رايت رايتس

ملاذ الفلاحين في الجزائر… السقي بمياه الصرف الصحي المعالجة

الديسك المركزي
كتبه الديسك المركزي تعليق 6 دقيقة قراءة
6 دقيقة قراءة
أزمة المياه في الجزائر

​​​يبدو أن الأشهر المقبلة ستكون عصيبة على الفلاحين في الجزائر بسبب شح الأمطار وانخفاض مستويات السدود، وما الإعلان عن توقيف 5 أشخاص تورطوا في قضية تتعلق بريّ المحاصيل بمياه الصرف الصحي في منطقة مسيد بمحافظة بسكرة جنوب البلاد، إلا دليل على صعوبة الوضع الذي بات عليه الفلاح الجزائري، وتهديده للصحة العامة.

- مساحة اعلانية-

القبض على 5 متهمين

وأفاد بيان صادر عن قيادة الدرك أنه “في إطار مكافحة مختلف أشكال الجريمة، لا سيما تلك المتعلقة بالصحة العامة والبيئة، تمت معالجة قضية تتعلق بري المحاصيل بمياه الصرف الصحي”، موضحاً أن “العملية جاءت بعد ورود معلومات إلى الدرك تفيد بأن أفراداً يستخدمون مياه الصرف الصحي لسقي المحاصيل عبر أنابيب تقليدية في منطقة مسيد ببلدية بسكرة”، مضيفاً أنه “وبعد بدء التحقيقات وتمشيط المحيط الزراعي على مساحة 20 هكتاراً، تم القبض على 5 متهمين”.

- مساحة اعلانية-

وخلص المصدر ذاته إلى أنه بعد إخطار النائب العام المختص إقليمياً، أمر بعرض المتهمين، بالإضافة إلى التنسيق مع السلطات المحلية لبدء إجراءات تلف المحاصيل المعنية.

استنفار حكومي وعقوبات

وتأتي الحادثة في ظل الاستنفار الحكومي المعلن جراء غياب الأمطار وتراجع مستويات مياه السدود، الأمر الذي أدى إلى دخول البلاد في حالة جفاف وفقر مائي، حيث اتخذت الحكومة قرارات وتدابير عاجلة لمصلحة المزارعين، تخص طريق اللجوء إلى الري التكميلي وحفر الآبار، واستعمال أنظمة السقي المقتصدة التي توفّر نسبة تصل إلى 70 في المئة من الموارد، وتسمح بالحصول على نتائج أفضل، إضافة إلى تعميم محطات تحلية مياه البحر عبر كامل محافظات الشريط الساحلي، كمخطط استراتيجي.

- مساحة اعلانية-

ويعتبر السقي بمياه الصرف الصحي ظاهرة لم تنقطع في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، في ظل التغيّرات المناخية التي باتت تؤثر في المحاصيل الزراعية والمنتجات الفلاحية. وشهدت البلاد حالات تسمم عدة بين جزائريين تناولوا خضار أو فواكه تبين بعد التحقيقات أنها مروية بمياه ملوثة.

وسبق لوزارة الفلاحة أن أعلنت أنها ستتخذ إجراءات رادعة ضد الفلاحين الذين يستعملون مياهاً غير صالحة، وتصادر عتادهم وتتلف كل المحاصيل التي تم سقيها بالمياه الملوثة غير المعالجة، فضلاً عن ملاحقتهم قضائياً.

وكشفت تحقيقات وزارة الموارد المائية في مرات عدة، عن تورط مَن قالت إنهم “فلاحون مزيفون” لا علاقة لهم بالمهنة، في ري الأراضي بمياه الصرف الصحي، بعد أن قام بعض “الفلاحين الحقيقيين” بكراء أراضيهم لهؤلاء الغرباء، وهو التصرف الذي يجرمه القانون ويفرض بحق مرتكبيه عقوبات صارمة تصل إلى السجن لمدة سنتين، مع دفع غرامات مالية تتراوح بين 3 آلاف و 6 آلاف دولار.

