أحدثت شركة “فين فاست أوتو”الفيتنامية لصناعة السيارات الكهربائية، ضجة كبيرة في أسواق المال الأميركية منذ طرح أسهمها للتداول تحت مؤشر “ناسداك” في بورصة “وول ستريت” منتصف الشهر الماضي.
وارتفع سعر سهم الشركة بشكل صاروخي، وهو ما رفع قيمة الشركة السوقية من 23 مليار دولار إلى 85 مليار دولار، وهذا يعادل تقريبا، قيمة شركتي فورد وجنرال موتورز، عملاقا صناعة السيارات الأميركية معا.
ومع غلق بورصة وول ستريت أبوابها قبل عطلة عيد العمل (تحتفل به أميركا أول يوم اثنين في شهر سبتمبر/أيلول)، زاد عدد أسهم الشركة عن ملياري سهم، وتم تداول السهم الواحد يوم السبت الماضي بـ 68.77 دولارا، وهكذا بلغت القيمة السوقية للشركة 150.7 مليار دولار خلال أقل من أسبوعين، أي بارتفاع قيمته 700%.
أسباب الارتفاع الصاروخي
واستغرب كثير من المعلقين تسابق المستثمرين للحصول على حصة في الشركة الفيتنامية، التي لا تزال صغيرة في مجال إنتاج السيارات الكهربائية، وإن كان لديها طموحات كبيرة.
وباعت الشركة العام الماضي 7400 سيارة، وتأمل أن ترتفع إلى 50 ألف سيارة بنهاية العام الجاري أغلبها داخل فيتنام.
وتضع الشركة السوق الأميركية نصب عينيها، وفي الشهر الماضي وضعت حجر الأساس لمصنع في ولاية كارولينا الشمالية، وبدأت بالفعل في بيع السيارات المستوردة في ولاية كاليفورنيا، حيث لديها 13 وكيلا للبيع.
وتكبدت الشركة خسارة صافية قدرها 2.1 مليار دولار العام الماضي، وقالت إنها ستحقق نقطة التعادل، على أقرب تقدير، في نهاية العام المقبل.
وتعتقد شركة “أليكس بارتنر” للاستشارات المالية، أن أي شركة تصنع السيارات الكهربائية بحاجة إلى إنتاج حوالي 400 ألف سيارة سنويا، قبل أن تبدأ في جني الأرباح.
أداء الشركة في المستقبل
ورفض كثير من المعلقين الحماسة التي صاحبت طرح أسهم الشركة في وول ستريت، وقالوا إن مثل هذه الحركات الدرامية التي استحوذت على عناوين الأخبار لا تستند إلى واقع، بل على ما يرد في وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار شريف عثمان الخبير الاقتصادي بشركة “بويز للاستثمار، إلى أن ما شهده سهم شركة “فين فاست” لا يختلف عما شهدته أسهم شركات السيارات الكهربائية مثل “تسلا” أو “نيكولا” عند طرحها قبل سنوات. وما نشهده هو صعود ضخم في أسعار الأسهم مدفوعة بالمضاربة بسبب الحماسة لقطاع السيارات الكهربائية”.
وتوقع عدد من الخبراء أن تسلك الشركة الفيتنامية مسلك شركة “لوسيد” (Lucid) لصناعة السيارات الكهربائية، حيث كان سعر الاكتتاب العام 15 دولارا للسهم، ووصل إلى ما يزيد عن 55 دولار للسهم الواحد قبل عام ونصف، قبل أن يتراجع ليصل الآن إلى نحو 6 دولارات للسهم فقط.
تحدي سوق السيارات في أميركا
دفعت المنافسة الشرسة في سوق السيارات الكهربائية بالولايات المتحدة شركة تسلا لخفض أسعارها في وقت مبكر من هذا العام، واستجابت “فين فاست” بتخفيض أسعارها الخاصة في الولايات المتحدة.
ويبدأ سعر السيارة من طراز “في أف 8” (vf8) الذي تبيعه الشركة في ولاية كاليفورنيا من 46 ألف دولار، وهو ليس أرخص بكثير من أسعار كبار المنافسين، مثل سيارات شركة تسلا أو لوسيد.
ويرى كثير من الخبراء أنه من الصعب حقا على شركة “فين فاست” اقتحام السوق الأميركية، كما تخطط مستقبلا.
و”فين فاست” هي ذراع إنتاج السيارات لمجموعة فين (Vingroup) الفيتنامية الضخمة، وتأسست في 2017. وقد صدّرت حتى الآن نحو 2100 من سياراتها الكهربائية إلى الولايات المتحدة من مصانعها في فيتنام، وجلبت ما يقرب من 800 سيارة أخرى إلى كندا.
وقامت الشركة بأول عمليات تسليم لها في الولايات المتحدة في مارس/أذار الماضي، ولكن لا يزال أمامها طريق طويل لتقطعه للتنافس مع عملاق السيارات الإلكترونية تسلا، وشركات صناعة السيارات التقليدية التي بدأت في إنتاج طرازات كهربائية.
وللتنافس مع العلامات التجارية الشهيرة في السوق الأميركية، تبني “فين فاست” مصنعا ضخما في ولاية كارولينا الشمالية، وقالت الشركة إن المنشأة التي تبلغ مساحتها 1800 فدان، مصممة لإنتاج ما يصل إلى 150 ألف سيارة في المرحلة الأولى.
ومن المتوقع أن يبدأ المصنع عملياته في 2025 بعد تأجيله عن موعده الأصلي، الذي كان محددا خلال النصف الأول من 2024.
وبلغت نسبة السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة 6% فقط من إجمالي السيارات المبيعة في 2022.
واشترى الأميركيون العام الماضي 13.7 مليون سيارة جديدة، منها 774 ألف سيارة كهربائية، ومثّلت طرازات شركة تسلا أكثر من ثلثي كل السيارات الكهربائية المباعة داخل الولايات المتحدة.
وجدير بالذكر أن مشتري سيارات تسلا مؤهل للحصول على ائتمان ضريبي فدرالي بقيمة 7500 دولار، في حين أن سيارات “فين فاست” لا توفر لصاحبها ذلك؛ لأنها غير مصنوعة في الولايات المتحدة.
المصدر : الجزيرة