على رغم قدرتها الإنتاجية المتواضعة مستقبلاً، لكن الخليل ستحتضن أول محطة فلسطينية لتوليد التيار الكهرباء بالضفة الغربية، في خطوة يأمل الفلسطينيون أن تشق الطريق أمام إقامة محطات محلية أخرى لتقليص الاعتماد على إسرائيل في تلك السلعة الاستراتيجية.
ففي قرية ترقوميا غرب الخليل، ستقام محطة توليد الكهرباء بواسطة الغاز الطبيعي بقدرة إنتاجية تصل إلى 200 ميغا واط، في ظل حاجة المحافظة إلى 400 ميغا، لا يتوفر منها حالياً إلا 150 ميغا.
وتعاني الخليل التي تشتهر بالصناعة وتعد الأكثر سكاناً في الضفة الغربية نقصاً في حاجاتها للكهرباء، وهو ما سبب منع بناء مصانع جديدة وتوسيع المصانع القائمة.
ودفعت تلك الحاجة، التي يتوقع أن تتفاقم خلال السنوات المقبلة، الفلسطينيين إلى المبادرة بالبدء بإقامة المحطة التي ستعتمد على الغاز الطبيعي المشترى من إسرائيل.
ولذلك ستقام المحطة الكهربائية قرب الخط الأخضر الفاصل بين إسرائيل والضفة الغربية، في منطقة توجد فيها خطوط تحميل التيار الكهربائي ومنطقة صناعية.
ومع أن سلطة الطاقة الفلسطينية تشرف على المحطة، لكن صندوقاً استثمارياً خاصاً سيعمل على إقامتها “في مغامرة كبرى، لكنها مطلوبة” وفق الرئيس التنفيذي للمشروع باسل القاضي.
وأشار القاضي الذي عمل لعقود في شركات كهرباء فلسطينية إلى أن “عجز الحكومة عن إقامة محطات لتوليد الكهرباء دفع القطاع الخاص إلى التدخل، في محاولة لسد العجز بهدف تعزيز صمود الفلسطينيين وتقوية اقتصادهم”.
يقول الرئيس التنفيذي لمشروع المحطة الكهربائية، “هناك فجوة بين حاجات الفلسطينيين من الكهرباء لتطوير صناعاتهم والقدر المتاح منها حالياً”، مضيفاً “فطالماً قررنا البقاء في هذا البلد فيتوجب علينا إيجاد مصادر للطاقة”.
ويستعين القائمون على المحطة الكهربائية بشركات دولية متخصصة للمساعدة في إقامتها وفق التكنولوجيا الحديثة، إذ “ستكون صديقة للبيئة، معدومة الغاز المحروق الذي سيخصص لتسخين الماء والاستفادة من بخاره في إنتاج الكهرباء”.
واشتكى باسل القاضي من وجود “أربعة مصانع متوقف تنفيذها بسبب عدم وجود الكهرباء اللازمة لتشغيلها”، مشيراً إلى أن الكهرباء لم تعد فقط للإنارة.
وفي حين إسرائيل تنتج 22 غيغا واط من الكهرباء، فإن الفلسطينيين لا يحصلون منها سوى على غيغا واحدة فقط، في ظل حاجتهم إلى 15 غيغا خلال السنوات المقبلة، وفق القاضي.
واعتبر رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية ظاهر ملحم إنشاء محطات إنتاج كهرباء محلية باستثمارات فلسطينية “يحقق أمن الطاقة في بلاده، في ظل رفض إسرائيل السماح ببناء خطوط النقل الكهربائية بين المحافظات”.
وتوقع ملحم أن يصل الحمل الأقصى للكهرباء إلى 2550 ميغاواط في عام 2035، أي “الحاجة إلى 1400 ميغاواط زيادة خلال الأعوام الـ12 المقبلة.
وطالب ملحم القطاع الخاص “الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية والطاقة التقليدية وطاقة الرياح، وغيرها من مشاريع إنتاج طاقة كهربائية قادرة على تلبية حاجات المواطنين”.
هذا واعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد إشتية، أن دخول القطاع الخاص في مشاريع استراتيجية وحيوية دليل على أنه “قادر على أن يحمل البلد”، مشيراً إلى أن المشروع يسهم في الانفكاك عن إسرائيل.
وأضاف اشتية، أن محطة التوليد في ترقوميا “ستغطي عجزاً ملموساً، ونعلم جيداً أين نحن ذاهبون بعد 10 سنوات، ونبذل الجهود كافة لتغطية حاجاتنا المستقبلية من الطاقة”، لافتاً إلى أن “دولة فلسطين لديها رؤية لمعالجة المشكلات المتعلقة باستيراد الطاقة، وهناك مشاريع طاقة كبرى سيتم توليدها في المنطقة، ونحن ندرس كيف نستفيد لتغطية العجز المستقبلي”.
ومع أن صندوق الاستثمار الفلسطيني أعلن قبل سبع سنوات مشروعاً لإقامة محطة لتوليد الكهرباء في جنين شمال الضفة الغربية، إلا أن المشروع الذي كان يفترض إنجازه في عام 2021 لا يزال يرواح مكانه.
وسيوفر المشروع نحو نصف حاجات السوق الفلسطينية من الكهرباء، وتقدر كلفته بنحو 620 مليون دولار أميركي.
وتوقع الخبير في شؤون الغاز الطبيعي طارق عواد نجاح مشروع إقامة محطة توليد الكهرباء في ترقوميا “بسبب طريقة الإدارة لدى القائمين عليه والحيوية عندهم”، مشيراً إلى أن المحطة ستوفر طاقة كهربائية أنظف وأرخص بعد الاستعانة بشركات عالمية متخصصة.
المصدر: إندبندنت عربية