أدان حلف شمال الأطلسي “الناتو” الهجمات التي شنها متظاهرون في كوسوفو وأسفرت عن إصابة نحو 25 من جنود حفظ السلام التابعين له، واصفا إياها بأنها “غير مقبولة على الإطلاق”.
واشتبكت الشرطة وقوات الناتو مع محتجين صرب في الشمال حيث وقعت اضطرابات احتجاجا على تنصيب رؤساء بلديات ألبان، واستُخدم الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لردع المتظاهرين في زفيكان، بعدما حاولوا اقتحام مبنى حكومي.
كما ضرب جنود الناتو طوقا أمنيا حول قاعتين أخريين.
وتعود الأزمة إلى شهر أبريل/ نيسان عندما قاطع صرب كوسوفو الانتخابات المحلية، مما سمح للألبان بالسيطرة على المجالس المحلية في ظلّ نسبة مشاركة في الانتخابات تقل عن أربعة في المئة.
وانتقد كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سلطات كوسوفو لزعزعة الاستقرار في شمال البلاد، وحذروا من أي أعمال يمكن أن تؤجج التوترات العرقية هناك.
وأعلنت كوسوفو استقلالها عن صربيا في فبراير/ شباط 2008، بعد سنوات من العلاقات المتوترة بشكل رئيسي بين سكانها الصرب والألبان.
واعترفت الولايات المتحدة ودول كبرى في الاتحاد الأوروبي بكوسوفو التي لم تنل اعتراف صربيا،المدعومة من حليفتها القوية روسيا. كما يرفض معظم الصرب داخل كوسوفو الاعتراف باستقلالها.
وفي حين يشكل الألبان أكثر من 90 ٪ من السكان في كوسوفو ككل، يشكل الصرب غالبية السكان في المنطقة الشمالية.
الجيش في حالة تأهب قصوى
وقال الناتو إن أفرادا من قوات حفظ سلام من إيطاليا والمجر من بين الذين أصيبوا في أحدث أعمال العنف يوم الإثنين، ثلاثة منهم في حالة خطيرة. وألقي القبض على خمسة أشخاص للاشتباه في صلتهم بالهجمات.
وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش إن أكثر من 50 صربيا يحتاجون إلى العلاج في المستشفى وإن عددا أكبر من ذلك قد أصيب.
ولم يكن المتظاهرون غاضبين فقط لأن رؤساء البلديات من أصل ألباني قد تولوا مناصبهم، ولكن أيضاً بسبب الأعمال القاسية التي قامت بها شرطة كوسوفو، حيث حضرت بالبنادق والعربات المدرعة.
ومما زاد من استفزازهم أن الأعلام الصربية قد أزيلت من المباني البلدية ورفعت مكانها أعلام كوسوفو.
وأصر رئيس وزراء كوسوفو، ألبين كورتي، على أن قوات الأمن تضمن فقط أن رؤساء البلديات المنتخبين ديمقراطيا يمكنهم تمثيل ناخبيهم.
لكنه اتُهم بمحاولة خلق الفوضى للجميع في المنطقة من خلال محاولة تنصيب قادة ليس لديهم تفويض ذو مصداقية.
وقال إيغور سيميتش، نائب رئيس القائمة الصربية أكبر حزب صربي في كوسوفو تدعمه الحكومة في بلغراد: “لا تسمحوا لرؤساء البلديات المزيفين هؤلاء بالدخول إلى هنا لأنهم فازوا بـ 50 صوتا”.
وأضاف “حتى الألبان لا يصوتون لصالحهم”.
وشهدت زفيكان أسوأ حوادث العنف يوم الإثنين. وتجمع حشد في مبنى البلدية في الصباح الباكر. وكان هؤلاء يأملون في منع رئيس البلدية الألباني من دخول المبنى.
وحاولت القوات التي يقودها الناتو في البداية فصل المتظاهرين عن الشرطة، لكنها فرقت الحشد لاحقا باستخدام الدروع والهراوات، حسبما ذكرت وكالة فرانس برس.
وقالت الوكالة إن عددا من المتظاهرين ألقوا الحجارة وزجاجات المولوتوف على الجنود.
وقالت شرطة كوسوفو إن إحدى سياراتها أضرمت فيها النيران وإن “تعليقات استفزازية تحمل رموزا صربية وروسية” كتبت على مركبات أخرى.
ووصف الناتو الهجمات بأنها “غير مقبولة على الإطلاق”، مضيفا في بيان أنه دعا جميع الأطراف إلى “الامتناع عن الأعمال التي تزيد من تأجيج التوترات، وإلى الدخول في حوار”.
ووضع فوسيتش الجيش في أعلى مستوى من التأهب القتالي ردا على الاحتجاجات الجديدة. ونقل وحدات من الجيش إلى مناطق قريبة من حدود كوسوفو يوم الجمعة في أعقاب اشتباكات مماثلة.
بدأت الاضطرابات الأخيرة بعدما قاطع صرب كوسوفو الذين يمثلون حوالى 5٪ من سكان البلاد البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة، الانتخابات المحلية في أبريل/ نيسان في أربع بلديات شمالية ذات أغلبية صربية. وسمح هذا لأشخاص من أصول ألبانية بالسيطرة على المجالس.
ودعمت بلغراد المقاطعة التي أدت إلى إقبال 3.47٪ فقط على الانتخابات، والتي جرت بعدما طالبت الجالية الصربية برابطة للبلديات الصربية وُعدت من قبل بتشكيلها.
وعلى الرغم من دعمهما لكوسوفو، انتقد كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حكومة البلاد وحملاها مسؤولية زعزعة الاستقرار وحثا سلطاتها على “وقف التصعيد”. ويبدو أن هذه النصيحة لم تلق آذانا صاغية.
المصدر: BBC