لقد قطع السفر شوطًا طويلاً منذ عصر قوافل طريق الحرير، والرحلات البحرية الشاقة، والقطارات البخارية.. وسيستمر بالتحول في السنوات المقبلة.
فهذه المفاهيم التي تخال أنها انتقلت من روايات وأفلام الخيال العلمي باتت تشق طريقها بسرعة إلى السفر السائد، وتشكل كل مرحلة من هذا المسار.
عاجلاً وليس آجلاً، سنتمكن من قيادة طائرات من دون طيار خاصة بالركاب حول سنغافورة، أو الانطلاق الصاروخي في مدار الأرض بهدف الاستمتاع بالعالم من حافة الفضاء.
ومن سيارات الأجرة ذاتية القيادة، إلى الطائرات من دون طيار للركاب، وقنوات الهجرة ذات المقاييس الحيوية، والترجمة الفورية، والفنادق.. تقع تاليًا على ما في الإمكان توقعه على المدرج.
وداعًا لخطوط انتظار المطار الطويلة
رغم أن تحديد الهوية بالمقاييس الحيوية (التحقق تلقائيًا من هوية الشخص من خلال بصمات الأصابع، أو التعرف على الوجه، أو مسح قزحية العين) مثير للجدل، إلا أنه سرعان ما أصبح التكنولوجيا المفضلة بالمطارات في جميع أنحاء العالم.
نظرًا لأنها وسيلة أسرع وأكثر دقة لفحص الركاب، يمكن للقياسات الحيوية تقليل الوقت الذي تستغرقه إجراءات المطار النموذجية إلى النصف، مثل تسجيل الأمتعة، والوصول إلى الصالة، والتحكم بالصعود إلى الطائرة والهجرة.
ويعتمد مطار دبي الدولي هذه التقنية البيومترية التي نقع عليها في أماكن أخرى من العالم، مثل في مطار هونغ كونغ الدولي، وطوكيو ناريتا، وطوكيو هانيدا، وإنديرا غاندي الدولي في دلهي، ولندن هيثرو، وباريس شارل ديغول، إلى مطارات أخرى.
وتعتمد بعض شركات الطيران أيضًا تحديد الهوية البيومترية التي تسمح للركاب بالمرور عبر الجوازات والصعود إلى الطائرة من دون إبراز وثائقهم، كما هي الحال في الإمارات وبعض شركات الطيران الأساسية في أمريكا.
فقدان أدنى للأمتعة
بالنظر إلى المستقبل، يحتمل أن نرى علامات الحقائب الرقمية التي تحتوي على أجهزة إرسال RFID عوض البطاقات الورقية التقليدية ما قد يوفر الوقت عند تسجيل الوصول، مع تسهيل تتبّع الأمتعة وتحديدها في الوقت عينه لشركات الطيران.
تتصدر خطوط ألاسكا الجوية، ولوفتهانزا، والخطوط الجوية القطرية، باعتماد هذه التقنية، بعدما دخلت بشراكة مع شركة BAGTAG الرائدة في صناعة البطاقات الرقمية الهولندية. تتيح هذه المنتجات للمسافرين تسجيل وتفعيل بطاقة أمتعتهم في المنزل، ثم وضع الأمتعة في كشك الخدمة الذاتية وتتبعها عبر تطبيق.
الواقع المعزز من المستوى التالي
في رحلة مستقبلية إلى أوروبا، تخيّل استكشاف صالة عرض Accademia Gallery بفلورنسا بحيث يكون دليلك منحوتة دايفيد نفسها لكن ناطقة، أو الشروع بالبحث عن الكنز الرقمي في شوارع باريس.
لا يتطلب الأمر أكثر من اتصال هاتفي وإنترنت، يمكن للواقع المعزّز (AR) أن يضيف طبقة أخرى من الإثارة على تجارب السفر لدينا.
وتسعى شركة Specterras Productions جاهدة لجعل الوصول إلى العجائب الطبيعية والثقافية في العالم أسهل من خلال التكنولوجيا، وجعلتها تجارب حقيقة.
وقال مايكل برير، كبير الإداريين المبدعين لدى Specterras لـCNN، إنه “باستخدام الواقع المعزز، يمكنك إنشاء تماثيل نصفية متحركة داخل متحف”.
وأصبح الواقع المعزز والواقع الافتراضي (VR) أكثر انتشارًا خلال جائحة “كوفيد-19″، عندما قدمت المتاحف والوجهات تجارب افتراضية تفاعلية للمسافرين المحتملين.
