كشفت القناة 12 الإسرائيلية، مساء أمس السبت، في تقرير، النقاب عن وجود تنسيق وتعاون بين العديد من الوزارات الحكومية لرصد ميزانيات وبذل الجهود من أجل تنفيذ رؤية ترميم “الهيكل” المزعوم في ساحات المسجد الأقصى الشريف.
في الآونة الأخيرة، وبالتعاون مع الوزارات الحكومية، تُبذل العديد من الجهود لتنفيذ رؤية من وقت تدمير الهيكل الثاني، والتي بموجبها حرق بقرة كوشير حمراء سيمكن من صعود ملايين اليهود إلى جبل الهيكل، وإقامة الهيكل الثالث في المجمع، ويعلق مؤيدو تحقيق الرؤية آمالهم على خمس بقرات حمراء تم إحضارهم إلى إسرائيل على متن طائرة من تكساس وتم اختيارهم بعناية.
أولئك الذين يقفون وراء البحث المحموم عن البقرة الحمراء منظمتان يمينيتان: منظمة بونا إسرائيل، التي تتكون من مسيحيين إنجيليين وأشخاص يمينيين برئاسة رجل يدعى تساحي ميمو، ومعهد الهيكل، برئاسة الحاخام إسرائيل ارييل، هو الراعي الروحي للوزير إيتمار بن غفير، والرقم الثاني سابقًا للحاخام مئير كهانا في حركة توه، التي كانت محظورة.
ومع ذلك، يبدو أن المنظمات اليمينية ليست الوحيدة التي تروج لهذه الخطوة.
قبل بضع سنوات، قدمت وزارة القدس اقتراحًا تصميميًا لبناء منتزه جبل الزيتون، وادعى المسؤولون الذين شاركوا في التخطيط أن مساره يهدف، من بين أمور أخرى، إلى الاحتفال المستقبلي بحرق البقرة.
ليست هذه هي المشاركة المالية والتنظيمية الوحيدة للحكومة في الترويج للمشروع، حيث يتم تحويل ملايين الشواقل إلى المنظمات التي تروج لهذه القضية، وقدمت وزارة الزراعة تصاريح استثنائية لاستيراد الأبقار من الولايات المتحدة ومنحت أيضًا إعفاء من علاماتهم.
كما تظهر في الصورة مكاتب الخدمات الدينية والاستيطان والتعليم، والمدير العام لوزارة القدس والتراث ناثانيال اسحق الذي لا يدعم فقط بل ذهب بنفسه لقبول الانتهاكات التي حدثت في المطار.
“حرب يأجوج ومأجوج”
أوضح الباحث الديني دكتور تومير برسيكو، أن هذه الخطوة يجب أن تؤدي إلى تغيير حقيقي في طبيعة إسرائيل، على الأقل على الورق
لكن ليس اليهود وحدهم مشغولون بهذا العمل، فقد صب تيار كبير من المسيحيين الإنجيليين الكثير من المال في بناء هيكلنا، وليس من المؤكد أن الجميع سيرغب في معرفة السبب.. “المسيح الدجال ” ” الشيطان “الذي يحتاج إلى أن يأتي إلى هنا ويدنس الهيكل “.
ويتابع برسيكو: “ثم تبدأ حرب يأجوج ومأجوج، حيث يموت ثلثا اليهود، ويتحول ثلثهم إلى المسيحية. العالم لن يدوم أيضًا. كما تعلمون هذه كارثة توراتية.”
وردت وزارة التراث: “وصول الأبقار الحمراء إلى إسرائيل لم يتم تنفيذه أو تخصيصه في الميزانية من قبل الوزارة، وقد شارك مدير عام الوزارة في مراسم وصولهم بشكل خاص وأثناء ولاية الحكومة السابقة، ومخطط المنتزه على جبل الزيتون كان مخصصا لأغراض السياحة وليس لصالح حريق البقرة الحمراء “.
وقالت وزارة الزراعة في ردها: “يتم منح رخصة استيراد للمصدر ما دامت الدولة معتمدة لنوع الاستيراد المطلوب، وقد وافقت الولايات المتحدة على ذلك منذ عام تقريبًا، والسلالات المذكورة في المقال مستوردة لاغراض التكاثر واستوفيت جميع شروط الاستيراد التي تطلبها الوزارة “.
التعاليم اليهودية
من جانبه، قال الباحث بالشؤون اليهودية والصهيونية والسياسية الدكتور صالح لطفي، في حديثه للجزيرة نت، أن المؤسسة الإسرائيلية بمختلف أذرعها، وفي ظل الظروف الفلسطينية والإقليمية الراهنة، تسعى إلى تحقيق أسطورة بناء “الهيكل الثالث” المزعوم، لافتا إلى أن حكومة نتنياهو بات لديها اعتقاد كبير بأن الفرصة مواتية لتحقيق نظرية “المخلص” وفق الفكر الصهيوني الديني المتجدد، لتحل هذه النظرية محل المعتقد التوراتي “نزول المسيح المنقذ” الذي يؤمن به التيار الحريدي.
وفي الوقت الذي يدعو فيه تيار الصهيونية الدينية الجديدة إلى عدم انتظار نزول “المسيح المنقذ” لبناء “الهيكل الثالث” المزعوم، لا يزال التيار الحريدي يحظر اقتحام المسجد الأقصى (الصعود إلى جبل الهيكل) ويطالب بالتريث حتى نزول “المسيح المنقذ” لتخليص الشعب اليهودي، وليأذن لهم بناء الهيكل المزعوم، وفق ما يؤكده لطفي.
ورغم تباين المواقف حول توقيت بناء “الهيكل الثالث” المزعوم، يضيف لطفي “إن جميع أحزاب الائتلاف الحكومي، وبضمنها حزب الليكود، تتفق فيما بينها على ضرورة مواصلة التحضيرات والتجهيزات لبناء الهيكل، وتجهيز لباس الكهنة، وتربية البقرة الحمراء، وتعزيز مكانة الحاخام الأكبر”.
ووفقا للجزيرة نت، يعتقد أن المجتمع الإسرائيلي يتجه منذ سنوات نحو التطرف الديني بمواقفه وليس التطرف السياسي فقط، إذ باتت فكرة “الهيكل المزعوم” متجذرة حتى لدى شرائح واسعة من تيار العلمانيين والليبراليين الإسرائيليين، وكذلك بين أوساط ما يسمى “اليسار الصهيوني اليهودي”.
حرب دينية
ورغم التحضيرات ورصد الميزانيات، يستبعد الباحث إقدام حكومة نتنياهو الوقت الراهن على بناء الهيكل في ساحات الحرم القدسي الشريف، مشيرا إلى أن هذا يعد بمثابة خطوة انتحارية للكيان الإسرائيلي، من شأنها إشعال انتفاضة دينية في فلسطين التاريخية، مع الأخذ بنظر الاعتبار أنها ستنتقل للعالمين العربي والإسلامي، الأمر الذي سيعرض المنطقة لحرب دينية.
كما يعتقد أن إسرائيل على قناعة بأنه لا يمكنها حسم حرب دينية مع العالمين العربي والإسلامي، مشيرا إلى أن نشر التقرير بهذا التوقيت بمثابة “بالون اختبار” وجس نبض للشعب الفلسطيني، فضلا أن نشر فكرة بناء “الهيكل” تهدف لتحقيق مكاسب سياسية إسرائيلية ورسائل للجمهور اليهودي، مع الأخذ في الاعتبار أن المعلن بالسياسات يختلف عما يطبق على أرض الواقع، وفق قوله.
المصدر: الجزيرة – N12