يجري الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، زيارة عمل إلى تركيا، يبحث خلالها تعزيز العلاقات الاستراتيجية ودفع الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تجمع البلدين، بالإضافة للعديد من قضايا المنطقة.
واستقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نظيره الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، لدى وصوله مطار إسطنبول أمس السبت.
وفق الخبراء فإن الزيارة تمثل أهمية كبرى من حيث الترتيب لمرحلة جديدة بين البلدين، تتماشى مع الإطار العام في المنطقة الهادف لتصفير الأزمات والعمل على رفع النمو والتعاون، وهو ما يتصدر جدول الزيارة، التي تبحث الأوضاع في الدول العربية الأخرى التي تتداخل ترتبط تركيا بالأوضاع الحاصلة فيها ومنها ليبيا وسوريا، وفق الخبراء.
كما يهدف التقارب بين تركيا ودول الخليج لتحييد الضغوط الغربية التي تمارسها واشنطن وبعض الدول الأخرى على كل من أنقرة والعواصم الخليجية مؤخرا في العديد من الملفات.
يرافق الرئيس الإماراتي خلال الزيارة وفد رسمي كبير يضم كل من منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة الإماراتي، ونهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، وسلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وغيره من المسؤولين الإماراتيين الآخرين، ما يرتقب معه التوقيع على المزيد من الاتفاقيات.
في مارس/ آذار 2023، شهد الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد، ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان، توقيع بلديهما اتفاقية الشراكة الاقتصادية المتكاملة، بما يعزز من فرص نمو التجارة الثنائية بين البلدين لتصل إلى 40 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، بالمقارنة بنحو 19 مليار دولار حاليا”، بحسب وزير الاقتصاد الإماراتي، عبد الله بن طوق المري.
محطات فتور
شهدت العلاقات بين تركيا ودول الخليج العديد من محطات التوتر منذ العام 2011، بسبب جماعة الإخوان المسلمين، والأزمة الخليجية عام 2017، حين قاطع الرباعي العربي دولة قطر، فبادر البرلمان التركي بالتصديق على معاهدة للتعاون العسكري بين قطر وتركيا، كان من بين بنودها إقامة قاعدة عسكرية في قطر ونشر جنود أتراك في الدولة الخليجية، ما زاد من تعقيد الأمور بين تركيا والعواصم العربية.
تطور ملحوظ
يقول كرم سعيد الباحث بمركز الأهرام للدراسات، المتخصص في الشأن التركي، إن زيارة الرئيس الإماراتي إلى تركيا تكشف عن تطور العلاقات الثنائية والتنسيق بين البلدين الكبير في الملفات الإقليمية خاصة الملف السوري، ما يعني أن الإمارات يمكنها الوساطة بين الجانبين لتسريع وتيرة الحوار.
يضيف في حديثه مع “سبوتنيك”، أن الزيارة السابقة قبل نحو عام ونصف ضخت الإمارات بعدها نحو 10 مليارات دولار، فضلا عن استثمارات تقدر بـ 40 مليار دولار بين البلدين.
وأشار إلى أن تعيين هاكان فيدان وزيرا للخارجية في تركيا يشير إلى الرغبة في تعميق التعاون، خاصة أنه كان من بين أبرز الذين قادوا عمليات التقارب بين الخليج وتركيا بعد التوترات التي وقعت في 2018.
ولفت سعيد إلى أن التغيرات الحالية واتجاه دول الخليج للتطبيع مع إسرائيل، دفع تركيا لإصلاح العلاقات مع الخليج، حتى لا تترك الساحة لإسرائيل في الإقليم.
توازنات دولية
يشير كرم إلى أن تعميق العلاقات بين تركيا ودول الخليج، يرتبط من جهة أخرى بتوازنات أخرى، خاصة في ظل توترات خفية بين الأمارات والجانب الأمريكي، وأيضا تركيا وواشنطن والقوى الغربية، دفعت بالطرفين إلى إعادة النظر في مسار التعاون، بما يسمح بتحييد الضغوط الغربية على البلدين.
