انطلقت، الأربعاء، الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بمشاركة لفيف من القوى السياسية والحزبية والشخصيات العامة، التي اجتمعت لترتيب أولويات العمل الوطني ووضع مسار وملامح للجمهورية الجديدة.
وشهدت الجلسة الافتتاحية كلمة لعمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، ووزير خارجية مصر الأسبق، والدكتور حسام بدراوي، مستشار الحوار الوطني، وكلمة لحمدين صباحي، ألقاها بالنيابة عنه، الدكتور ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطني، والذين تحدثوا حول كثير من الملفات المقرر طرحها على مائدة الحوار.
في بداية كلمته، وجه عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين، لإعداد دستور مصر 2014، الشكر لمجلس أمناء الحوار الوطني، إننا نبدأ في الحديث عن الموضوعات التي تشغل ولا تزال تشغل الرأي العام في مصر، في ظل التطورات العالمية التي تؤثر فيه، مضيفًا أنه واحدا من الذين تابعوا وساهموا في العمل السياسي طوال عقود طويلة، وعايشت تلك السنوات بحلوها ومرها، وانتقلنا إلى السنوات الأولى من القرن الحادث والعشرين بمشاكل إضافية، لم تحل محل المشاكل القديمة ولكنها أضيفت إليه، ومن ثم فالإرث ثقيل والأمر خطير، ويتعين علينا أن نتكلم بكل صراحة وأن نطرح الأمر والرأي الآخر.
وأضاف “موسى”، أن “هذه مرحلة الاضطراب السياسي في مصر، انتهت في 2013 وبدأ عهد جديد في 2014″، مشيرًا إلى أن الواقع يكشف أن الشعب المصري يشعر بكثير من القلق، ويتسائلون عن الأزمات التي تواجهها مصر ويخافون على مصير هذا البلد.
وتابع: “من هنا يتسائل الناس، ماذا جرى وماذا يجري، وأين فقه الأوليات في اختيار المشروعات وأين مبادئ الشفافية وما هي حالة الديون المتراكمة ومجالات انفاقها وكيفية سدادها، خاصة وأن الاقتصاد متعب ومرهق”.
متابعًا: “الناس يتسائلون عن الحريات وضماناتها، والبرلمان وأداءه والأحزاب وآلياتها، وعن الاستثمار وتراجعه وهروب الاستثمارات المصرية لتؤدي وتربح في أسواق أخرى، كما أن الناس يتسائلون عن التضخم والأسعار إلى أين وإلى متى؟”.
وتسائل عمرو موسى: “هل سيطرت السياسات الأمنية على حركة مصر الاقتصادية فأبطأتها وقيدتها؟ هل شلت البيروقراطية المصرية حركة الاستثمار فأوقفتها؟.. الناس يتسائلون عن مجانية التعليم وتناقضها مع جودة التعليم، وإلى متى تمضي الزيادة السكانية دون سياسة جرئية تضبطها؟”.
وتحدث عن الحبس الاحتياطي، قائلا: “الناس يتسائلون عن مصير المحبوسين احتياطيًا والذي آن الآون للتعامل المباشر والفوري والشامل مع هذا الملف لنغلقه نهائيا، ونتوجه إلى ما هو أهم وأبقى”.
وشدد على أن الإجابة يجب ن تكون صريحة وجريئة ولو كانت صادمة، وهذا واجب ومسؤلية كافة مؤسسات الدولة، ومنها مؤسسة الحوار الوطني، بل إني أرى بكل صراحة، أن نتائج هذا الحوار وإن كانت من الطبيعي أن ترفع إلى رئيس الدولة، إلا أني أرى أن ترفع إلى الشعب عن طريق البرلمان ليناقشها، وإن رأى من الحكومة مقترحات محددة بناء على توصيات محددة من هذا الحوار، كان البرلمان على علم والاطلاع على التقارير التي تقدم إليه من هذا الحوار.
وتابع:” قد تسائل البعض في نقاشات كثيرة جرت، أن الحوار قائم داخل هذه القاعات وفي كل مكان في مصر، في مقاهيها وفي أحزابها وجامعاتها والكل يتكلم والكل يتحدث، أين نحن، وماذا جرى؟”.. كيف نصلح الأحوال؟.
وأشار إلى أن هناك منجزات ونقاط مضية في مسيرة هذا البلد، فهناك ظل مسارات وجسور تبنى، فهناك أولا: معالجة للعشوائيات، لكن العشوائيات في كل قرية في مصر عشوائيات وكل مدينة ومركز في محافظات مصر يعاني من العشوائيات وليس القاهرة فقط، وهذا أمر خطير، يجب أن ينظر إليه هذا الحوار والتعامل معها.. ويجب أن ننظر إلى عشوائيات القبح والاعتداء على جمال المدن.