وأوضح برير أنّ هذه التقنيات تمكن الناس أيضًا من استكشاف أجزاء من العالم قد لا يتمكنون من رؤيتها بأنفسهم.
ظهور سيارات الأجرة الطائرة
ربما تكون قد شاهدت مقاطع فيديو لطائرات ركاب من دون طيار، وeVTOL، طائرة إقلاع وهبوط رأسية كهربائية لا تتطلب مدرجًا شائعة على الإنترنت.
تميل هذه الطائرات المستقبلية كي تكون كهربائية، وخفيفة الوزن، ومجهزة ببرنامج الطيار الآلي الذي يتيح للأشخاص العاديين الجلوس في مقعد الطيار، بعد خضوعهم لجلسة توجيه ومحاكاة طيران VR بالطبع.
هذه الإستراتيجية معتمدة لدى LIFT Aircraft، التي تنص على أنه يمكن لأي شخص أن يطير بطائرته HEXA البرمائية في الولايات المتحدة من دون رخصة طيار، لأنها مؤهلة لتكون مركبة “خفيفة للغاية” بموجب اللوائح الفيدرالية.
تقدم الطائرة العديد من احتياطات السلامة الآلية مثل نظام تجنب الاصطدام، وجهاز كمبيوتر طيران ثلاثي التكرار، ومظلة باليستية للطائرة بأكملها.
في سعيها لبدء تقديم الرحلات الجوية التجارية خلال عام 2023، تخطط الشركة للسماح للمسافرين التحليق بالطائرة في رحلات قصيرة تتمتع بمناظر خلابة، حوالي 8-15 دقيقة في كل مرة، خلال جولة ترويجية تشمل 25 مدينة في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
الروبوت التاكسي يكتسب زخما
فيما تتجه بعض خدمات سيارات الأجرة إلى الطيران، بعضها منها سيبقى ثابتًا على الأرض، لكن مع بعض الترقيات الجادة.
إذ حققت شركة Motional ومقرها بوسطن، من خلال مشروع مشترك مع شركة Hyundai وشركة Aptiv العالمية للتكنولوجيا، بعض النجاح المبكر.
توفر Motional، ما هو متاح لعامة الركاب في لاس فيغاس، أي روبوتاكسي ذاتي القيادة (عبر تطبيقات Lyft وUber) يمكنه نقل الركاب إلى وجهات شهيرة في Las Vegas Strip.
كما أن هناك العديد من الشركات في أمريكا تخوض هذا الغمار من وايمو، وأمازون، وتيسلا، وكروز، في مدن أخرى، وينسحب الأمر على شركة بايدو في الصين، وأبولو غو في مدن مثل بيكين، وتشونغكينغ، وووهان.
رحلات صافية صفرية في الأفق
لمستقبل السفر ارتباط وثيق بتغير المناخ، وهو واقع دفع منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) إلى إعلان هدف طويل الأجل لتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050.
وبفضل مزيج من التقنيات الناشئة المتراوحة بين وقود الطيران المستدام والمحركات التي تعمل بالهيدروجين، والطائرات العاملة بالكهرباء 100%، بات الأمر ممكنًا رغم أن النقاد أعربوا عن شك كبير في تحقيق ذلك.
تحل شركة Eviation Aircraft التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، في الصدارة، حيث توفر نظرة خاطفة على المستقبل بواسطة طائرة “أليس” الأنيقة والكهربائية بالكامل.
من المقرر أن تدخل طائرة الركاب ذات المقاعد التسعة الخدمة عام 2027، وتهدف إلى تقليل الأثر البيئي للقفزات الإقليمية. حتى الآن، طلبت شركات مثل Aerus Airlines في المكسيك وDHL وAir New Zealand وأكثر من 300 طائرة أليس.
قد نشهد أيضًا عودة الطائرات الأسرع من الصوت خلال العقد المقبل. تسعى Boom ومقرها دنفر، على إصدار محدث من كونكورد يجعل السفر الأسرع من الصوت أكثر هدوءًا وصديقًا للبيئة، وبأسعار معقولة.
فوفقًا للشركة، يمكن لطائرة “Overture” التابعة لشركة Boom أن تحمل قرابة 80 شخصًا بسرعة Mach 1.7 (أو حوالي ضعف سرعة شركات الطيران التقليدية) مع إطلاق انبعاثات كربونية صفرية.
