في أكتوبر 2020، أعلنت شركة “أكرون أوبريشن كومباني” (Akorn Operation Company) عن انتهاء حالة الإفلاس بموجب الفصل 11 لتكون بداية لـ”حلقة جديدة مثيرة”.
بعد مرور أقل من 3 أعوام، نفدت أموال شركة الأدوية الأميركية وفصلت جميع موظفيها، وعادت “أكرون” مجدداً لمحكمة الحماية من الإفلاس لبيعها مجزأة هذه المرة.
تُعتبر “أكرون” واحدة من 12 شركة تسعى للحصول على الحماية من الإفلاس للمرة الثانية أو حتى الثالثة هذا العام بعد فشل محاولات أولية لإعادة التأهيل بإشراف من المحكمة.
وبحسب شركة “بانكربتسي داتا”، فإن هناك “ملفات إيداع الفصل 22” (مصطلح يصف حالة الإفلاس المتكررة) تتكدس بأسرع وتيرة منذ الركود الكبير.
إخفاق أميركي
يمثل هذا الاتجاه علامة على مدى هشاشة الاقتصاد الأميركي وفشل منظومة الحماية من الإفلاس، التي تُعتبر من بين الأفضل حول العالم.
إن عناية المنظومة الشديدة بإعادة تأهيل الشركات المتعثرة عوضاً عن إنهاء نشاطها سريعاً، يحمي آلاف الوظائف سنوياً، لكنها تفترض أن تجميد تحصيل الديون مؤقتاً وإلغاء العقود عالية التكلفة وفرض تحمل خسائر على الدائنين تُعد أكثر من مجرد طريقة لتأخير عملية التصفية الحتمية.
وتقول ليندسي سيمون، أستاذة القانون في جامعة جورجيا المهتمة بدارسة حالات الإفلاس إن “القضاة لا يجدون سعادة في عودة الشركات المدينة، ولا أحد يرغب في حدوث ذلك، حيث يعني فشل عملية الحماية من الإفلاس.
شهد العام الجاري العودة لحالة الإفلاس لكل من شركة “ديفيدز برايدال” ، أكبر شركة تجزئة لحفلات الزفاف في الولايات المتحدة الأميركية، وشركة تجارة التجزئة مخفضة الأسعار “كتالينا ماركتينغ”، و”تيوزداي مورنينغ”وشركة الاتصالات “أفايا” وشركة البيانات “إيناب.”
كما تعتزم شركة “مونترونيكس إنترناشيونال” للأمن المنزلي والإنذار لتقديم ثاني طلب للحماية من الإفلاس منتصف مايو الجاري، بعد طلب سابق للحماية بموجب الفصل 11 خلال 2019.
تتخذ الانتكاسات من هذا النوع أنماطاً متشابهة، في بعض الأحيان، لم يجر شطب ديون كافية للشركة من ميزانيتها العمومية في أول مرة أو أنها لم تتخلص من أقسام غير مربحة من الأنشطة التجارية عندما سنحت لها الفرصة، ما قوّض آفاقها المستقبلية عندما صعدت أسعار الفائدة، أو زاد التضخم من التكاليف.
فوضى “برايدال“
شطبت “ديفيدز برايدال” 450 مليون دولار أميركي تقريباً من الديون من ميزانيتها العمومية خلال خضوعها لفصل الحماية من الإفلاس أواخر 2018. لكنها أخفقت في رفض عقود الإيجار المكلفة وإغلاق المتاجر ضعيفة الأداء.
كشفت أوراق المحكمة أن تقديم طلب الحماية من الإفلاس خلال ذروة موسم الزفاف شوّه صورتها بين المقبلين على الزواج، علاوة على ذلك، ثبط وباء كورونا نشاط الشركة، ما قوّض قطاع الزفاف.
والآن، بعد أقل من 5 أعوام، أطلقت “ديفيدز” حملة بيع في محاولة أخيرة، لكنها ستتلاشى للأبد إذا لم يبرز أي مشتر.
المواقف المشابهة لحالة “ديفيدز” تُعتبر محرجة لمستشاري إعادة الهيكلة والقضاة؛ لأن خطط تفادي حدوث الإفلاس لا يمكن أن تحظى بالموافقة إلا إذا انتهت المحكمة إلى أن نجاح خطة إعادة الهيكلة يحظى بفرصة أفضل من الفشل، وهناك جدل بين المتخصصين في الإفلاس حول ما إذا كان الفصل 22 مجرد امتداد مؤسف ولكنه ضروري لشبكة أمان حكومية؛ أو يدل على أن الفصل 11 متسامح تماماً مع الشركات الكبرى ويجب أن يكون أشد صرامة.
وقال ديفيد آر جونز، كبير قضاة الحماية من الإفلاس في هيوستن، خلال مقابلة: “لا أود أن ينسى صناع القرار في الشركة مطلقاً أنه لكي تنجو كمؤسسة، يوجد شخص ما دفع ثمناً، فأنت لا تشطب الديون بعصا سحرية. توجد تكلفة لذلك”.
أضاف جونز أنه عندما يصل ملف متكرر للحماية من الإفلاس إلى مكتبه يقضي وقتاً طويلاً في تحليل الخطأ الذي وقع، ويعتقد أن عملية إعادة التنظيم “هشة تماماً”، وأمر لا ينبغي إساءة استعماله.
ويشير إلى أن الحماية من الإفلاس بموجب الفصل 11 تفرض تكاليف يتحملها المجتمع حيث يتم محو أصول مساهمين، وتفقد شركات صغيرة مستحقاتها، على سبيل المثال.
لا يوجد إجماع بين المتخصصين بالقانون حول أن اللجوء للفصل 22 يعني فشلاً في منظومة الحماية من الإفلاس. حتى في حال عدم نجاح اللجوء للحماية وفق الفصل 11، يمكن للدائنين غالباً استرداد أموال أكثر إذا استمرت الشركة في العمل لمدة طويلة.
هدر الموارد
أكد إد ألتمان، الأستاذ المالي بجامعة نيويورك ومخترع مقياس شهير للتنبؤ بحالات التخلف عن السداد، “زد سكور” (Z-score)، أن الشركات في الغالب تترك الفصل 11 “تبدو وكأنها شركة مفلسة” عندما يكون من الأفضل للدائنين الحصول على أموال من خلال عملية تصفية للأصول، وأن الإفلاس الثاني يدل على أن طلب الحماية الأول كان مضيعة للمال.
يضيف ألتمان: “يجري إنفاق الموارد على شركة ستفلس في نهاية الأمر؛ بينما كان يمكن استثمارها في مشروعات أكثر إنتاجية”.
امتنع عن التعليق على هذا التقرير أو لم يرد ممثلون عن الشركات على الاستفسارات في حينه وهم: “ديفيدز برايدال”، و”كاتالينا ماركتينغ”، و”تيوزداي مورنينغ”، و”أفايا”، و”إيناب”، و”مونترونيكس”، و”أكرون”.
المصدر: الشرق