رايت رايتس

الحرب المستعرة في السودان تؤثر سلباً على الإرث الثقافي والحضاري

الديسك المركزي
كتبه الديسك المركزي تعليق 5 دقيقة قراءة
5 دقيقة قراءة
متحف السودان القومي

احترقت كتب نفيسة في مكتبة كبيرة بالعاصمة السودانية الخرطوم، وأصبح المتحف القومي معزولاً لأسابيع بسبب القتال، كما أصبح متحف آخر في دارفور عرضة لتسرب الأمطار الموسمية داخله، بعد أن أحدثت مقذوفات ثقوباً في سقفه.

- مساحة اعلانية-

أثر الصراع المستعر بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في السودان، والذي انطلق في أبريل، سلباً على التراث الثقافي الغني للبلاد، والذي يشمل مملكة “كوش” القديمة، التي كانت تسيطر على التجارة بين جنوب إفريقيا ومصر في عصر الفراعنة.

ويسعى خبراء لإنقاذ ما بمقدورهم إنقاذه.

- مساحة اعلانية-

وبحسب تقرير نشرته الأسبوع الماضي “منظمة التراث من أجل السلام”، وهي منظمة غير حكومية للتراث الثقافي على اتصال بباحثين وعلماء آثار محليين، فقد تم استهداف ما لا يقل عن 28 موقعاً ثقافياً وأثرياً بأنحاء البلاد، أو تعرضت لأضرار جانبية.

وتقول محاسن يوسف عالمة الآثار في “جامعة بحري”، إن بعض المواقع بما فيها جامعات عديدة، باتت تُستخدم لأغراض عسكرية.

حماية التراث العالمي

- مساحة اعلانية-

ونشرت قوات “الدعم السريع” التي تخوض صراعاً على السلطة مع الجيش، مقطع فيديو في أوائل يونيو يُظهر قواتها داخل متحف السودان القومي في وسط العاصمة الخرطوم، والذي يضم بعضاً من أقدم وأهم المومياوات في العالم، ولم يتسن لموظفي المتحف الوصول إلى هناك للتحقق من الدمار الذي لحق به.

وقالت محاسن يوسف إن “هناك مشكلة حقيقية في الحصول على معلومات كاملة عن حقيقة ما يحدث، ببساطة لأن معظم هذه المواقع تقع في إطار مناطق القتال”.

وهناك اثنان من مواقع التراث العالمي التابعة لـ”منظمة التربية والعلم والثقافة” (اليونسكو) في السودان، هما جزيرة مروي، موطن أحد أكبر مجمعات الأهرام القديمة في إفريقيا، و”جبل البركل” وهو جبل مقدس من الحجر الرملي قرب المقابر والمعابد والقصور التي تنتشر مع مجرى نهر النيل.

وكلاهما في مناطق هادئة نسبياً. ولكن الباحث السوداني في “جامعة برمنجهام” البريطانية إسماعيل حامد نور، والذي يوثق المواقع المعرضة للخطر، لفت إلى أن “احتمالات النهب والسرقة تزيد في الموقع”.

المتاحف في خطر

وتقول “منظمة التراث من أجل السلام”، إن الاضطرابات في منطقة دارفور بغرب البلاد، ألحقت أضراراً بأربعة متاحف على الأقل.

وأفادت المنظمة بأن سطح المتحف في نيالا، ثاني أكبر مدينة سودانية، وعاصمة ولاية جنوب دارفور، “تعرض لأضرار طفيفة من المقذوفات، مما جعل ما بداخله عرضة لهطول الأمطار مع اقتراب موسم الأمطار في السودان”.

ويحتوي المتحف على قطع فخارية ومجوهرات وأدوات، تُظهر تنوع الحضارات التي ازدهرت ذات يوم في دارفور، حيث تصاعد العنف بدوافع عرقية مرة أخرى منذ أبريل. وتعتبر منطقة المتحف واحدة من المناطق المدنية الرئيسية في نيالا.

وقالت “الهيئة القومية للآثار والمتاحف” السودانية، إن النيران أتت على ما لا يقل عن 50 من الكتب النادرة والقيّمة أو المجموعات، في “جامعة أم درمان الأهلية”، التي تقع في أم درمان إحدى المدن الثلاث التي تشكل عاصمة السودان الأوسع.

وتُظهر صور نُشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أكواماً من بقايا كتب ومخطوطات متفحمة.

وعلى عكس الإنفاق العسكري، يعاني الحفاظ على التراث الثقافي في السودان من نقص التمويل منذ فترة طويلة. والسودان هو ثالث أكبر دولة في إفريقيا من حيث المساحة.

وجمعت “الهيئة القومية للآثار والمتاحف” أموالاً لدفع رواتب 100 حارس ومفتش، ليعودوا إلى مواقعهم عندما يكون ذلك آمناً، وأجرت عمليات تحويل أموال للتدريب على الاستجابة للطوارئ، واتخاذ إجراءات لمنع عمليات التنقيب غير القانونية، وتعليم تلاميذ مدارس دارفور بشأن أهمية التراث الثقافي.

وقال إبراهيم موسى، المدير العام للهيئة، إن هذا جزء من حملة لتوعية الناس بأهمية الثقافة، من دون لفت الانتباه إلى المواقع التي قد تستهدفها فصائل مسلحة تحاول الترويج لفهمها الخاص لتاريخ السودان.

محاولات للإنقاذ

ويحاول “المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية” و”الهيئة القومية للآثار والمتاحف” السودانية، وضع خطوات للحفاظ على التراث الثقافي في أثناء الحرب، بما في ذلك احتمال إجلاء القطع الأثرية.

وقالت أبارنا تاندون المسؤولة في “المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية” إنه “على رغم وجود قدر كبير من الوعي بخصوص التراث الثقافي والحاجة إلى حمايته في أوقات الأزمات، فإن أحد أكبر التحديات التي نواجهها يتمثل في أن الثقافة لا تزال غير مدمجة في لغة المساعدات الإنسانية”.

وبدأت مارلين ديجان خبيرة العلوم الإنسانية الرقمية في المملكة المتحدة، وباحثون محليون، مشروعاً لإنشاء أرشيف رقمي لتاريخ السودان الثقافي، وذلك بعد أن أحرق متمردون بعض المخطوطات القديمة بتمبكتو في مالي.

وبحلول الوقت الذي بدأت فيه الحرب، كانوا قد أكملوا رقمنة ما يصل إلى 150 ألف صورة لمواد تعود إلى الفترة من 4000 قبل الميلاد إلى احتجاجا 2019، التي أُطيح خلالها بعمر البشير.

وأضافت ديجان، أن ملايين المواد لا تزال غير مرقمنة، وعرضة لخطر الضياع إلى الأبد. وتابعت: “هناك أشرطة إذاعية تعود إلى أربعينيات القرن العشرين في تلفزيون السودان، ولا يزال هناك الكثير من الأفلام الوثائقية في أرشيف السينما، ومخطوطات، وكتب، وصور، وأشياء”.

شارك هذه المقالة
ترك تقييم