ثانيا: نجح العهد في إبعاد خطر الخلط المخيف بين السياسة والدين، ليكون الطريق ممهدا نحو الحكم المدني الذي أكده الدستور ونص عليه.
ثالثا: نجح العهد في طرح تجديد التفكير الديني كي يعلو الدين الحنيف بعيدا عن أهواء السياسة ومطباتها، وبعيدا عن التطرف ودمويته، وفي هذا أشير إلى التطور التاريخي الجريء الذي يتم في السعودية حاليا، وأشير إلى مبادرة هامة قدمها الإمام الأكبر شيخ الأزهر، منذ حوالي 3 شهور، بعد لقائه مع بابا الفاتيكان في هذا العمل المشترك بين الأزهر والكنيسة، حيث قال فيها إن الوقت حان لبدء حوار سني شيعي تحت عباءة الأزهر، للقضاء على هذه الفجوة التي لعبت فيها شياطين الإنس والجن ولا تزال. فنحن أمام مبادرتين تعملان على تجديد الفكر الديني، وهنا يجب أن أعطي الحق أن أول من أثار مسألة تجديد الفكر الديني، هو الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبناء على ذلك فالأمور تتحرك.
رابعا: أعلت الدولة، قيم المواطنة وأنه لا تفرقة بين مواطن وآخر بسبب الجنس أو الدين أو المكان الجغرافي كما نص الدستور، وهذا تقدم عظيم لا شك فيه.
خامسا: تأهيل سيناء، وفتحها للمواطنين، والعيش فيها، مع الحفاظ على طابعها الخاص، وأماكنها المقدسة.
سادسا: أعطى الفرصة للمجددين في مجالات عدة، أشير فيها هنا إلى مجال التعليم، ومن المهم أن تعطي الفرصة للمجفكرين لنفذوا خططًا تعالج مشاكل أساسية في مصر.
سابع: تقدم بالمرأة المصرية إلى الصفوف الأولى، تطبيقًا لنصوص الدستور، الذي نص على أن المرأة تحصل على نفس حقوق الرجل السياسية والاقتصادية، كما مكن الشباب حتى تولى مناصب قيادية.
وأشار عمرو موسى إلى أن التركيز على إنجاز معين، يعني إلغاء الاهتمام بالإنجازات الأخرى، رغم أنها إنجازات رئيسية في الفكر المصري، سواء إصلاح الفكرة الديني أو المرأة والشباب أو المدن، أو الأوضاع الاجتماعية في مصر.
وأردف: “آمل أن تسجل تلك التساؤلات التي نقلتها إلى مجلس إدارة الحوار الوطني، فهي تساؤلات لا يتوقف الناس عن مناقشتها وافتقادها مثل حرية الرأي والرأي الآخر.
وشدد على أن الطريق صعب، والتحديات خطيرة حقًا غير مسبوقة، “ولا أقول أن التحديات كلها تأتي من الخارج، فهناك تحديات تأتي من الداخل، يجب أن نعالجها، وأنا متفائل أن قدرة وتجارب وآمال الشعب المصري، يمكنها أن تحدث النقلة المطلوبة وأن تقف في وجه التهديد بالانهيار، سواء كان سياسيا أو اقتصاديا، وبصفة خاصة وضع الطبقة المتوسطة التي تتراجع”
مؤكدًا: “يجب أن نعطي الطبقة الوسطى اهتماما لاستقرارها ورخائها، وأن يفتح لها باب الإنجاز والإبداع”.
وقال د. حسام بدراوي، مستشار مجلس أمناء الحوار الوطني، أن قواتنا المسلحة لها الحق في أن نُحييها ونؤيدها وعلينا الحفاظ على دورها في حماية مصر، خاصة أن بلادنا تحتاج إلى حكم قوى لا يؤدى إلى فوضى.
وأكد على أن اقتراحه كان ولايزال أن يكون الحاكم لمناقشات الحوار الوطني هو الدستور ورؤية مصر 2030 التي أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي في 2014، والتي عمل من أجلها العديد من الخبراء والمُتخصصين وأشركت المجتمع في حوار محترم للوصول إلى صياغة شبه متكاملة لمصر 2030.
