لوح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام أسلحة مزودة بـ”اليورانيوم المنضب” إذا لزم الأمر، رداً على تقارير بأن الولايات المتحدة ستزود أوكرانيا بمثل هذه الأسلحة، كما أعلن أنه يدرس الانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب، مشيراً إلى أن بلاده لا ترفض “تسوية سلمية” في أوكرانيا بشرط وقف الدعم الغربي.
ونقل تلفزيون “روسيا اليوم” عن بوتين، خلال لقاء مع المراسلين العسكريين في الكرملين، قوله: “نمتلك ذخائر اليورانيوم المنضب ونحتفظ بحقنا في استخدامها في حال توريدها إلى أوكرانيا”.
واعتبر بوتين في لقائه مع المراسلين العسكريين، والذي أذاعه التلفزيون الرسمي، الثلاثاء، أنه “لا حاجة الآن لإصدار أمر تعبئة آخر للقتال في أوكرانيا”، موضحاً أن “الأمر برمته يتوقف على ما تريد روسيا تحقيقه”، متسائلاً عما إذا كان “ينبغي للقوات الروسية محاولة السيطرة على كييف مرة أخرى”.
ولدى سؤاله بشأن ما إذا كان سيصدر أمر تعبئة آخر، في إشارة إلى إعلان العام الماضي الخاص بـ”تعبئة جزئية” تشمل 300 ألف من جنود الاحتياط، رد بوتين قائلاً: “لا توجد حاجة لذلك اليوم”.
وقال إن “وزارة الدفاع لا ترى حاجة لموجة أخرى من التعبئة.. تقول بعض الشخصيات العامة إننا بحاجة إلى مليون أو مليوني جندي… هذا يعتمد على ما نريد تحقيقه”.
وأضاف بوتين أن “أهداف الحملة العسكرية لموسكو في أوكرانيا ربما تتطور بحسب مستجدات الأوضاع لكنها لن تتغير بشكل عام”، متعهداً بأن “روسيا ستنزع سلاح أوكرانيا بشكل تدريجي وممنهج، ومجمعها الصناعي العسكري سيختفي من الوجود قريباً”.
وشدد على أن روسيا بحاجة إلى “محاربة عملاء العدو وتحسين دفاعاتها في مواجهة الهجمات في عمق أراضيها”.
وأشار بوتين إلى عدم وجود ضرورة لأن تحذو بلاده حذو أوكرانيا وتعلن الأحكام العرفية، مشدداً: “روسيا ليست بحاجة إلى فرض نظام الأحكام العرفية”.
اعتراف روسي بنقص المعدات
واعتبر بوتين أن الهجوم الأوكراني المضاد واسع النطاق الذي بدأ في 4 يونيو “لم ينجح في أي منطقة”، وأن الخسائر البشرية لأوكرانيا أعلى 10 مرات من الخسائر الروسية.
وأوضح أن أوكرانيا خسرت أكثر من 160 دبابة وما بين 25 إلى 30% من المركبات العسكرية التي حصلت عليها من الغرب، في حين فقدت روسيا 54 دبابة، لكنه أشار إلى أن قوات بلاده في أوكرانيا تعاني من “نقص في بعض المعدات العسكرية، بما في ذلك الذخيرة عالية الدقة والمسيّرات”.
وقال بوتين: “على مدى العملية العسكرية الخاصة، بات واضحاً أن الجيش يفتقر للعديد من المعدات.. الذخيرة عالية الدقة ومعدات الاتصالات والمسيّرات.. نمتلكها، ولكن للأسف ليس بالقدر الكافي”.
واتهم الرئيس الروسي، أوكرانيا، بقصف سد كاخوفكا عمداً في 6 يونيو بصواريخ “هيمارس” التي زودتها بها الولايات المتحدة في خطوة قال إنها “أعاقت أيضاً جهود كييف المتعلقة بهجومها المضاد”.
وأعلن بوتين أن قوات الحماية الكيميائية ستساعد في حل المشكلات بعد تدمير محطة كاخوفسكايا للطاقة الكهرومائية، وقال: “وزارة الطوارئ الروسية والعسكريون يعملون ليل نهار للتعامل مع آثار انهيار السد”.
خطة سلام روسية
وأضاف بوتين أن بلاده منفتحة على محادثات سلام مع أوكرانيا، معتبراً أن السبيل الوحيد لوقف الصراع هو أن توقف الدول الغربية إمداداتها من الأسلحة إلى كييف.
وأوضح: “مفتاح الحل للصراع في يد الغرب والسبيل الوحيد لإنهائه هو وقف تزويد أوكرانيا بالسلاح”.
وجدد بوتين اتهامه للغرب بالسعي لإلحاق الهزيمة بروسيا في أوكرانيا، موضحاً أن موسكو لديها “خطة سلام” خاصة بها لهذا البلد ولم ترفض مطلقاً محادثات قد تقود إلى تسوية سلمية.