جوانب اقتصادية أخرى تعد ضمن العوامل الهامة، حيث تسعى شركة أرامكو السعودية لاستثمارات ضخمة في تركيا، وكذلك استثمارات لشركات إماراتية في تركيا، فضلا عن رفع مستوى التبادل التجاري.
تحول مستوى العلاقات
يقول المحلل السياسي التركي إسلام أوزكان، “إن كانت تركيا والإمارات العربية المتحدة، التي قد استمر النزاع الإقليمي بينهما بالصراع السياسي والأيديولوجي حالة معادية شديدة تجاه بعضها البعض، حيث كان لديهما رغبة شديدة في قيادة العالم العربي والإسلامي بالطبع، بالشراكة مع أطراف أخرى مختلفة، بدءًا مما يسمى الربيع العربي”.
يضيف في حديثه مع “سبوتنيك”، أنه” رغم عدم وجود تواصل بين العلاقات الثنائية لفترة طويلة، فإن الاتصال الأول جاء بعد “المزاعم” التي أثارها تصريحات الزعيم مافيا التركي سادات بيكر عن العلاقات (غير الشرعية) للحكومة “حزب العدالة والتنمية”، وهو مقرب منه”.
الاتصال الأول
يوضح أن” الاتصال الأول كان بزيارة وزير الداخلية في ذلك الوقت سليمان صويلو إلى أبو ظبي، ثم زار الشيخ محمد بن زايد أنقرة ثم زار الرئيس أردوغان أبو ظبي، ما يوحي بأن الخطوات التي اتخذتها تركيا لتطبيع علاقاتها مع الإمارات ربما فرضت بسبب تصريحات سادات بيكر، وكانت تتعلق أساسا بالأمن الداخلي”.
ويرى أنه ربما قدمت تركيا تنازلات للإمارات وحلفائها في ليبيا، إلى جانب ملفات أخرى مشتركة بين البلدين.
ولفت إلى أن بعض الخطوات اتخذت منها: “مثل التنازلات التي قدمتها تركيا في القرن الأفريقي حيث تواجه صراعا، وكذلك فيما يتعلق بسوريا وشرق البحر الأبيض المتوسط إلى حد ما”.
تطورات إقليمية
وتابع: “يجب أن نأخذ في الاعتبار التطورات الإقليمية الأخرى، في تطور العلاقات بين أنقرة وأبو ظبي، مثل الاتفاق التاريخي بين إيران والمملكة العربية السعودية، وانسحاب الإمارات العربية المتحدة من الاتفاق البحري مع الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية الشهر الماضي، وجهود تركيا لتوازن العلاقات مع الغرب مع الصين وروسيا”.
وقعت الإمارات العربية المتحدة وتركيا عددًا من الاتفاقيات في السنوات الأخيرة، تغطي مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك التجارة والاستثمار والدفاع والثقافة، بما يشير إلى تقدم في مستوى العلاقات الثنائية.
الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين
اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA)، وقعت في في مارس/آذار 2023 وتهدف إلى تعزيز التجارة والاستثمار بين البلدين، خاصة أنها تلغي الرسوم الجمركية على معظم البضائع المتبادلة بين الإمارات وتركيا.
اتفاقية التعاون الدفاعي
وقعت الاتفاقية أيضا في مارس/ آذار ،2023 وهي معنية بتعزيز التعاون بين صناعات الدفاع في البلدين، إذ تسمح بمشاركة المعلومات والتكنولوجيا، والتعاون في المشاريع المشتركة.
كما وقعت “اتفاقية الثقافة” في نفس الشهر، وتهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي بين البلدين، بالإضافة إلى اتفاقيات أخرى، وشملت مذكرات التفاهم بين البلدين توقيع مذكرات تعاون في مجال الفضاء، التعاون التكنولوجي، التعاون السياحي.
ويرى أن الاتفاقيات ومذكرات التعاون تشير إلى أن البلدين يعملان معا لمواجهة مجموعة واسعة من التحديات، واستثمار العديد من الفرص.
وفي فبراير من العام الماضي، وقع البلدان 13 اتفاقية تشمل مجالات الاستثمار، والدفاع، والنقل، والصحة، والزراعة، وذلك خلال زيارة الرئيس التركي إلى أبو ظبي.
المصدر: سبوتنيك