تشهد أسعار الغرف الفندقية في مصر ارتفاعات متفاوتة خلال العام الجاري مدعومة بزيادة أعداد السياح من الخارج ونشاط السياحة الداخلية في موسم الصيف، ومع محدودية الطاقة الفندقية، في بلد يتجاوز سكانه 100 مليون مواطن، فمن المتوقع استمرار ارتفاع الأسعار حتى العام المقبل.
“الزيادة في أسعار الإقامة بالفنادق والمنتجعات السياحية خلال العام الحالي لن تقل عن 35% مقارنة بالعام الماضي، ومن المتوقع أن ترتفع بنحو 30% خلال العام المقبل”، بحسب تصريحات مسؤول حكومي بقطاع السياحة تحدث مع اقتصاد الشرق.
يتوافق رأي المسؤول الحكومي مع تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر لمعدل التضخم السنوي لأسعار مجموعة “خدمات الفنادق” بنسب تفوق 30%.
تستهدف مصر الوصول بأعداد السياحة الخارجية في عام 2023 إلى 15 مليوناً، متجاوزة الرقم القياسي المحقق في 2010، عند مستوى 14.7 مليون سائح.
وزار مصر نحو 7 ملايين سائح خلال النصف الأول من العام الجاري وهو ما رفع متوسط معدلات الإشغال الفندقية إلى 80%، مقابل 65% خلال نفس الفترة من 2022.
وتتعطش المقاصد السياحية في مصر للزيادة السعرية بعد سنوات عجاف نتجت عن جائحة كورونا في الفترة من 2020 وحتى 2022.
المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم نشر اسمه أرجع ارتفاع أسعار الخدمات الفندقية إلى نمو الحجوزات لقضاء العطلات في مصر، مشيراً إلى بلوغ معدل ارتفاع الأسعار 45% في بعض الوجهات.
زيادة متفاوتة
يتفق العاملون في قطاع السياحة على توقع ارتفاع أسعار الغرف الفندقية، ويختلفون حول معدل هذا الارتفاع وأسبابه، حيث يرى إبراهيم المسيري, الرئيس التنفيذي لشركة أبو سومة للتنمية السياحية، المطورة لمنطقة سوما باي، أن متوسط سعر الغرفة في منطقة سوما باي شمال مدينة الغردقة، ارتفع إلى ما بين 150 و200 دولار في الليلة خلال النصف الأول من 2023، ويتوقع زيادة أخرى قريبة بالتزامن مع الارتفاعات المتوقعة في التكلفة نتيجة التضخم المتزايد، ورجح المسيري أن تشهد كافة أسعار الغرف الفندقية في المناطق الساحلية زيادة أخرى لا تقل عن 10% بدءاً من العام الجديد، وتمثل الغرف الفندقية بمناطق البحر الأحمر نحو ثلث الطاقة الفندقية في مصر.
ويقول علاء عاقل، رئيس غرفة الفنادق المصرية، إن النمو في التدفقات السياحية الوافدة لمصر خلال العام الجاري، يؤهل لزيادة مستويات الأسعار بين 10 إلى 15% في العام المقبل.
أوضح عاقل أن هناك نمواً كبيراً في أسعار الغرف التي يتم حجزها مباشرة، مقارنة بأسعار الغرف التي يتم حجزها عبر شركات السياحة ومنظمي الرحلات، مشيراً إلى أن 95% من التدفقات السياحية الوافدة لمصر هي سياحة مجموعات و5% فقط سياحة أفراد أو ما يُطلق عليها الحجز المباشر، وهي التي يحدث بها تعديلات سعرية باستمرار وفق العرض والطلب.
وفي منطقة “نويبع– طابا”، أقصى شرق مصر، يقول سامي سليمان، رئيس “جمعية المستثمرين السياحيين” بالمنطقة، إن “المنطقة تُعد الأقل من حيث معدل الإشغال مقارنة بكافة المناطق السياحية في مصر، لكن نتوقع ارتفاع أسعار الغرف إلى مستوى يتراوح بين 120 و150 دولاراً لليلة بنهاية العام، مقارنة بنحو 70 إلى 100 دولار للغرفة في النصف الأول من 2023”.
