مضى عام على توقيع الإمارات العربية المتحدة والبحرين وإسرائيل في واشنطن اتفاقا لإقامة علاقات دبلوماسية، رعاه وحضره الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. ومنذ التطبيع أبرمت الإمارات والدولة العبرية عدة اتفاقات تجارية كما ارتفع عدد الاستشمارات الإسرائيلية في البلد الخليجي الغني. فما هي المكاسب الاقتصادية الفعلية التي حققتها الإمارات من اتفاق التطبيع حتى اليوم؟
وقعت إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020 في واشنطن اتفاقا لإقامة علاقات دبلوماسية مع كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وحضوره.
وتعتبر الإمارات أول دولة خليجية وثالث دولة عربية توقع اتفاق تطبيع للعلاقات مع الدولة العبرية، وتلتها البحرين، ثم السودان وأخيرا المغرب، بعد اعتراف الأردن (1994) ومصر (1979) بإسرائيل. وفي يونيو/حزيران، دشن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد رسيما سفارة بلاده في أبو ظبي.
منذ توقيع اتفاق تطبيع العلاقات، أبرمت الإمارات وإسرائيل عددا من الاتفاقات التجارية، وارتفع عدد الشركات الإسرائيلية الناشئة العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والزراعة في البلد الخليجي. وتأمل الإمارات وإسرائيل اللتان تضرر اقتصاداهما بفعل جائحة فيروس كورونا، في تحقيق مكاسب كبرى من اتفاق التطبيع، لا سيما بالنسبة إلى دبي الباحثة عن شركاء جدد في قطاعات السياحة والتكنولوجيا والأعمال.
وفعليا، بلغ حجم التبادل في قطاع الأعمال بين الجانبين في شهر أغسطس/آب الماضي 500 مليون دولار، دون الاستثمارات من اتفاقات حول السياحة والطيران والخدمات المالية. وفي هذا السياق، تقول الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية إلهام فخرو إن “المنافع الرئيسية للإمارات كانت اقتصادية”، مشيرة إلى أن الدولة العبرية والإمارات “استفادتا من السياحة والتبادلات الثقافية والاتفاقات في مجال الأمن السيبراني والتبادل الدبلوماسي”. وزار نحو 200 ألف إسرائيلي الإمارات منذ إقامة العلاقات، بحسب القنصل العام لإسرائيل في دبي.
يضاف إلى ذلك، موافقة الولايات المتحدة العام الماضي على بيع ما قيمته أكثر من 23 مليار دولار من الطائرات المقاتلة من طراز “اف-35″والطائرات من دون طيار إلى الإمارات بعد اعترافها الدبلوماسي بإسرائيل.
يستبعد المحللون أن تقوم السعودية بالتطبيع حاليا مع إسرائيل. وتؤكد المملكة الخليجية الغنية باستمرار سياستها التي تتبناها منذ سنوات والتي تربط تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية بتسوية النزاع الإسرائيلي مع الفلسطينيين. إلا أن الخصومة مع إيران تجمع البلدين، وعلى الرغم من عدم الإقرار بذلك، تؤكد تقارير من مصادر مختلفة أن الرياض تقيم علاقات سرية مع تل أبيب منذ سنوات.
ويستبعد الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية هيو لوفات “أن تقوم الرياض بقيادة الملك سلمان بتطبيع العلاقات رسميا مع إسرائيل”، لكنه يشير إلى أن هناك “مستوى عاليا من الحوار السياسي والأمني بين البلدين”. وترى فخرو أنه “في حال قامت السعودية بتطبيع علاقاتها، فـ”ستقوم بذلك وفق شروطها وحساباتها الداخلية”.
ندد الفلسطينيون باتفاقات التطبيع مع إسرائيل والتي يرون أنها تتعارض مع الإجماع العربي، الذي جعل حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني شرطا أساسيا لإحلال السلام مع الدولة العبرية. وأكدت الإمارات أن الاتفاق ينص على “وقف ضم إسرائيل أراض فلسطينية”. إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو أكد أن الضم في الضفة الغربية “أرجئ” فقط.
وكان التصعيد الأخير بين إسرائيل والفلسطينيين خصوصا في القدس الشرقية المحتلة في مايو/أيار الماضي، قد وضع شركاء إسرائيل الجدد في المنطقة في وضع حرج، فأصدرت بيانات تنديد، ملاقية بذلك التوجه العربي الشعبي الداعم للفلسطينيين. ووجدت الإمارات والبحرين والسودان والمغرب نفسها مضطرة لإدانة الدولة العبرية، بسبب إجراءات إخلاء منازل فلسطينية في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية لصالح مستوطنين والقسوة في التعامل مع الفلسطينيين في باحات المسجد الأقصى.
إلا أن محللين يؤكدون أن الأحداث لم تؤثر كثيرا على اتفاقات التطبيع. وفي هذا الشأن، أشارت فخرو إلى أن الأحداث الأخيرة “لم تؤثر على اتفاقات أبراهام لأن هذه الاتفاقات لا تتعلق الموضوع الفلسطيني”. وبحسب لوفات، فإن اتفاقات التطبيع لم تتأثر بالأحداث الأخيرة “لأنها كانت مبنية على مصالح ثنائية مهمة لا علاقة لها على أرض الواقع بالقضية الفلسطينية”، مشيرا إلى أن الأحداث أظهرت “متانة هذه العلاقات”.