رايت رايتس

الحرائق في اليونان خارج السيطرة والمكافحة تمتد إلى تركيا وقبرص وإيطاليا

الديسك المركزي
كتبه الديسك المركزي تعليق 11 دقيقة قراءة
11 دقيقة قراءة

تشهد أوروبا والولايات المتحدة موجات حر شديدة بعد بلوغ الحرارة درجات قياسية ما كان لها أن تتصل إليها لولا التغير المناخي، بحسب ما أعلنت شبكة “وورلد ويذر أتريبيوشن” العلمية الثلاثاء، التي تتولى درس الصلة بين ظواهر الطقس القصوى والتغير المناخي، ولاحظت بدورها أن هذا الأخير جعل موجة الحر في الصين “أكثر احتمالًا بـ 50 مرة في الأقل”.

- مساحة اعلانية-

واعتباراً من أمس الثلاثاء، تستعد اليونان لموجة قيظ جديدة في وقت تواصل حرائق الغابات التهام مساحات من جزر رودوس وكورفو وإيفيا وفق السلطات، فيما أرجع رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس الوضع إلى التغير المناخي.

تداعيات مناخية

- مساحة اعلانية-

بلغت الحرارة يوم الثلاثاء 41 درجة مئوية و44 درجة في وسط البلاد، بحسب هيئة الأرصاد الجوية.

وتحطمت قاذفة مياه على متنها شخصان” الثلاثاء خلال مكافحتها حريق غابة جنوب جزيرة إيفيا اليونانية، بحسب ما أعلن المتحدث باسم فرق الإطفاء يانيس أرتوبيوس.

وأكد أرتوبيوس، أن “طائرة يونانية من طراز كندير مع ما لا يقل عن شخصين على متنها سقطت قرب قرية بلاتانيستو” في جزيرة إيفيا، فيما تشهد اليونان موجة قيظ وحرائق هائلة منذ أكثر من 10 أيام.

- مساحة اعلانية-

وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، اليوم خلال اجتماع وزاري بثت بدايته مباشرة على القناة التلفزيونية العامة “إي آر تي” إن “مكافحة الحرائق ستبقى صعبة دائماً لأننا نعيش تداعيات الأزمة المناخية”، مضيفاً “أمامنا فصل صيف صعب”.

وأكد خبراء الأرصاد أن اليونان تشهد إحدى أطول موجات القيظ خلال الأعوام الأخيرة، وإن بقيت الحرارة دون مستواها القياسي التاريخي وهو 48 درجة.

وسجلت منطقة غيثيو في شبه جزيرة بيلوبونيز جنوب اليونان حرارة بلغت 46.4 درجة مئوية أول من أمس الأحد، كما رفعت السلطات اليونانية مستوى الإنذار في مناطق عدة من البلاد الى “الأحمر” اليوم الثلاثاء، مما يعني “خطراً بالغاً” من اندلاع حرائق غابات.

وتسبب ارتفاع درجات الحرارة والرياح القوية التي بلغت سرعتها 60 كيلومتراً في الساعة وسط بحر إيجه إلى حرائق هائلة مستمرة منذ ثمانية أيام، ودمرت نحو 35 ألف هكتار من المساحات الحرجية حتى الآن في اليونان، بحسب تقديرات الفرع اليوناني لمنظمة WWF غير الحكومية، كما اجتاحت الحرائق جزراً تعد مقاصد سياحية شهيرة مثل جزيرة رودوس قبالة السواحل التركية وجزيرة كورفو في البحر الأيوني، في ظل موسم سياحي حافل بالحجوزات.

وعلى بعد 100 كيلومتر تقريباً من أثينا التهمت النيران جنوب جزيرة إيفيا الكبيرة بعد عامين من حرائق دمرت الجزء الشمالي منها.

واعتبر ميتسوتاكيس، أن “لا حل سحرياً في مواجهة ما تمر به منطقة البحر المتوسط وهي نقطة ساخنة لظاهرة التغير المناخي”، مؤكداً أن “الجهود المنسقة للسلطات يمكنها تقليص عواقب الأزمة المناخية”.

وفي السياق واصل عناصر الإطفاء مكافحة حرائق الغابات المندلعة في رودوس وكورفو وإيفيا التي تؤججها الرياح القوية، وأكدت أجهزة الإطفاء أن 266 عنصراً معززين بطوافتين وطائرتي إطفاء يحاولون إخماد الحرائق المندلعة منذ ثمانية أيام في جزيرة رودوس، حيث اضطرت السلطات إلى تنظيم عملية إجلاء غير مسبوقة لنحو 30 ألف من السياح والمقيمين.

وفي قرية فاتي جنوب شرقي رودوس، قال رئيس بلديتها فاسيليس كالابوداكيس، إن “ما يحدث مأسوي”، مضيفاً “تلقت القرية أمر الإخلاء لكن لا يمكننا تركها ونحن نكافح من أجل حماية قريتنا”.

