أكد عثمان ميرغني، الكاتب والمحلل السياسي السوداني، أن الاتحاد الأفريقي سبق له التدخل في الأزمة السياسية التي نتجت بعد الإطاحة بنظام البشير ونجح في إحداث توافق على الفترة الانتقالية، لكن الوضع الآن مختلف كليا وتدخله سوف يعقد المشهد أكثر.
وقال، في اتصال مع “سبوتنيك”، اليوم الأربعاء، إن “الحديث اليوم عن خارطة طريق من جانب الاتحاد الأفريقي لحل الأزمة ووقف الحرب الدائرة منذ ما يزيد عن شهر ونصف بين الجيش وقوات الدعم السريع، قد لا يكون مفيدا في هذا الوقت”.
وتابع المحلل السياسي: “سبق أن تدخل الاتحاد الأفريقي في المشهد السياسي السوداني بعد سقوط البشير في العام 2019، حيث كانت هناك خلافات بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، هنا لعب الاتحاد الأفريقي دور الوسيط واستطاع في النهاية أن يصل بأطراف الصراع إلى توقيع الوثيقة الدستورية، والتي تكونت بموجبها حكومة الفترة الانتقالية الأولى، كما شاركت منظمات أفريقية مثل الإيغاد في حل مشكلة جنوب السودان في العام 2005”.
وأضاف ميرغني: “الوضع الآن يختلف جذريا عن الأحداث السابقة، حيث أن العملية السياسية التي سبقت الحرب الراهنة، كانت الأطراف الأنشط فيها هما الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية في سياق ما يسمى بالرباعية الدولية، والتي تضم أيضا بريطانيا والإمارات، والآن تجري الوساطة في جدة برعاية أمريكا والسعودية، فإذا ما دخلت أي وساطة أفريقية أخرى على الخط، بكل تأكيد سوف تؤدي إلى إنهيار المفاوضات في جدة دون أن تكون هناك ضمانات لنجاح المفاوضات في مسار آخر”.
ويكمل ميرغني، أن “الوساطة الأفريقية في هذا التوقيت قد تتخذ حجة من أحد طرفي الصراع للتملص من التبعات التي تم التوقيع عليها سابقا في جدة السعودية، لذا فإنني أرى أن دخول الاتحاد الأفريقي الآن قد لا يكون هناك عائد من ورائه ويعقد المشهد أكثر”.
وحول فائدة الهدن التي تم التوقيع عليها في جدة دون الالتزام بتنفيذها على الأرض، يقول ميرغني: “الفائدة من تلك الهدن حتى وإن لن يتم الالتزام بها على الأرض، أنها تمثل نوعا من الحوار المستمر بين الطرفين، وفي حال انهيار هذا الحوار سوف يكون هناك نوع من انسداد الأفق الذي كان يمثل طريقا لإيجاد حل سياسي للأزمة ويبقي فقط طريق الحرب ويظل صوت السلاح هو الأعلى”.
وأضاف المحلل السياسي أن وجود الهدنة حتى وإن كانت مخترقة من الأطراف أفضل من عدم وجودها بصورة كاملة.
وتابع ميرغني: “الخروقات للهدنة من جانب الطرفين تعبر عن رغبة الطرفين أو أحدهما في إنهاء أو حسم المعركة عسكريا، وفي الغالب يصطدم هذا التوجه بالحقائق على الأرض، حيث أنه بمرور الزمن يكون هناك نوع من الواقعية والعقلانية في التعامل مع قضية التسوية السياسية، ويصل الطرفان إلى اتفاق مباشر يمكن أن يؤدي إلى وقف إطلاق النار بشكل مبدئي ثم تسوية شاملة بعد ذلك”.
وأعلن الاتحاد الأفريقي، اليوم الأربعاء، عن خارطة طريق تهدف إلى حل الأزمة السودانية، اشتملت على مجموعة من الإجراءات التي يجب اتخاذها لحل النزاع، منها الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار.
وقال الاتحاد الأفريقي في بيان، إن خارطة الطريق لحل النزاع في السودان تشتمل على 6 بنود منها أن تعمل الآلية الموسعة المشكلة من الاتحاد الأفريقي، على ضمان تنسيق جميع الجهود الإقليمية والدولية لحل الأزمة السودانية.
ونصت خارطة الطريق وفق البيان، على ضرورة الوقف الفوري والدائم والشامل للأعمال العدائية، والاستجابة الإنسانية الفعالة لتداعيات النزاع، وضرورة حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية، مع الالتزام الكامل بالقانون الدولي الإنساني، والاعتراف بالدور المحوري الذي تلعبه الدول المجاورة المتأثرة بالنزاع، واستكمال العملية السياسية الانتقالية الشاملة بمشاركة جميع الأطراف السودانية، وأخيرا تشكيل حكومة مدنية ديمقراطية في البلاد.
وعلق الجيش السوداني، في وقت سابق اليوم، مشاركته في المفاوضات الجارية مع قوات الدعم السريع، بوساطة أمريكية وسعودية، وفق ما صرح به مصدر عسكري رفيع لوكالة “سبوتنيك”.
وتأتي خطوة الجيش السوداني بعد يومين من موافقة الطرفين على تمديد الهدنة بينهما لمدة 5 أيام.
وتدور منذ 15 نيسان/ أبريل الماضي، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق، بين قوات الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تركزت معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفة المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين؛ في حين لا يوجد إحصاء رسمي عن ضحايا العسكريين من طرفي النزاع العسكري.
المصدر: سبوتنيك