قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الأربعاء، خلال استقباله وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن بغداد لن تسمح “لأي جهة أو تنظيم” أن يعبث بالأمن أو استخدام الأراضي العراقية منطلقاً للاعتداء على دول الجوار.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، أن السوداني شدد على أهمية “تفعيل المزيد من التعاون في إطار اللجان الأمنية المشتركة مع تركيا واعتماد الحوار، بعيداً عن التصرف أحادي الجانب”.
من جانبه، ثمن الوزير التركي جهود الحكومة العراقية في مكافحة الإرهاب والسعي لتحسين البنى التحتية، وأبدى رغبة بلاده واستعدادها لدعم العراق في مختلف المجالات، مؤكداً “التوجه الجاد والحرص على حل المشاكل العالقة بين البلدين”.
وبحسب وكالة الأنباء العراقية، أكد السوداني “التوجه نحو تفعيل المزيد من التعاون في إطار اللجان الأمنية المشتركة مع تركيا، واعتماد الحوار بعيداً عن التصرف أحادي الجانب”، لافتاً إلى “ضرورة التنسيق بين العراق وتركيا، في مختلف القضايا الإقليمية، لتبنّي مواقف مشتركة تخدم مصالح الشعبين الصديقين”.
زيارة هامة ومشكلات عالقة
وتكتسب الزيارة أهمية خاصة لكونها أول زيارة لوزير تركي إلى العراق بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة السوداني، بالإضافة إلى أنها تعتبر زيارة تحضيرية قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق.
وبعد فيدان، من المتوقع أن يتوجه وزير التجارة التركي عمر بولاط إلى العراق، فيما ستجري زيارة الرئيس أردوغان للعراق بعد هاتين الزيارتين، وفق ما نقلته وكالة الأنباء التركية “الأناضول”.
وتشهد العلاقات التركية العراقية خلافات حول عدد من القضايا، منها وجود حزب العمال الكردستاني في العراق الذي تحاربه تركيا على مدار أكثر من 3 عقود داخل البلاد وخارجها، إذ تعتبره تهديداً لأمنها القومي، ومطالبات العراق بزيادة حصته في نهري الفرات ودجلة، اللذين ينبعان من تركيا ويصبان في العراق.
بالإضافة إلى الخلافات حول بيع النفط العراقي إلى الأسواق الدولية عبر تركيا، إذ أوقفت الأخيرة صادرات النفط التي تبلغ 450 ألف برميل يومياً من شمال العراق عبر خط الأنابيب العراقي التركي في مارس، بعدما أمرت غرفة التجارة الدولية تركيا بدفع تعويضات لبغداد عن أضرار لحقت بها من تصدير حكومة إقليم كردستان العراق النفط دون إذن الحكومة الاتحادية بين 2014 و2018.
وكان خط الأنابيب ينقل أيضاً ما يقرب من 75 ألف برميل يومياً من النفط التابع للحكومة الاتحادية من حقول كركوك.
حصة العراق المائية
وثمّن السوداني “المبادرة التركية الأخيرة بزيادة الإطلاقات المائية لنهر دجلة”، داعياً الجانب التركي إلى “زيادة الإطلاقات المائية لنهر الفرات أيضاً، لا سيما أن العراق مقبل على زيارة دينية وحشود مليونية من داخل البلد وخارجه”.
ويعاني العراق نقصاً كبيراً في منسوب نهري دجلة والفرات اللذين ينبعان من تركيا، إذ تكرر أوساط رسمية وشعبية، اتهامات لأنقرة بتعمد قطع المياه.
ووعد الرئيس التركي في مارس الماضي، بإطلاق مزيد من المياه في نهر دجلة، دون أي اتفاقية تنظم توزيع المياه بين البلدين.
زيادة التجارة
بدوره، عقد الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد لقاءً مع الوزير فيدان، وفق ما نشرته وزارة الخارجية التركية على موقع “إكس”، (تويتر سابقاً)، وأوضحت الوزارة أن الجانبين بحثا قضايا زيادة التجارة المتبادلة ومكافحة الإرهاب وكفاءة استخدام المياه العابرة للحدود بين البلدين.
كما التقى فيدان مع رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، إضافة إلى زعيم تحالف السيادة العراقي خميس الخنجر، وممثلي التركمان في العراق.
كما سيتوجه فيدان إلى مدينة أربيل للقاء مسؤولي حكومة إقليم كردستان العراق.
المياه ومكافحة الإرهاب
والثلاثاء، التقى وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين نظيره التركي، وعقدا مؤتمراً صحافياً أعلن فيه حسين أنه بحث مع الجانب التركي حصول بغداد على حصة عادلة من المياه.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن حسين قوله إن العلاقة الاقتصادية والتجارية بين البلدين “في حالة تصاعد مستمر”.
وأعرب الوزير التركي عن دعم أنقرة لإنشاء مشروع طريق التنمية الذي تسعى حكومة السوداني للبدء به، وهو عبارة عن طريق بري يربط شمال الخليج العربي بأوروبا عبر العراق وتركيا، مبيناً أن “هذا المشروع سيجلب الازدهار للعراق والمنطقة ويحول العراق إلى مركز للنقل بالمنطقة”.
وتحدث فيدان عن “مكافحة الإرهاب”، وما يتعلق بحزب العمال الكردستاني الذي لديه قواعد خلفية في شمال العراق، مطالباً بغداد بـ”الاعتراف به كمنظمة إرهابية”.
مطالب بالضغط على تركيا
عضو لجنة المياه في مجلس النواب، ثائر الجبوري، طالب في تصريحات لـ”وكالة أنباء العالم العربي” (AWP)، الحكومة العراقية بـ”إعمال أوراق الضغط تجاه تركيا للوصول إلى حل لأزمة الجفاف التي تضرب البلاد بسبب سياسات أنقرة التي قطعت المياه عن نهري دجلة والفرات”.
وأوضح الجبوري، أن “تركيا تعتبر السوق العراقية بوابة مهمة لإنعاش اقتصادها، وهذه ورقة مهمة للضغط على تركيا بيد الحكومة العراقية”.
وأضاف: “إذا لم تستجب تركيا لهذه المطالب والحقوق العراقية، واستمرت في سياسة قطع المياه، فعلى الحكومة العراقية اللجوء بشكل عاجل ورسمي إلى المحاكم الدولية لإلزام تركيا بإطلاق الحصة المائية للعراق بشكل عادل”.
انزعاج تركي
ورداً على سؤال بشأن اهتمام أردوغان بالعراق، رأى الباحث المختص بالعلاقات العراقية التركية، عادل زين العابدين، أن “الرئيس التركي، منزعج من موقف العراق تجاه حزب العمال الكردستاني، وعدم اتخاذ بغداد أي خطوات ملموسة بهذا الاتجاه”.
وأشار زين العابدين في حديثه لوكالة أنباء العالم العربي، إلى أن “هذا الملف يعتبر هو الملف الرئيس بالنسبة لتركيا، رغم أن الجانب العراقي، يبني حالياً نقاطاً أمنية في شمال البلاد على الحدود المشتركة”.
وفيما استبعد أن “يحظى ملف المياه بمعالجات ملموسة من قبل الجانب التركي”، أكد أن “أنقرة تولي أهمية كبرى لطريق التنمية، إذ يعد ممراً لربط تركيا بدول الخليج وغيرها، في ظل مساعي أردوغان لتطوير العلاقات السياسية والتجارية مع دول الخليج”.
المصدر: الشرق