رايت رايتس

حكاية المدرّسة التي تحضّر مكان تعليم سري في أفغانستان

الديسك المركزي
كتبه الديسك المركزي تعليق 5 دقيقة قراءة
5 دقيقة قراءة

- مساحة اعلانية-

مع استمرار انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو من أفغانستان، تحدثت  شبكة بي بي سي  مع معلمة ذات خبرة طويلة في التعليم وخريجة جامعية وطالبة مدرسة فحكين كيف أنهن خلال الوباء لم يكن عليهن الكفاح فقط بسبب عدم امتلاك التكنولوجيا اللازمة للتعلم عن بعد، بل كان عليهن تحدّي عدم المساواة بين الجنسين والثقافة السائدة في المجتمع، كل هذا إلى في وقت يستمر فيه الصراع في البلد.

وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها المعلّمة شهلا بإخفاء الكتب، كما أنها ليست المرة الأولى التي تبدأ فيها التخطيط لمدرسة سرية. فبالنسبة لشهلا ولكثير من النساء في كل أنحاء أفغانستان، أصبح تعليم البنات مهددا بالمنع مرة أخرى.

- مساحة اعلانية-

كانت شهلا في السابق معلمة في إحدى المدارس، أما الآن فتحاضر في جامعة كابول في عاصمة البلاد. وخلال فترة الإغلاق، واصلت إعطاء دروس افتراضية، لكنها تقول إن كثيرا من طالباتها عانين من أجل تأمين الاتصال عبر الإنترنت.

وتقول: “لا تملك معظم طالباتي هواتف ذكية، ولا تسمح لهن أسرهن باستخدام الإنترنت. وكانت أولئك اللاتي يستخدمن الجهاز المحمول الذي يخص أحد أفراد الأسرة الذكور يتعرضن للمراقبة أثناء الحصة الدراسية”.

لكن ما يعيق تقدم المرأة في أفغانستان لا يقتصر فقط على هذه الفجوة الرقمية. و يمر الآن الصراع الدائر في أفغانستان بين الحكومة وقوات طالبان بمنعطف حرج؛ فمع استمرار انسحاب القوات التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، يخشى كثيرون من عودة ظهور الجماعة الإسلامية المتشددة. وكانت طالبان قد أعلنت بالفعل عن تحقيقها بعض المكاسب الإقليمية في الأشهر القليلة الماضية.

- مساحة اعلانية-

وكانت طالبان، المعروفة بفرضها قواعد أبوية متشددة، قد حظرت في السابق كل أشكال تعليم الإناث، كما لم تسمح للنساء بالعمل ولا بمغادرة منازلهن إلا برفقة قريب ذكر.

لكن الجماعة المتشددة قالت إنها لم تعد تعارض تعليم الفتيات، وأوضح المتحدث باسمها، قائلا نيابة عن حركة طالبان: “يجب أن يحصل كل من الرجال والنساء على (فرص) التعليم وهذا أمر مهم للغاية. ولكن يجب تهيئة بيئة خاصة وآمنة للنساء، وتعيين معلمات”.مع ذلك، لا يزال عدد من المدافعين عن حقوق المرأة، ومن ضمنهم شهلا، يخشى كثيرا من إعادة منع تعليم الإناث مرة أخرى.

تصف المعلمة شهلا، وهي الآن في الستينيات من عمرها، كيف افتتحت مدرسة سرية للبنات في السبعينيات عندما سيطرت طالبان على كل البلاد. كانت طالباتها، ممن تراوحت أعمارهن بين التاسعة والعاشرة، يأتين مرتديات البرقع الأزرق التقليدي. وكانت تخبرهن دائما بضرورة إخفاء كتب تعلم اللغة الإنجليزية داخل أغلفة كتب إسلامية.

كانت شهلا تجلس حينها في حديقة منزلها الخلفية مستظلة بشجرة وبخيمة قماشية صغيرة، وكانت توجّه الطالبات باستخدام سبورة صغيرة. تقول شهلا: “بدأت تلك المدرسة بعشرين طالبة، لكني أنهيتها بأربع منهنّ فقط. وكانت اثنتان منهنّ بنتاي”، واصفة مدى صعوبة إبقاء طالباتها في صفوف الدراسة.

وتقول إن طالبان دأبت على تفتيش المنزل بحثا عن دليل على وجود المدرسة، لكنهم تمكنوا مرة واحدة فقط من إغلاقها “مؤقتا”. واليوم، بعد مرور خمسين عاما على تلك المدرسة، تقول شهلا إنها تشعر بالانكسار لأنها مضطرة لبدء جمع الكتب مرة أخرى إذا احتاجت لإعادة افتتاح مدرستها السرية.

.في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، كانت شهلا تدرّس في جامعة كابول عندما اقتحم مسلحون الحرم الجامعي وأطلقوا النار في القاعة المجاورة.

تتذكر شهلا: “كنت في معرض كتب عندما سمعت فجأة صوت إطلاق نار مستمرا. كان الطلاب يركضون في كل اتجاه، كان بعضهم يبكي وآخرون يتحدثون على الهاتف ويركضون نحو البوابة الرئيسية”. ومع وصول قوات الأمن الحكومية، اندلعت معركة بين الجانبين استمرت لساعات؛ قتل فيها 22 شخصا وأصيب أكثر من 22 شخصا آخرين.

تضيف شهلا: “معظم الضحايا كانوا من الفتيات. حتى أن الشرطة لم ترغب في مساعدة المصابات للهروب من مكان الحادث لأن رجال الشرطة يعتقدون أن لمس المرأة حرام. لكن عندما وصلت القوات الخاصة، نقلت الفتيات”.

وكانت النساء والأطفال، وبينهم حديثو الولادة، هدفا لواحدة من أبشع الهجمات التي تبناها داعش العام الماضي؛ إذ أسفر هجوم على جناح الولادة في مستشفى عن مقتل 16 شخصا وإصابة 16 آخرين.

بالنسبة إلى المعلمة المتفانية شهلا، فإن هذا التصعيد في العنف من قبل جماعة متمردة مثل تنظيم الدولة، والتوسع في مناطق نفوذ طالبان هما الأمران اللذان يدفعها لأن تبدأ مرة أخرى في جمع الكتب، كما تقول. “يجب أن أتأكد من أنه لدي ما يكفي من المال للشراء خيمة وكتب ودفاتر وأقلام، لأنني أعرف أن طالبان لن تسمح للفتيات بالدراسة في المدرسة. وعندما يسيطرون على منطقة، فأول شيء سيفعلونه سيكون إغلاق مدارس البنات”.

شارك هذه المقالة
ترك تقييم