ضرب زلزال بقوة 7.7 ريختر كاليدونيا الجديدة، وهي مستعمرة فرنسية تقع في قارة أوقيانوسيا جنوب المحيط الهادي، مع سكان معظمهم من الجزائريين.
فما هي القصة؟
تبلغ مساحة كاليدونيا الجديدة نحو 19 ألف كيلو متر مربّع، وعدد سكانها يبلغ اليوم 250 ألف نسمة، من بينهم 20 ألفا من أحفاد الجزائريين، تبعد عن الجزائر العاصمة نحو 22 ألف كيلومتر، وهي مستعمرة فرنسية منذ سنة 1853 وعاصمتها نوميا.
الثورة على المستعمر الفرنسي
في الثامن من مايو أيار عام 1870، وقف البطل الجزائري الشيخ الحدّاد أمام جمعٍ غفيرٍ، رافعًا عصاه ومخاطبا أنصاره “سنرمي فرنسا كما أرمي عصاي”، ورمى عصاه في السماء، ليعلِن رسميا الجهاد ضد المستعمر الفرنسي واضعا حجرَ الأساس لواحدةٍ من أكبر بطولات ومقاومات التاريخ الحديث.
إنَّها ثورة المقراني والشيخ الحداد، لتندلع بعدها فصولُ من الدفاع عن الجزائر في وجه المستعمر، مقاومةٌ امتدت من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، مكبدةً المحتل الفرنسي خسائر فادحة، وتراجعا رهيبا، حيث وصل به الأمر إلى فقدان بعض المدن وتحريرها من طرف المجاهدين الجزائريين تحت قيادة الشيخين المقراني والحداد، إلى أن تمكنت فرنسا من قتل القائد الشيخ المقراني، لتبدأ الملحمة في الانحسار والذي تحوّل بعدها إلى تراجعٍ وانهزام، وكعادة فرنسا الاستعمارية، حان وقت العقاب.
ارتبط اسم كاليدونيا الجزيرة بمستعمرة المنفيين، حيث كانت فرنسا وقتها تجعل من بلدٍ ما سجنا تعاقب به مستعمراتها من جهة، ومن جهة أخرى تستعبد هؤلاء حتى يعمروا هذه المستعمرة الجديدة، التي جعلتها باريس محافظة فرنسية تابعة للعاصمة الفرنسية.
سعت فرنسا إلى إنشاء عمرانِ غربيِّ في كاليدونيا، فرأت في سواعدِ الجزائريين المقهورين أحسن أداةٍ لتشييد هذا المشروع، فقضى الجزائريون المنفيين عُقوبات مقاومتهم للمستعمر، بأعنف طريقةٍ حيث تم استغلالهم بصورة غير إنسانية في العمران وفي خدمة المستعمرين
استشهاد الشيخ المقراني
لم تصمد مقاومة المقراني والحداد كثيرا فبعد شهرين من القتال والبطولات.
في عام 1971 يستشهد الشيخ المقراني ويعتقل الشيخ محمد امزيان الحداد، ليعذب حتى الموت، وقرّر المستعمر الفرنسي أن يعاقب الجميع كي لا تتكرر انتفاضة هذا الشعب.
عقوبات عديدة من إعدامات ميدانية، إلى فرض ضرائب باهظة وتجريد الأهالي من السلاح، عمد المحتل الفرنسي ابتكارها إمعاناُ منه للانتقام الشديد ممَّن حمِل السلاح ضده، وهي نفي أكثر من 2000 جزائري من بينهم قيادات في المقاومة الجزائرية آنذاك إلى جزيرة كاليدونيا الجديدة التي تحتلّها جنوب المحيط الهادئ، وتشير الإحصاءات غير الرسمية أن فرنسا نفت ما يقارب 2106 جزائريين إلى كاليدونيا الجديدة حتى نهاية القرن التاسع عشر.
من قسنطينة إلى وهران.. ومن وهران إلى طولون.. ومن طولون إلى كاليدونيا الجديدة في رحلة النفي إلى المجهول، كان زادهم في الرحلة التمر والماء، لم يكفي الماء والتمر لباقي الرحلة، فكان الخيار إما أكل البحارة والمتكون من دهون الخنازير أو الموت جوعا.
يحكي أحد أحفاد الجزائريين المنفيّين في ذاكرة جدّه أن المعمرين الفرنسيين كانوا يضعون الجزائريّ كرهان فوز في القمار حيث أن الرابح يأمر الجزائري بخلع ثيابه والنزول في حفرة لا يظهر منها إلاّ رأسه، ثم يتعلم في رأسه الرماية، هذا قليل مما روي.
مرّت السنواتً على الأجداد كما مرّت السنواتً على الأحفادِ، عاد من أراد، وعاد من كتب اللّه له الموت في أرض أخرى، وبقي الكثير، يعيش الآن في كاليدونيا الجديدة أكثر من 20 ألفا من أحفاد الجزائريين، حاملين دون إرادة للجنسية الفرنسية.