إقامة رائعة في فندق صديق للبيئة
إسوة بالسفر الجوي، تمهد الفنادق الصديقة للبيئة الطريق لسفر أكثر استدامة مستقبلًا.
عندما افتتح room2 Chiswick بلندن عام 2021، أصبح الفندق يمثل “حياة كاملة صفرية الانبعاثات” في العالم.
بعبارة أخرى، عوضت الملكية عن البصمة الكربونية بالكامل، من الإنتاج والبناء والمواد والصيانة والكهرباء، وما إلى ذلك.
بالمقارنة مع فندق نموذجي في المملكة المتحدة بحجم مماثل، يستخدم “روم 2” طاقة أقل بنسبة 89٪ لكل متر مربع بفضل مضخات الحرارة الأرضية، والألواح الشمسية، وتركيبات توفير المياه، وسياسات الشراء المستدامة، والسقف الأخضر المتنوع بيولوجيًا، وسياسة التخلص من النفايات.
قل وداعا للحواجز اللغوية
لا حرج في لعب الأحاجي لكن ألن يكون من المدهش إجراء محادثات أعمق مع الأشخاص الذين تقابلهم أثناء السفر؟
الخبر السار هو أن الترجمة في الوقت الفعلي تزداد تعقيدًا يومًا بعد آخر.
ويمكن لـPixel Buds من Google ترجمة ما يقال مباشرة إلى أذنك أو مشاركة نسخة حتى تتمكن من المتابعة.
تعمل الشركة أيضًا على نظارات الواقع المعزز القابلة للارتداء والتي تعرض نصًا مترجمًا على العدسات في الوقت الفعلي.
وتقدم شركة أخرى، Mymanu، أيضًا ترجمة صوتية تلقائية عبر سماعات الأذن CLIK S.
صواريخ سباق الفضاء في مرحلة متقدمة
نحن في طريقنا لاستكشاف الحدود النهائية مع سلسلة من مبادرات السياحة الفضائية المتاحة الآن، أو قريبًا جدًا، للمستكشفين الأكثر ثراءً.
فوفقًا لـSpaceVIP، التي تعتبر نفسها المُجمِّع الوحيد للتجارب المتعلقة بالفضاء، يتوفر قرابة اثني عشر نوعًا من الرحلات الاستكشافية خلال عام 2023، وسيتبعها المزيد.
بالنسبة للمبتدئين، تقدم Blue Origin رحلات استكشافية عبر خط كارمان، حد 62 ميلًا فوق مستوى سطح البحر يمثل بداية الفضاء الخارجي.
بالتوازي، أطلقت SpaceX بنجاح مدارات تجارية حول الأرض، وبعثات إلى محطة الفضاء الدولية (ISS)، وتخطط لاصطحاب رجل الأعمال الياباني يوساكو مايزاوا وطاقم دولي من الفنانين والممثلين والموسيقيين والرياضيين في أول مهمة مدنية حول القمر خلال عام 2023.
ويمكن لأولئك الذين يبحثون عن تجربة ترفيهية وفاخرة السفر قريبًا إلى حافة الفضاء في كبسولة مركبة نبتون المضغوطة، مدفوعة بمنطاد سبيس (المستخدم من قبل ناسا)، مع منظور الفضاء.
الهايبرلوب
يتحدث رائد الأعمال الأمريكي إيلون ماسك منذ سنوات عن تقنية هايبرلوب، وهي نظام نقل فائق السرعة في أنبوب فراغ منخفض الضغط.
مع تطوير شبكات هايبرلووب، يمكننا السفر في حواجز تصل سرعتها إلى 760 ميلاً/ الساعة من لوس أنجلوس إلى سان فرانسيسكو خلال 30 دقيقة، ومن بكين إلى شنغهاي في 60 دقيقة، ومن باريس إلى أمستردام في 90 دقيقة.
بالإضافة إلى توفير الوقت، يزعم المؤيدون أن الهايبرلوب لديه أيضًا القدرة على توفير بديل أرخص وأسرع وأكثر أمانًا واستدامة للنقل الجماعي التقليدي.
في حين أن شبكات عبور هايبرلوب التي تم اختبارها بدقة قد تحتاج إلى عقد كي تدخل حيز التنفيذ، إن لم يكن عقودًا، فإن العديد من الشركات المبتكرة تدفع بهذه التكنولوجيا إلى الأمام.