وعلى بعد عشرات الكيلومترات من هذه القرية شمال الجزيرة يقدم متطوعون مساعدة لسياح أجانب تم إجلاؤهم السبت، ويقيمون في مدرسة منذ يومين، ولا يزال 200 سائح تقريباً يبيتون في هذه المدرسة بعدما فروا يومي السبت والأحد الماضيين من فنادق وبيوت ضيافة اقتربت منها الحرائق.

وفي شمال جزيرة كورفو، التي تم إجلاء نحو 2500 شخص منها ليل الأحد – الإثنين يعمل 62 عنصر إطفاء وطوافة وطائرتا إطفاء على مكافحة الحرائق.

جنوب إيطاليا

ويتأثر جنوب إيطاليا بموجة حر مع تسجيل 47.6 درجة مئوية منذ أمس الإثنين في كاتانيا بصقلية، وفقاً للحماية المدنية، كما يكافح رجال الإطفاء في صقلية خلال الليل حرائق عدة وصل أحدها إلى موقع قريب من مطار باليرمو الذي أغلق ساعات عدة خلال الصباح، كما تأثرت حركة النقل السكك الحديد بهذه الحرائق.

وكتب وزير الحماية المدنية نيلو موسوميسي، الثلاثاء، على حسابه عبر “فيسبوك”، “نعيش في إيطاليا أحد أكثر الأيام تعقيداً منذ العقود الماضية، الفيضانات والأعاصير وزخات البرد العملاقة في الشمال والحرارة الشديدة والحرائق المدمرة في الجنوب”، مضيفاً “التقلبات المناخية التي تؤثر في بلدنا تتطلب منا جميعاً تغييراً في التصرفات”.

حريق غابات في تركيا

وفي تركيا كافح رجال الإطفاء حريق غابات قرب بلدة كيمير الشاطئية بإقليم أنطاليا الجنوبي اليوم الثلاثاء، إذ يواجهون الحريق من البر والجو في ظل ارتفاع درجات الحرارة في أنحاء المنطقة.

وقال مكتب حاكم أنطاليا في بيان إن الحريق انتشر بسرعة عبر الغابات في المنطقة نتيجة للرياح القوية وانخفاض نسبة الرطوبة، وقال وزير السياحة محمد نوري أرصوي للصحافيين إنه تم نشر 10 طائرات و22 مروحية وأكثر من 200 مركبة في إطار جهود مكافحة الحريق، فيما أتت النيران على نحو 120 هكتاراً من أراضي الغابات في منطقة كيمير.

واندلع الحريق في تركيا مع اشتداد موجة الحر الشديد في مناطق كبيرة من حوض البحر المتوسط، وقال حاكم أنطاليا أرسين يازجي إن السلطات المحلية اتخذت جميع الإجراءات اللازمة لمنع امتداد الحريق إلى المناطق السكنية، وقالت السلطات المحلية إنه تم إخلاء مستشفى في كيمير كإجراء احترازي ونقل ستة أشخاص إلى المستشفى بسبب استنشاق الأدخنة.

فرنسا تتأهب

وفي فرنسا وضعت مصلحة الأرصاد الجوية الوطنية مقاطعة بوش دو رون في الجنوب الشرقي في أعلى مستوى من التأهب، وقالت المصلحة إن “الأحوال الجوية تجعل خطر اندلاع حرائق الغابات والنباتات وانتشارها مرتفعاً بالنسبة إلى معدلات فصل الصيف”.

موجة حر في قبرص

وفي قبرص أخمد رجال الإطفاء حريقا أتى على حوالى 20 هكتاراً من الغابات وسط إحدى أطول موجات الحر في تاريخ الجزيرة، كما أعلن مسؤولون الثلاثاء، وكان ذلك أسوأ حريق واجهته قبرص هذا الصيف في وقت تبقى الحرارة بمستوى 40 درجة مئوية أو أعلى منذ الـ 12 من يوليو (تموز) الجاري.

وأظهرت بيانات مكتب الأرصاد الجوية أن هذه الموجة قد تكون الأطول في تاريخ الجزيرة الحديث، إذ يرتقب أن تبقى الحرارة أعلى من 40 درجة مئوية خلال الأسبوع.

وقال مسؤول إدارة الغابات جورج كونستاتينو، إن الحريق الذي اندلع مساء أمس الإثنين في منطقة إليتزيس النائية وغير المأهولة في الجبال الوسطى الحرجية بالجزيرة تمت السيطرة عليه بعد جهود استمرت طوال الليل.