وأكد على أنه قد كُلف بعرض هذه الرؤية المُحدثة، والتي كُان أحد صُناعها في عام 2014 لتكون إطار للمُتحاورين في الحوار الوطني على أمل تجديدها إلى رؤية 2050، مشيرا إلى أنه قام بلقاء وزيرة التخطيط ومجموعه الباحثين لديها بجانب لقاء وزيري التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، في حوار أكثر أتساعًا بشأن ملف التعليم بجانب الملفات الأخرى بعقلية السياسي و«المُنمي» ثم قام بإتاحتها لمجلس أمناء الحوار الوطني، بجانب العديد من الأحزاب والقوى السياسية، ليستفيدوا منها قبل وأثناء الحوار.
ولفت إلى أنه يرى أن الحوار الوطني هو حوار سياسي، “ومن هنا اتخذت على عاتقي توثيق رؤية سياسية لمناقشتها ضمن الحوار في ضوء الالتزام بالدستور الحاكم للحوار في الأساس، حيث النظام السياسي قائم على التعددية السياسية والتداول السلمى للسلطة والفصل بين السلطات وتلازم المسئولية مع السلطة واحترام حقوق الإنسان”.
مشيرا إلى أن الدستور به مواد لم يتم تطبيقها، ومن هنا على أعضاء الحوار مناقشة أسباب ذلك، مثل اللامركزية والفصل بين السلطات وطريقة تطبيق العدالة واحترام الحريات.
وأكد أيضا على ضرورة الحذر وحماية الحوار من الذين يرون وقد يكون بحسن نية أن الاستقرار يأتي بالسكوت وعدم التغيير وتجنب فتح أبواب التعددية، مشيرا إلى أن أعمدة الدولة الحديثة تقوم على مبدأين: أولهما العدالة والتطبيق غير الانتقائي للقانون بجانب التنمية ، مشيرا إلى أنه قد يكون الفاعلية الأهم للمواطن هو قدر الإنجاز والاستجابة لهم بشأن مطالبهم بغض النظر عن الفكرة الإيدلوجية للنظام السياسي.
وأختتم كلمته قائلا: أختتم كلمتي المختصرة هذه بأن أقول: فلتحيا مصر… يا رب
وقال حمدين صباحي، مؤسس حزب الكرامة: “الأخ العزيز المنسق العام للحوار الوطني.. السادة الحضور.. نظرا للظروف الطارئة التي أصيبت بها، وهي وفاة شقيقتي الكبرى، والتي كانت بمثابة والدتي كفاكم الله محنة الفراق، وهو ما منعي للحضور الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني”
وتابع: “أتمنى التوفيق والوصول إلى نتائج يكون من شأنها الوصول إلى ما نصبو إليه وهو نجاح الحوار في وضع أسس تكون كفيلة بالمساعدة في النهوض بكل ما يتعلق بالوطن والمواطن”.
أبرز ما جاء في كلمة المنسق العام للحوار الوطني
وألقى ضياء رشوان نقيب الصحفيين المصري والمنسق العام للحوار الوطني، كان أبرز ما جاء فيها بحسب جريدة “المصري اليوم”:
- لا يوجد خط أحمر سوى الدستور والقانون ولا اشتراك لمن مارس العنف أو حرض عليه.
- لا توجد قوى سياسية واحدة ولا نقابة أو تيار شبابي لم يشارك في الحوار الوطني.
- الحوار الوطني ربما يستغرق أسابيع أو ربما شهورا.
- كل جلسات الحوار علانية ولن توجد جلسة واحدة سرية وكل الإعلام مدعو للحضور.
- الحوار جديد ويستحق منا الصبر أرجوكم شاركونا، راقبونا، واصبروا.
- ستشعرون خطوة بخطوة بإيجابيات هذا الحوار.
مشاركة الحزبية
قال فريد زهران، رئيس الحزب المصري الديمقراطي، إنه يشارك في الحوار الوطني، لافتا إلى أنه يفخر بالانتماء للحزب كأحد أحزاب الحركة المدنية أحد المكونات الرئيسية للمعارضة الوطنية المصرية.
وأشار زهران في كلمته إلى أن أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية مكون من الأزمة الراهنة، وتابع زهران أن أي أزمة تواجه أي مجتمع لها حلان إما نلجأ للطريق الأمني لأنها ممكن أن تؤدي إلى توترات، مشددا على ضرورة إشراك المواطنين في الحل من خلال فتح باب حرية الرأي والتعبير، وانتخابات ديموقراطية نزيهة كباقي دول العالم، وفقا لـ”المصري اليوم”.
وأوضح انحيازه لمسار بناء حياة سياسية، ووضع يسمح لمصر بالانتقال إلى الدولة الديمقراطية الحديثة بآليات لإدارة الخلاف، والاختلاف بالاحتكام عن الانتخابات والأصوات، موضحا لدينا رغبة مشتركة لعمل حوار يفضي بنا إلى بناء مجال سياسي.