فرضت تصريحات رئيس “مجلس النواب” الليبي عقيلة صالح حول تشكيل حكومة مصغرة، نفسها على الشارع السياسي، بعد إقالة فتحي باشاغا وتعيين وزير المالية أسامة حماد بدلاً منه، لتصبح مهمته الأولى الذهاب بالبلاد نحو انتخابات وطنية.
وقال صالح، في تصريحات صحافية، إن مجلس النواب الليبي سيتوافق مع المجلس الأعلى للدولة على حكومة مصغرة لإجراء الانتخابات بعد إقرار القوانين الانتخابية، موضحاً أن “المجلس لن يقبل إشراف حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة على الانتخابات”.
رئيس مجلس النواب الليبي طالب الدبيبة بضرورة التنازل عن منصبه إذا أراد الترشح للانتخابات، لافتاً إلى ضرورة “إجرائها في ظل حكومة جديدة محايدة قبل نهاية العام الحالي”.
قرار غير قانوني
الناطق الرسمي باسم “مجلس النواب” الليبي عبدالله بليحق، كشف الثلاثاء الماضي “إيقاف رئيس الحكومة فتحي باشاغا وإحالته إلى التحقيق، بعد تكليفه نائبه علي القطراني بتسيير مهمات الوزارة وتفويضه بكامل الصلاحيات الممنوحة له، في خطاب كتابي يحمل توقيعه الشخصي وجهه إلى هيئة رئاسة وأعضاء مجلس النواب قبل قرار إقالته بيوم واحد وتعيين حماد بديلاً عنه”.
ووصف رئيس البرلمان الليبي، الذي لم يحضر جلسة التصويت على إقالة باشاغا، القرار بـ”المتسرع”، مؤكداً أنه “ليس راضياً عنه ولم يجر وفقاً للقانون”. فيما قال عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان علي التكبالي في حديثه إلى “اندبندنت عربية”، إن قرار إقالة باشاغا غير صحيح وحديث رئيس البرلمان عن تشكيل حكومة ثالثة أيضاً غير قابل للتنفيذ.
ونوه التكبالي إلى أن حكومة باشاغا لا تزال موجودة وقرار تنحيته عن منصبه غير قانوني، مشيراً إلى أن “رؤساء الحكومات لا يحالون للتحقيق، بل للمساءلة”.
حديث قديم جديد
عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان ذهب إلى أن “حديث عقيلة صالح عن حكومة ثالثة قديم جديد، وسبق أن أشار في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى أن هناك إجماعاً على تشكيل حكومة جديدة تتولى لجنة مماثلة للجنة الحوار السابقة تشكيلها، بعد الاتفاق بين مجلسي النواب والدولة”.
وأضاف أن “صالح عاد الآن إلى الكلام نفسه، والحقيقة أن ليبيا لن تذهب لا إلى حكومة ثالثة ولا إلى انتخابات وطنية في ظل هذه الفوضى التشريعية لأن مجلس النواب تتجاذبه أطراف متصارعة همها الوحيد تحقيق مصالح شخصية مشتركة بينها وبين بعض العناصر من القوات المسلحة في الشرق الليبي التي ثبت في أكثر من مرة تدخلها في قرارات البرلمان وآخرها إقالة باشاغا”.
وتابع أن حديث رئيس مجلس النواب عن تشكيل حكومة ثالثة لإجراء انتخابات وطنية أمر غير صحيح لأن هدف صالح ليس الانتخابات إنما فوزه في السباق على حساب النواب الموالين لقوات خليفة حفتر، الذين نصبوا أسامة حماد على رأس الحكومة بدلاً من باشاغا.
وأشار إلى أن “الأمر كله يدور حول فلك المصالح الشخصية، وستبقى الحالة السياسية الليبية تتخبط في المراحل الانتقالية ولن تتحقق رغبة 2.8 مليون ليبي في إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية هذا العام، لأن الحديث عن تشكيل حكومة ثالثة هو إرباك للعملية السياسية”.
انتخابات برلمانية
وعن مكان باشاغا الحالي، قال المتخصص في الشأن السياسي الليبي عبدالله الكبير إن بحوزته معلومات أنه عاد إلى حاضنته الاجتماعية في مدينة مصراتة، لكنه لا يزال في مرحلة تقييم للأمور الحالية ولن يتخذ أي خطوات تصعيدية لأنه وفق اللوائح الداخلية لمجلس النواب لم تتم إقالته وإنما أحيل إلى التحقيق وهذا يستدعي بعض الوقت حتى تتشكل لجنة يمثل أمامها.
ووصف “الكبير” موضوع تشكيل حكومة جديدة بأنه بالغ الصعوبة، لأنه لن يحظى بدعم دولي ولا حتى بمباركة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باثيلي، الذي تنصب جهوده الحالية تجاه إجراء انتخابات وطنية قبل نهاية العام الحالي.
ورأى أن “تصريحات رئيس مجلس النواب بخصوص تشكيل حكومة ثالثة مصغرة جاءت على خلفية خوفه من تراجع سلطاته بعد إزاحة باشاغا دون رضاه والتقارب الوارد بين رئيس الحكومة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وقائد قوات الجيش في الشرق خليفة حفتر، عبر تعديل حكومي بالتوافق، ما يعني أن رئيس البرلمان قد فقد تقريباً جزءاً مهماً من سلطاته، كما أن اشتراط تشكيل حكومة ثالثة سيضع عرقلة جديدة إزاء الانتخابات التي لا يريدها من يملكون السلطة حالياً”.
وأوضح أن “الحل الأنسب للحالة الليبية الحالية هو إجراء انتخابات برلمانية فقط لتوحيد السلطة التشريعية ثم يتولى مجلس النواب الجديد في المرحلة الموالية معالجة بقية الانسدادات”.
لجنة 6+6
ووصلت اللجنة المشتركة لإعداد القوانين الانتخابية 6+6 (12 عضواً من البرلمان والمجلس الأعلى للدولة مناصفة)، اليوم الأحد، إلى المغرب لتباشر غداً الإثنين اجتماعاتها بخصوص القوانين الانتخابية الرئاسية والبرلمانية باعتبار أن الخلافات لا تزال قائمة حول مترشحي الجنسيات المزدوجة.
وسبق أن التقى المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باثيلي باللجنة المذكورة، منتصف مايو (أيار) الحالي، لبحث العراقيل والإشكالات التي من المحتمل أن تواجه عمل اللجنة، على غرار التعداد السكاني والطعون الانتخابية وتوزيع المقاعد، وفق التعديل الدستوري الثالث عشر، بحضور الفريق الفني المكلف من البعثة الأممية للدعم في ليبيا.
وعقدت لجنة 6+6 أول اجتماع لها في مقر المجلس الأعلى للدولة بالعاصمة طرابلس، في الخامس من أبريل (نيسان) الماضي، لمناقشة آليات عملها واجتماعاتها.