وانتشر أكثر من 100 عنصر إطفاء وعشرات المركبات وسبع طائرات لمنع امتداد الحريق إلى غابة بافوس التي تتضمن بعض أكبر أشجار الأرز والصنوبر والبلوط في الجزيرة، كما وضعت قاعدة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني قرب المكان على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة.

وقال كونستانتينو، إنه لحسن الحظ لم تكن هناك حالات اشتعال بسبب نقص الرياح، وأوضح رئيس إدارة الغابات خارالمبوس ألكسندرو أنه من المشتبه فيه أن أحد كابلات التوتر العالي الكهربائية كان مصدر الحريق.

وخلال موجة الحر الطويلة التي اجتاحت الجزيرة ازداد الطلب على الطاقة ووصل الى مستويات قياسية، فيما توفي شخص إثر إصابته بضربة شمس.

وقال علماء من مجموعة World Weather Attribution، يوم الثلاثاء، إن موجات الحر التي ضربت أجزاء من أوروبا وأميركا الشمالية هذا الشهر لم تكن لتحصل لولا تغير المناخ الذي يسببه الإنسان.

الاحتباس الحراري

في السياق برهنت شبكة “وورلد ويذر أتريبيوشن” الثلاثاء، أن موجات الحر الشديد التي تشهدها أوروبا والولايات المتحدة كان من المستحيل تقريباً أن تحصل لولا التغير المناخي، ولاحظت هذه الشبكة العلمية التي تتولى درس الصلة بين ظواهر الطقس القصوى والتغير المناخي أن هذا الأخير جعل موجة الحر في الصين “أكثر احتمالًا بـ 50 مرة في الأقل”.

وأوضحت الشبكة، أن التغير المناخي الناجم عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان “جعل موجات الحر أكثر حراً وأطول وأكثر تواتراً”.

وخلص الباحثون إلى، أن “موجات الحر الأخيرة لم تعد أحداثاً استثنائية” وتلك التي ستحدث “ستكون أكثر كثافة وأكثر شيوعاً إذا لم يتم الحد من الانبعاثات بسرعة”، فإذا كانت الظواهر الطبيعية مثل الأعاصير المضادة أو “إل نينو” يمكن أن تسهم في التسبب بموجات الحرارة هذه، فإن “ارتفاع درجة حرارة الكوكب من طريق حرق الوقود الأحفوري هو السبب الرئيس لخطورتها”.

وللتوصل إلى هذه الاستنتاجات اعتمد معدو الدراسة وهم سبعة علماء هولنديون وبريطانيون وأميركيون على بيانات الطقس التاريخية ونماذج المناخ لمقارنة مناخ اليوم والاحترار العالمي بمقدار 1.2 درجة مع ما كان عليه الأمر في الماضي، ونشر الباحثون هذه النتائج على نحو طارئ من دون المرور بعملية مراجعتها الطويلة من قبل نظرائهم أعضاء اللجان المتخصصة في المنشورات العلمية، لكن دراستهم أجريت بواسطة أساليب معتمدة من قبل هذه اللجان.

واهتم العلماء خصوصاً بدرس المراحل التي كانت فيها الحرارة الأكثر خطورة، أي من الـ 12 وحتى الـ 18 من يوليو الجاري في جنوب أوروبا، ومن الأول إلى الـ 18 من يوليو الجاري في غرب الولايات المتحدة وتكساس وشمال المكسيك، ومن الخامس وحتى الـ 18 من يوليو في وسط الصين وشرقها.

وأشاروا إلى أن الاحترار العالمي يفاقم شدة درجات الحرارة، إذ يجعل موجات الحر في أوروبا أكثر حراً بنحو درجتين ونصف درجة مئوية، وفي أميركا الشمالية بنحو درجتين مئويين، وفي الصين بدرجة مئوية واحدة، وفق “وورلد ويذر أتريبيوشن”.

وتوقعت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) والمرصد الأوروبي كوبرنيكوس أن يصبح شهر يوليو (تموز) 2023 على الأرجح الأكثر سخونة في العالم منذ مئات إن لم يكن آلاف السنين.

وتوقعت عالمة المناخ البريطانية فريدريكيه أوتو، أن يصبح ما حصل بداية الصيف الجاري هو القاعدة، مضيفة “يمكن اعتبار هذا الطقس منعشاً إذا لم نحقق الحياد الكربوني”.

ورأت أوتو، أن “ثمة حاجة ملحة إلى وقف حرق الوقود الأحفوري والعمل على الحد من نقاط الضعف لدينا”، وقالت “إذا لم نفعل ذلك فسيتواصل موت عشرات الآلاف من الناس”، مشددة على أن “من الضروري جداً” اعتماد تشريع دولي في شأن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري في مؤتمر الأمم المتحدة الـ 28 للمناخ المقرر عقده في دبي خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

المصدر: إندبندنت عربية

شارك هذه المقالة
ترك تقييم