توني غزال، رئيس “غرفة الفنادق في الإسكندرية والساحل الشمالي”، يرى أن الأسعار في المنطقة تشهد تفاوتاً كبيراً، لكن في المتوسط شهدت زيادة في الأسعار تراوحت بين 30% إلى 50% مقارنة بالعام الماضي، “أسعار الإقامة للفنادق في مطروح بين 5 إلى 10 آلاف جنيه (162: 324 دولار) أما أسعار الإقامة في المنتجعات في الساحل فقد تتجاوز الـ30 ألف جنيه لليلة الواحدة (972 دولاراً)”.
ويتوقع غزال أن تتصدر المنطقة معدلات الارتفاع مع الاستثمارات الضخمة التي تشهدها المنطقة، خاصة مدينة العلمين.
بينما يقول محمد عثمان، عضو مجلس إدارة غرفة الفنادق بجنوب مصر، إن مستويات الإقامة بالفنادق العائمة في منطقة الأقصر وأسوان سجلت نمواً يتراوح بين 25 إلى 30%، خلال النصف الأول من 2023 مقارنة العام الماضي، وأضاف، “الزيادة السعرية ستستمر حال استمرار نمو الطلب بنفس المستويات المتحققة خلال الشتاء الماضي، ونتوقع نمواً في الأسعار على الأقل 50% بدءاً من أكتوبر المقبل”.
النمو في الأسعار رفع عدد الفنادق العائمة العاملة في جنوب مصر إلى 160 فندقاً خلال النصف الأول من 2023، مقارنة بـ150 فندقاً خلال العام الماضي، مع توقع وصولها إلى 200 فندق عائم في الموسم المقبل، بحسب عثمان.
محدودية الغرف
تستهدف مصر زيادة حركة السياحة الوافدة إلى 30 مليون سائح بحلول 2028، وفق وزير السياحة المصري أحمد عيسى، وهو ما تطلب عمل الوزارة على هدف مضاعفة الطاقة الفندقية الحالية، والتي تبلغ 220 ألف غرفة، لاستيعاب الزيادة المستهدفة، ولكن هذا الرقم يبدو متفائلاً من حيث القدرة على الاستيعاب، والقدرة على تنفيذه في ظل ارتفاع تكلفة تمويل الاستثمار حالياً.
“الطاقة الاستيعابية القصوى الحالية للغرف الفندقية في مصر تصل 17 مليون سائح، ونمتلك 150 ألف وحدة تحت الإنشاء، تجعلنا قريبين من القدرة على استيعاب 20 مليون سائح، ولكن ضخ استثمارات جديدة يحتاج خطوات أكثر”، هكذا قال أحد المسؤولين عن الترويج للاستثمار السياحي في حديثه مع “اقتصاد الشرق” .
يقول المسؤول، إن “المستثمرين يركزون حالياً على تحقيق الربح من الأنشطة المرتبطة بالإقامة الفندقية، وليس مكاسب الإقامة نفسها ذات الربح المحدود الذي يدور حول 10% تقريباً من إجمالي أرباح القطاع، بينما يسيطر نشاط بيع العقارات السياحية والنقل والأنشطة الترفيهية على باقي هامش الربح”، مشيراً إلى أن الدولة بدأت في دراسة وضع حوافز خاصة بالاستثمار السياحي، ما يقرب الدولة من تحقيق مستهدفها.
يعوق نمو الاستثمارات في قطاع السياحة في مصر، قرار البنك المركزي في الأسبوع الأخير من يوليو الماضي، والذي نص على إلغاء مبادرة تمويل ذات عائد منخفض (11%)، لدعم قطاع السياحة، ما تسبب في التوقف عن منح أي تمويل جديد في إطار المبادرة المذكورة، وذلك في وقت تقترب فيه تكلفة التمويل من 20%.
تدرس الحكومة حالياً إطلاق مبادرة جديدة لتمويل مشروعات الاستثمار السياحي بالتزامن مع استراتيجية مضاعفة الطاقة الفندقية العاملة.
وقال أحد المستثمرين القريبين من الملف “من المتوقع خروج المبادرة الجديدة خلال سبتمبر المقبل وسيتم فيها التفرقة بين التمويل لإنشاء مشروعات سياحية جديدة، والتمويل اللازم لعمليات الإحلال والتجديد، مع دراسة تنويع الفائدة حسب درجة التشبع السياحي في المناطق المختلفة”.
المصدر: الشرق