وأشار إلى أن “هناك أشخاص كثيرون في الولايات المتحدة لا يريدون حرباً عالمية ثالثة”.
اتفاق تصدير الحبوب
وأعلن بوتين أن روسيا تدرس الانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، معتبراً أن موسكو تعرضت لـ”الخداع” بشأن تنفيذ أجزاء من الاتفاق تتعلق بصادراتها.
وقال إن الاتفاق الذي أبرم بوساطة الأمم المتحدة وتركيا، كان يهدف إلى مساعدة “الدول الصديقة” في إفريقيا وأميركا اللاتينية، لكن أوروبا كانت أكبر مستورد للحبوب الأوكرانية التي صارت مصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية في كييف.
وأضاف: “ندرس الانسحاب بسبب عدم احترام البنود الخاصة بتصدير الأسمدة الروسية.. لم يتم احترام العديد من الشروط التي كان يجب تطبيقها بموجبه”.
واتهم الرئيس الروسي، كييف، باستخدام الممرات البحرية المنصوص عليها في الاتفاق لمهاجمة الأسطول الروسي بالمسيّرات.
كانت وزارة الخارجية الروسية، أعلنت، الأسبوع الماضي، أن الجولة المقبلة من المشاورات بشأن اتفاق تصدير الحبوب ستعقد في 9 يونيو الجاري في جنيف.
ونقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي فيرشينين، قوله إن بلاده لا ترى أي آفاق لتمديد اتفاق الحبوب.
وهددت الوزارة، الشهر الماضي، بإنهاء العمل بالاتفاق “إذا لم يتم حل جميع المسائل الإشكالية” المتعلقة به في غضون شهرين.
في سياق متصل، اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “الناتو” ينس ستولتنبرج، الثلاثاء، أن الهجوم المضاد لأوكرانيا من أجل تحرير أراض تحتلها روسيا قد يجبر الكرملين على التفاوض.
وقال ستولتنبرج الذي من المقرر أن يلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض خلال وقت لاحق الثلاثاء، في تصريحات لشبكة “سي إن إن” الأميركية، إن الهجوم الذي وصفه بأنه “صعب” ما زال “في أيامه الأولى”.
ويُحاول الجيش الأوكراني المدعوم من الغرب مهاجمة خطوط دفاعية روسية طويلة تمتد عبر شرق أوكرانيا وجنوبها.
وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالغزو في فبراير 2022 وسيطر بسرعة على مساحات واسعة من الأراضي، لكنه واجه مقاومة شرسة ومتنامية.
وأضاف: “كلما استعادوا مساحات إضافية من الأراضي، ازداد احتمال أن يفهم بوتين أنه يتعين عليه الجلوس إلى طاولة المفاوضات والموافقة على سلام عادل ودائم في أوكرانيا”.
ورداً على سؤال بشأن خلفه بعد انتهاء ولايته في أكتوبر المقبل، قال ستولتنبرج: “أنا واثق تماماً من أنهم سيجدون خلفاً ممتازاً. إن تركيزي الآن هو على قيادة هذا التحالف حتى تنتهي فترة ولايتي، لأننا وسط حرب في أوروبا”.
وكان الاجتماع مع بايدن مقرراً، الاثنين، لكنه أُرجئ بعدما اضطر الرئيس الأميركي للخضوع لعلاج في الأسنان. والاستعدادات جارية لقمة “الناتو” في يوليو في العاصمة الليتوانية فيلنيوس.
في وقت سابق الاثنين، عبّرت الولايات المتحدة عن أملها في نجاح الهجوم الأوكراني المضاد، معتبرة أن ذلك قد يجبر بوتين على التفاوض، فيما أشارت فرنسا إلى رغبتها في نجاح كييف قدر الإمكان لتتمكن “من بدء مرحلة تفاوض بشروط جيدة”.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للصحافيين، إن “نجاح الهجوم المضاد من شأنه أن يحقق أمرين، تعزيز موقعها (أوكرانيا) على أي طاولة مفاوضات مستجدة، وقد يؤدي أيضاً إلى جعل بوتين يركز بنهاية الأمر على التفاوض لإنهاء الحرب التي بدأها”.
وشدد بلينكن على “عزم واشنطن زيادة دعمها لأوكرانيا حتى تنجح في ساحة المعركة”، متوقعاً تقديم “دعم سياسي وعملي قوي لكييف خلال قمة (الناتو).
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن الهجوم الأوكراني المضاد على القوات الروسية سيستمر لأسابيع، بل حتى لأشهر.
وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتز، والرئيس البولندي أندريه دودا في قصر الإليزيه، أن “الهجوم المضاد الأوكراني بدأ قبل عدة أيام”.
وتابع: “سينتشرون لعدة أسابيع، بل حتى لأشهر.. نريده أن ينجح قدر الإمكان كي نتمكن من بدء مرحلة تفاوض بشروط جيدة”.
المصدر: الشرق