نجحت المحاولة الثانية لإطلاق صاروخ “أريان 5” حاملاً المسبار الفضائي الأوروبي “جوس” في مهمة إلى كوكب المشتري وأقماره المتجمدة، بحثاً عن بيئات مؤاتية للعيش خارج الأرض، في أول مهمة أوروبية من نوعها.
انطلق المسبار الفضائي “جوس” اليوم الجمعة (14 نيسان/أبريل 2023) لاستكشاف أقمار كوكب المشتري، وهي أطول رحلة يقوم بها مسبار تابع لوكالة الفضاء الأوروبية “إيسا”.
وانطلق المسبار في تمام الساعة 14ر2 ظهرا بتوقيت وسط أوروبا من ميناء كورو الفضائي في غيانا الفرنسية، كما يتضح من صور البث المباشر في مركز التحكم التابع لـ”إيسا” بمدينة دارمشتات الألمانية.
وأعلنت الفرق بعد دقائق من الانفصال أنها تلقّت إشارة من المسبار، مما أثار ارتياحها.
وتمكّن المسبار من فتح ألواحه الشمسية التي تبلغ مساحتها 85 متراً مربعاً، أي ما يعادل حجم ملعب لكرة السلة، جُهز بها توخياً للحفاظ على الطاقة، إذ إنّ ضوء الشمس أضعف بخمس وعشرين مرة مما هو على الأرض. وهي أول لحظة حرجة، لأنه بدون الألواح لا يمكن إدارة الرحلة الطويلة.
وقال المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية جوزف أشباخر لوكالة فرانس برس “كنت متوتراً جداً (…) وأنا فخور جداً لأوروبا لأن +جوس+ أهم بعثة في هذا العقد، والأكثر اتقاناً على الإطلاق من المسبارات التي أرسلت حتى اليوم إلى كوكب المشتري”.
أمّا رئيس المركز الوطني الفرنسي لدراسات الفضاء الذي يتولى إدارة مركز غوايانا فيليب باتيست فاعتبر عشية الإطلاق أنّها “مهمة استثنائية تُبيّن قدرات أوروبا”.
ومن المتوقع أن يستغرق المسبار ثماني سنوات للوصول إلى أكبر كوكب في النظام الشمسي ، ولكن بعد ذلك يأمل العلماء في الحصول على رؤى مهمة عن الكوكب العملاق وأقماره وإجابة على السؤال حول ما إذا كانت يمكن أن تتواجد حياة هناك من حيث المبدأ.
والمسبار موجود على متن الصاروخ “آريان 5”. ويتم توجيه المسبار “جوس” (Juice)، والاسم مؤلف من الأحرف الأولى بالإنجليزية لعبارة “مستكشف أقمار المشترى الجليدية” (Jupiter Icy Moons explorer)، من مركز التحكم التابع لوكالة الفضاء الأوروبية في مدينة دارمشتات جنوب غرب ألمانيا بالقرب من فرانكفورت.
ويشكل “جوس” الذي بلغت تكلفته الإجمالية 1,6 مليار يورو، أول مهمة أوروبية تدخل النظام الشمسي الخارجي الذي يبدأ بعد المريخ.
وأمام المسبار رحلة طويلة قبل أن يصل إلى وجهته النهائية الواقعة على مسافة تفوق 620 مليون كيلومتر من الأرض ويبدأ عمله على كوكب المشتري. ومن المقرر أن يصل إلى المشتري في عام 2031. وهذه هي أطول مهمة لوكالة الفضاء الأوروبية إلى النظام الشمسي حتى الآن.
والمسبار مزود بعشر أدوات علمية سيتم من خلالها رؤية الأقمار “أوروبا وكاليستو وجانيميد”.
وشرحت مديرة العلوم في وكالة الفضاء الأوروبية كارول مونديل إلى أن “منظومة المشتري تحتوي على كل مكونات نظام شمسي مصغّر”، واعتبرت عالمة الفيزياء الفلكية أن استكشافه “سيجعل من الممكن دراسة كيفية عمل نظامنا الشمسي، وسيحاول الإجابة على السؤال” هل نحن وحدنا في الكون؟”.
وتتمثل مهمة “جوس” الرئيسية في العثور ليس على الحياة مباشرة، ولكن على بيئات تتيح وجودها. وإذا كان كوكب المشتري نفسه، وهو كوكب غازي، غير صالح للحياة، فإن قمريه أوروبا وغانيميد من أفضل الأقمار التي يمكن درس إمكان قابليتها للسكن، إذ يخفيان تحت سطحهما الجليدي محيطات من الميه السائلة التي تُعدّ الشرط الرئيسي لظهور أشكال الحياة.
وكان قد تم من قبل إلغاء الإطلاق الذي كان مقرراً في الأساس أمس الخميس بسبب خطر حدوث عواصف رعدية.