية، من أجل المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني، الذي يعيش من زمن طويل تحت الاحتلال، ومن بين هذه اللقاءات لقاء وزير الاقتصاد الياباني، والرئيس الصيني، ولقاءات مع تركيا وأوروبا، وكلها جهود دبلوماسية تبذل لدفع العالم إلى التحرك والاستجابة في محاولة وقف الاعتداءات والعنصرية الإسرائيلية ضد فلسطينن والسلطة من قبل حكومة بنيامين نتنياهو، المتطرفة”.
بوصف حكومة نتنياهو بالأكثر تطرفا… هل زاد التضييق الاقتصادي الإسرائيلي على فلسطين هذه الفترة؟
أجاب العسيلي: “بالطبع، هذه الحكومة الأكثر تطرفا ومن أسوأ الحكومات التي وصلت في دولة الاحتلال، هناك مستوطنين ومتطرفين يعملون بشكل واضح لتدمير السلطة الوطنية الفلسطينية، والاستيلاء على الأرض وتهجير شعبها، وكذلك ما فعلوه مع الأسرى الفلسطينيين داخل السجون، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تحرك عاجل من قبل دول العالم لوقف هذه الممارسات العنصرية لحكومة نتنياهو”.
كيف تقيّم العلاقات الاقتصادية بين فلسطين وروسيا؟
قال السيلي: “لا شك أن روسيا الاتحادية دولة صديقة، وداعمة رئيسية للشعب الفلسطيني، وهناك لجنة اقتصادية مشتركة بين روسيا وفلسطين، ومن المتوقع أن تلتقي قريبا، ولا يمكن إغفال الدعم الروسي للقضية الفلسطينية في كافة المجالات”.
المصدر: سبوتنيك