يضيق الخناق على حركة النهضة الإخوانية في تونس منذ تجميد أعمال البرلمان وحل الحكومة من قبل الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو 2021 ثم اعتقال رئيسها راشد الغنوشي في أبريل الماضي، إذ لا تزال هذه الحركة التي حكمت تونس بين 2011 و2021 وعدد من قيادييها، عرضة للاتهامات بالإرهاب واستغلال السلطة والسيطرة على أجهزة الدولة القضائية والاقتصادية والتخابر مع قوى أجنبية بهدف التآمر على أمن البلاد.
وتواجه حركة النهضة منذ أسبوع محنة جديدة وذلك بعد قرار عدد من نواب البرلمان الجديد إصدار لائحة سياسية لتصنيفها حركة إرهابية في خطوة أولى تمهيدا لتصفية الحركة نهائيا.
ووقع على لائحة تصنيف النهضة كحركة إرهابية عدد من النواب.
وبعد أشهر من إيداع رئيس حركة النهضة السجن في 17 أبريل 2023، بتهمة “التآمر على أمن الدولة الداخلي وتدبير الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض”، تواصلت عزلة الحركة الإخوانية المتهمة بالضلوع في الاغتيالات السياسية التي شهدتها تونس في 2013 وتحديدا اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
عزلة متواصلة
- وجهت النيابة العامة لقطب مكافحة الإرهاب في تونس تهما تتعلق بالتآمر على أمن الدولة في حق الغنوشي وذلك على خلفية تسريب مقطع فيديو لمحادثة جمعت بينه وبين قيادات من جبهة الخلاص الوطني المعارضة للرئيس قيس سعيد، اعتبر فيها أنّ “إبعاد الإسلام السياسي أو اليسار أو أي مكون في تونس مشروع لحرب أهلية”.
- صدرت في تلك الفترة بطاقات اعتقال وإيداع بالسجن في عدد من قياديي النهضة من بينهم عضو البرلمان السابق عن الحركة الصحبي عتيق والوزير السابق محمد بن سالم فضلا عن خيام التركي وأحمد العماري وآخرين بعد إدانتهم بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والتدبير لتغيير هيئة الدولة والتحريض على حرب أهلية.
- فيما ينفي أعضاء حركة النهضة صلتها بجرائم الاغتيالات السياسية في تونس، مطالبين كل من لديه ملف أو وثائق تدينها بالتقدم بها إلى القضاء، يمضي أصحاب مبادرة تصنيف النهضة بالحركة الإرهابية في طريق جمع مزيد من المؤيدين.
- تستند اللائحة إلى الدستور التونسي وإلى ميثاق الأمم المتحدة وقانون تنظيم الأحزاب السياسية “للمطالبة بتصنيف النهضة تنظيما إرهابيا والدعوة لحلها وفاء لدماء الشهداء”، وفق ما ورد في تقديم اللائحة.
أدلة ثابتة
شددت اللائحة على ضرورة محاسبة كل من أجرم في حق الشعب طيلة العشرية الأخيرة، والعمل على استرجاع السيادة الوطنية وهيبة مؤسسات الدولة وحمايتها من الاختراقات التي دأبت عليها حركة النهضة.
ويعتبر النائب عن حركة المبادرة لمجلس نواب الشعب طارق مهدي في تصريحه لـ”سكاي نيوز عربية”:
- لائحة تصنيف الحركة الإخوانية تنظيما إرهابيا يأتي تماشيا مع ما تشهده البلاد من تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية واستحقاقات تصب في خانة ضرورة محاسبة من أجرموا في حق البلاد طيلة 11 عاما.
- الجميع على بينة من الأحداث التي شهدتها تونس زمن حكم النهضة من ملف التسفير إلى سوريا إلى جرائم الاغتيالات والتقاتل بين التونسيين والاعتداءات المسلحة واغتيال الأمنيين والعسكريين ومهاجمة مقرات السيادة، هذه الأحداث الخطيرة كانت زمن حكم الحركة الإخوانية وهي بمثابة الأدلة الثابتة على من أجرموا في حق الدولة.
- بعض قياديي الحركة كانت صلتهم واضحة بهذه الملفات وهناك قضايا منشورة لدى القضاء وبالتالي فلائحة تصنيف النهضة تنظيما إرهابيا تمهيدا لحلها هو استجابة لمطالب فئة واسعة من الشعب، أعضاء البرلمان بادروا بتقديم اللائحة والقضاء هو من سيحسم في المسألة.
- ويطالب أعضاء البرلمان الجديد عددا المؤسسات الوطنية والشخصيات السياسية بالانخراط في هذا التوجه تمهيدا لحل الحركة.
قرار بين أيدي القضاء
من جهته، كشف النائب بمجلس الشعب بدر الدين القمودي:
- اللائحة تنضوي على تسجيل نقاط سياسية لأعضاء البرلمان في شباك خصومهم من حركة النهضة باعتبار أن المسألة في نهاية المطاف ستكون بين أيدي القضاء وهو المخول قانونيا بتصنيف الأحزاب السياسية كتنظيم إرهابي من عدمه.
- مرسوم الأحزاب لسنة 2011 يعطي حق الكاتب العام للحكومة تحديد الإخلالات التي قد تفضي في النهاية إلى حل حزب سياسي ما بحكم قضائي، المسألة هنا تندرج ضمن ورقة ضغط يمارسها البرلمان وتحريك المياه الراكدة واستباق الأحداث خصوصا في ظل تواتر تصريحات لقياديين من حركة النهضة بالعودة إلى الواجهة وعقد مؤتمر سياسي جديد وبالتالي مسألة حل الحركة يبقى من مشمولات القضاء التونسي والمرسوم الحكومي المنظم للأحزاب.
- هناك عدة أسئلة تحتاج إلى إزاحة الغموض، فبطء الإجراءات بخصوص حسم الملفات المتعلقة بالحركة يتزامن مع إعلان عدد من قيادييها الإعداد لعقد مؤتمرها، وهذا ما ينبىء بمستجدات أخرى قد تقلب المشهد برمته.
بدوره، يرى المحلل السياسي مراد علالة في حديثه لـ”سكاي نيوز عربية”:
- اللائحة التي تطالب بتصنيف النهضة تنظيما إرهابيا تمهيدا لحلها هي مبادرة لإحدى النائبات (فاطمة المسدي) لكن الشروع في إجراءات حل الحركة لن يكون إلا بين يدي القضاء دون غيره.
- هذا لا ينفي ضرورة محاسبة كل من أجرم في حق الدولة سواء الأحزاب أو الأشخاص، لابد من مقاضاة من حرض على التآمر على البلاد لكن الوضع الذي تشهده تونس في الوقت الراهن يستوجب منح الملفات الاقتصادية والاجتماعية وحلحلة الأزمة الاقتصادية وفقدان المواد الأولية ومحاسبة من يسعى لتجويع الشعب قبل الدعوة لتصفية حركة النهضة أو تصنيفها وهو أمر موكول للجهاز القضائي.
- يشار إلى أن النائبة بالبرلمان الحالي فاطمة المسدي أكدت في تصريحات سابقة أن هذه اللائحة تهدف إلى “المطالبة بحل النهضة على خلفية شبهات تمويلات أجنبية وتورطها في الاغتيالات السياسية.
المصدر: سكاي نيوز عربية