عادت أسهم المرشح الرئاسي مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، لترتفع مجدداً بعد إبلاغ رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل قوى المعارضة استعداده المضي بأزعور كمرشح يمكن أن يلتقي عليه معهم.
وكشفت مصادر مطلعة على الاتصالات لـ”اندبندنت عربية” أن الاتفاق على أزعور حصل من قبل الأحزاب المسيحية الثلاثة، “القوات اللبنانية” و”الكتائب” و”التيار الوطني الحر”، والتواصل شمل “الحزب التقدمي الاشتراكي” و”التغييريين” والنواب المستقلين وكتلتي “الاعتدال” ذات الغالبية السنية و”التجدد”.
وتستمر النقاشات حول كيفية مقاربة المعركة لا سيما فيما يتعلق بالدعوة إلى الجلسة والنصاب والسيناريوهات المحتملة، خصوصاً أن رئيس مجلس النواب يتجه وفق ما كشفت مصادر نيابية لـ”اندبندنت عربية” إلى الدعوة إلى جلسة لانتخاب الرئيس قد تحدد في أوائل يونيو (حزيران) المقبل، بعدرور حوالى الستة أشهر على آخر جلسة.
وقبل أن يعلن الاتفاق وفيما يشبه قطع الطريق المبكر على أي مرشح غير مرشحه، شنّ “الثنائي الشيعي” حملة على الاتفاق على الوزير السابق جهاد أزعور، فتولى المهمة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والمعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل، وتشاركا في وصف أزعور بمرشح المناورة “بمهمة واحدة هي مواجهة ترشيح من دعمناه وإسقاطه”.
وذهب رعد بعيداً في قوله “التعليمات الخارجية كانت توجه البعض في لبنان، الذين يملكون الوقاحة اللازمة للتصريح علناً برفضهم وصول مرشح للممانعة، في مقابل رضاهم بوصول ممثل الخضوع والإذعان والاستسلام”.
الاتفاق على أزعور في بيانات منفردة
توقع عضو كتلة حزب “الكتائب” النائب الياس حنكش، الذي تولى حزبه التفاوض مع باسيل إلى جانب النائب التغييري ميشال الدويهي، “أن يتم الإعلان عن الاتفاق على أزعور خلال أيام إذا بقيت الأمور إيجابية كما هي الآن”، فيما كشف عراب المبادرة النائب غسان سكاف لـ”اندبندنت عربية” أن تكتل لبنان القوي سيصدر بعد اجتماعه بياناً يعلن فيه دعم أزعور، على أن يصدر أيضاً بيان مماثل من قبل “القوات اللبنانية” وآخر من حزب “الكتائب”، ولم تستبعد مصادر مطلعة أن يشارك موفد من التيار في اجتماع للمعارضة للبحث بكيفية مقاربة مرحلة ما بعد الاتفاق على المرشح.
علماً أن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع كان شكك بنوايا باسيل وقال إنه يطرح شخصياً علامات استفهام حتى يشاهد باسيل في المجلس النيابي يقترع لمصلحة أزعور للتأكد جدياً من هذه المسألة.
وعلمت “اندبندنت عربية” أن حزب “القوات اللبنانية” أصر أن يعلن “التيار الوطني الحر” رسمياً تأييده لأزعور للتأكد من حقيقة موقفه، على أن يصدر لاحقاً بيان تأييدي لأزعور من قبل “القوات اللبنانية” وآخر من قبل “الكتائب”.
وكشفت مصادر مطلعة على الاتصالات أن “التيار الوطني الحر” سيسعى إلى إصدار بيانه قبل ظهر الثلاثاء، وليس بعد الظهر كما درجت العادة بعد اجتماعاته الأسبوعية، حتى يسبق اجتماع البطريرك بشارة الراعي مع الرئيس الفرنسي بعد ظهر الثلاثاء في قصر الإليزيه، فيحمل الراعي معه الاتفاق الثلاثي حول مرشح واحد، مسقطاً حجة غياب الاتفاق المسيحي، فيدفع بذلك الجانب الفرنسي إلى مراجعة تأييده لمرشح الثنائي الشيعي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وصعوبة تخطي الإجماع المسيحي على أزعور.
وعلم أن الراعي الذي وصل اليوم الاثنين إلى الفاتيكان للقاء أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، كان تلقى اتصالاً من رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل وضعه في أجواء الاتفاق الذي حصل.
هل يناور باسيل؟
كان النائب المستقل غسان سكاف صاحب المبادرة القائمة على اتفاق المعارضة و”التيار الوطني الحر” على سلة من الأسماء، في باريس، عندما اتصل به النائب جبران باسيل وطلب لقاءه لإبلاغه دعمه لأزعور. لماذا عاد رئيس “التيار الوطني الحر” وقرر دعم مرشح لا يقبل به “حزب الله”، لأنه وصل مع الفرنسيين إلى حائط مسدود يقول سكاف لـ”اندبدنت عربية”، ولأن اجتماعه مع مستشار ماكرون باتريك دوريل لم يكن موفقاً.
