تبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الاثنين، الاتهامات بشأن خرق الهدنة الإنسانية في السودان التي بدأت صباح الأحد، بهدف تهدئة القتال المستمر منذ أكثر من شهرين، وسط “قلق” من الأمم المتحدة “حيال ما أسمته “العنف العرقي” في إقليم دارفور.
واتهم الجيش السوداني في بيان الدعم السريع بـ”خرق واضح للهدنة”، عندما “هاجمت عناصر من المليشيا المتمردة منطقة طويلة بولاية شمال دارفور لليوم الثاني على التوالي”، لافتاً إلى قيامهم بـ”ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق مواطني المنطقة على مدى اليومين تضمنت قتل 15 وجرح عشرات من المدنيين العزل”.
وأشار الجيش إلى أن الدعم السريع قام بـ”حرق السوق ونهب عدد كبير من المتاجر وتشريد مئات من مواطني المنطقة”.
وأودى الصراع بين الطرفين والذي بدأ في أبريل الماضي بحياة أكثر من 3 آلاف وحوّل العاصمة الخرطوم إلى منطقة حرب وأثار أعمال عنف دامية في إقليم دارفور غرب البلاد الذي مزقته الصراعات إلى جانب أجزاء أخرى من البلاد.
ووصفت وكالة رويترز” الوضع في دارفور بـ”الأكثر بؤساً”، مشيرةً إلى أن الجنينة، وهي المدينة الأكثر تضرراً في المنطقة، شهدت موجات من الهجمات شنتها جماعات مسلحة عربية مدعومة من قوات الدعم السريع بينما كانت معزولة عن شبكات الإغاثة الإنسانية والهاتف.
وعبر أكثر من 149 ألف شخص نحو تشاد الحدودية مع إقليم دارفور حيث تتخوف الأمم المتحدة من وقوع انتهاكات قد ترقى إلى “جرائم ضد الإنسانية”، خصوصاً في مدينة الجنينة.
وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الاثنين، عن قلقه بشكل خاص حيال “العنف العرقي في دارفور والتقارير الواردة عن وقوع أعمال عنف جنسية وأخرى قائمة على نوع الجنس”.
في هذا السياق، قالت منظمة “أطباء بلا حدود” إنه على مدى الأيام الأربعة الماضية فرّ “15 ألف سوداني بينهم نحو 900 جريح” من أعمال العنف واسعة النطاق ضد المدنيين في الجنينة بحثاً عن ملجأ في أدري في تشاد.
من جهته قال حاكم ولاية دارفور مني أركو مناوي، في بيان على فيسبوك، إن “ظروف الحرب قد أدت إلى تفجر الأوضاع في أجزاء واسعة من الإقليم نسبة لحساسية الموقف هنا وبقايا آثار الحرب منذ فترات طويلة”.
وأعرب مناوي عن أسفه لأن “تصل الأمور إلى هذه المرحلة”، مشدداً على ضرورة “إجراء تحقيقات دقيقة وشفافة لتقديم الجناة فوراً إلى العدالة”، مطالباً “الأمم المتحدة والمنظمات الخيرية بالتدخل لتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة للمكتويين بنيران هذه الحرب”.
الهجوم على الصليب الأحمر
من جهته أعلن الصليب الأحمر في بيان على تويتر تعرض فريقه في السودان إلى “إطلاق نار أثناء عملية نقل جنود جرحى إلى المستشفى على الرغم من الضمانات الأمنية”، مشيراً إلى “عدم احترام وقف إطلاق النار”.
وفي السياق، ذكر الجيش السوداني في بيان أن “ممثلي الصليب الأحمر تعرضوا لإطلاق نار من قبل قناص بكبري كوبر وهو منطقة تواجد لعناصر المليشيا المتمردة وليس لدينا أي قوات بها”، في إشارة إلى الدعم السريع.
من جهتها، اتهمت قوات الدعم السريع في بيان الجيش السوداني بتنفيذ “هجوم غادر على قواتنا أثناء تحركها برفقة بعثة الصليب الأحمر الدولي لإجلاء عدد 35 جريحاً من قوات الانقلابيين متواجدين بالمستشفى العسكري بحري”.
وأضافت: “تحرك وفد من قوات الدعم السريع برفقة الصليب الأحمر وعند أخر نقطة في مناطق سيطرة قواتنا التي كان مقرراً أن يتوجه بعدها وفد الصليب الأحمر لبدء عملية الإخلاء حسب الاتفاق، أطلق الانقلابيون النار بكثافة على الوفدين”، معتبرةً ذلك “انتهاكاً صارخاً لوقف إطلاق النار والهدنة الانسانية المعلنة”.
سرقات ونهب
وسادت حالة من الهدوء بعدما دخلت هدنة جديدة من 72 ساعة حيز التنفيذ في السودان، صباح الأحد.
وقال شهود في العاصمة الخرطوم لوكالة “فرانس برس” بأن الأوضاع لا تزال “هادئة”.
وتوقفت الغارات الجوية والقصف المدفعي في الخرطوم حيث يعيش ملايين الأشخاص في ظل الحر الشديد، بحسب “فرانس برس”.
لكن محمد معتصم (34 عاماً) وهو من سكان العاصمة قال لوكالة “رويترز” عبر الهاتف: “منذ بدء الهدنة أمس حدثت زيادة كبيرة في معدل سرقة ونهب المنازل”.
ولم يلاحظ قتال في المدينة، الاثنين، وفق ما أفاد عدد من السكان لوكالة “فرانس برس” في اليوم الثاني من الهدنة التي من المقرر أن تنتهي الأربعاء في الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي.
جاء ذلك بعدما تعهد مانحون دوليون، الاثنين، بتقديم مساعدات إنسانية للسودان والمنطقة بقيمة تقترب من 1.5 مليار دولار، استجابة لمناشدة الأمم المتحدة زيادة المساعدات الإنسانية.
وتقول الأمم المتحدة إن جهود الإغاثة الإنسانية داخل السودان وللاجئين الفارين من البلاد تحتاج نحو 3 مليارات دولار هذا العام لكن لم يتم جمع سوى جزء بسيط من ذلك المبلغ.
الشرق