ظاهرة ضعيفة

في السياق، قال رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، إن “ظاهرة السقي بالمياه القذرة موجودة منذ زمن، ويتجدد الحديث عنها كلما تم توقيف متورطين من قبل الأجهزة الأمنية، وسبق لمنظمتنا التبليغ عن مثل هذه الممارسات غير الأخلاقية”، مشيراً إلى أن “المستثمرات المسقية بمياه الصرف الصحي لا تشكل إلا نسبة قليلة جداً من الأراضي المسقية بمياه صالحة”. وانتقد “جعل هذا الأمر فزاعة لضرب المنتج المحلي”. ودعا المواطنين إلى التبليغ عن مثل تلك الحالات “لا سيما أنها تظهر على ضفاف مجاري الصرف الصحي ومصباتها”.

من جانبه، اعتبر الباحث في السياسات الاقتصادية عبد المجيد سجال، أن “الوضع الحالي يتطلب تطوير أنظمة تدوير مياه الصرف الصحي وتجميع مياه الأمطار في المدن”، مشدداً على أن “الجزائر بلد فقير من ناحية المياه، بل يعاني أزمة مناخية صعبة منذ بداية التسعينيات”.

وبينما تشير عتبة الفقر المائي عالمياً إلى معدل 1000 متر مكعب سنوياً كحصة الفرد الواحد، تفيد الإحصائيات بأن حصة الفرد الجزائري لا تتعدى 500 متر مكعب سنوياً حالياً، مقارنةً بـ 1500 متر مكعب في عام 1962، سنة استقلال البلاد.

كما تكشف الأرقام عن أن معدل التساقط لا يتجاوز 100 يوم في السنة، في تراجع ملحوظ ومخيف عن المعدل السابق، فأغلب أيام الشتاء باردة وجافة ناهيك عن حر الصيف الجاف، أما المياه الجوفية فهي غير قابلة للتجديد.

مياه الصرف الصحي المعالجة

ودفع فقر الجزائر مائياً وإعلان حالة الجفاف، السلطات نحو البحث عن حلول.

 ويبدو أن معالجة مياه الصرف الصحي، مشروع قد يضع حداً للشح المائي قانوناً، كما قد يدفع إلى توسيع دائرة السقي بالمياه القذرة بطريقة غير شرعية، إذ كشفت مديرية الموارد المائية عن إعادة استخدام المياه المستعملة بعد معالجتها وتطهيرها، بما يسمح بتخفيف الضغط على الاحتياطيات التقليدية التي كانت تُستخدم في ري المناطق الفلاحية، كما تسهم العملية في توفير الأسمدة الأزوتية والفوسفاتية.

وعن ذلك، قال أستاذ الكيمياء علي فوضيلي، إن “السقي بمياه الصرف الصحي المعالَجة عملية لها فوائد كثيرة في تحسين الإنتاج والمردودية، ومنها الاستغناء عن استخدام الأسمدة، ما يسهم في خفض كلفة الإنتاج”.

وأضاف أن “إعادة استعمال المياه المعالجة في الري تعتبر خياراً جذاباً، بل حلاً جذاباً، خاصة في المناطق الجافة وشبه الجافة، على اعتبار أنها شديدة الملوحة مما يتطلب استعمالها في سقي نباتات مقاومة للملوحة”.

وتابع فوضيلي، “إن الخطوة أصبح معمولاً بها، لكن في الجزائر لا يزال بعض الفلاحين بحاجة إلى توعية”، مشيراً إلى أن “اعتماد السقي بمياه الصرف الصحي غير المعالَجة من طرف بعض الفلاحين إنما يُصنَّف في خانة الجهل في كثير من الأحيان”. وأوضح أن “الفلاح لدى علمه باعتماد السلطات على مياه الصرف الصحي في الري، يسارع إلى أقرب مصب أو مجرى ليضع أنابيبه ومباشرة السقي، ظناً منه أن الأمر يتم بتلك الطريقة. وعليه بات من الواجب الاعتماد على التوعية من أجل وضع حد للطرق غير الشرعية التي تهدد الصحة العمومية وسلامة المواطنين”.

وختم أنه “بقدر ما ازداد استخدام كميات المياه ارتفع حجم مياه الصرف الصحي، وعليه فإن إنتاج كميات معتبرة من المياه المعالجة حل من شأنه مواجهة جزء من مشكلة الشح المائي”.

المصدر: إندبندنت عربية

شارك هذه المقالة
ترك تقييم