هل يناور باسيل لكسب الوقت ليرفع شروطه لدى الحزب؟
“أستبعد ذلك” يجزم سكاف.
علماً أن باسيل اشترط قبل تأييد أزعور ألا يستخدم الاتفاق معه لتطيير فرنجية فقط بهدف الوصول إلى مرشح ثالث، فيما اشترط جعجع الأمر نفسه مشككاً بنوايا باسيل. لكن مصلحة الطرفين، المعارضة و”التيار الوطني الحر” في منع وصول مرشح “محور الممانعة” دفعتهما إلى تخطي الشكوك واللاثقة المتبادلة حالياً، خصوصاً أن كلفة التراجع لدى باسيل ستكون مرتفعة في الشارع المسيحي.
وكشفت مصادر مطلعة على الاتصالات لـ”اندبندنت عربية” أن أزعور كان في قطر عندما أبلغ بالتطور الجديد، وطُلب منه زيارة بيروت لعقد لقاءات مع عدد من القيادات من بينها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وجعجع والجميل وباسيل ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، ووجهت له أسئلة محددة تناولت هواجس ومحاذير طلبت الشخصيات التي التقاها أجوبة عليها.
وكشفت مصادر نيابية أن أزعور انتقل من بيروت إلى الرياض للمشاركة في اجتماعات صندوق النقد الدولي، ولم تستبعد المصادر أن يحصل لقاء مع أحد المسؤولين المتابعين للملف اللبناني هناك.
العقبات المتبقية أمام انتخاب الرئيس
الأكيد أن تبني المعارضة و”التيار الوطني الحر” لمرشح واحد لا يعني أن الاستحقاق الرئاسي قد تخطى عقبات أساسية أولها اعتراض الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) على أزعور مقابل تمسكه بمرشحه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وهذا ما أبلغه رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى أزعور نفسه.
كما أن تبني أزعور من قبل فريق المعارضة، من شأنه أن يحرك الاستحقاق الرئاسي العالق منذ سبعة أشهر لكنه أيضاً قد يعيد المسار إلى نقطة البداية، مع تحول وزير المال السابق إلى مرشح فريق أو مرشح تحدٍ، ما يسقط عنه صفة مرشح تسوية لا بد منها في النهاية، لإخراج رئاسة الجمهورية من الزجاجة.
وتواجه هكذا خطوة أيضاً اعتراضاً لافتاً داخل تكتل “التيار الوطني الحر”، سبق وعبّر عنه النائب ألان عون في اشتراط الاتفاق مع المعارضة على اسم من داخل التكتل، ويؤكد عون لـ”اندبندنت عربية” أن بعض نواب التيار يجاهر بهذا الموقف علناً وبعضهم الآخر ضمناً وفي اللقاءات المغلقة، مؤكداً أنه خارج أي اتفاق حصل مع المعارضة.
علماً أن باسيل بدا واثقاً من إجماع كتلته حول موقفه وهو أبلغ النائب غسان سكاف بذلك فيما كشف مصدر نيابي لـ”اندبندنت عربية” أن أربعة نواب من أصل 17 في تكتل “التيار الوطني الحر” لن يصوتوا للمرشح الذي قد يدعمه باسيل، وقد يقترعون بالورقة البيضاء أو لفرنجية، والنواب الأربعة هم سيمون أبي رميا وألان عون وإبراهيم كنعان ونائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب.
عقبة أخرى قد تعترض مسار أزعور وهي النواب السنة، خصوصاً أن “كتلة الاعتدال” ذات الغالبية السنية والتي بات عددها ثمانية بعد انضمام نائبي بيروت عماد الحوت ونبيل بدر إليها، لا تبدو على الموجة نفسها مع الكتل المعارضة، وكشف النائب وليد البعريني لـ”اندبندنت عربية” أن النواب الثمانية في “كتلة الاعتدال” إضافة إلى النائبين نعمت افرام وجميل عبود قد اجتمعوا السبت واتفقوا أن لا يعلنوا عن مرشحهم إلا داخل صندوق الاقتراع في الجلسة بعد التأكد من جدية الترشيحات الحاصلة، وأكد البعريني أنهم لن يقاطعوا أي جلسة ولن يأخذوا تعليمات من أحد، وسيكونون ككتلة “صوتاً واحداً داخل الجلسة”.
أما في مقلب نواب “الحزب التقدمي الاشتراكي” فتكشف مصادره أنه يتريث في إعلان موقفه، لكنه لن يكون بعيداً عن إجماع المعارضة داخل الجلسة. السيناريو المحتمل للجلسة الـ12 سيكون بحسب النائب المستقل غسان سكاف عدم حصول أي من فرنجية أو أزعور على النصف زائداً واحداً، أي الـ65 صوتاً، وأن تغلب الورقة البيضاء، وسط مخاوف من أن يطيّر “الثنائي الشيعي” وحلفاؤه النصاب في الدورة الثانية إذا شعروا بأن عدداً من النواب المترددين الذين اقترعوا بالورقة البيضاء قد يصوتون لأزعور ويرفعون بذلك من حظوظ فوزه، على حساب خسارة فرنجية.
المصدر: إندبندنت عربية