في خطوة غير مسبوقة، دعا البابا فرنسيس، في قدّاس عيد الفصح، الأحد، شبّان تونس إلى “عدم فقدان الأمل والتضامن لبناء مستقبل يعمّ بالأخوّة والسلام”.
وذكر موقع “فاتيكان نيوز” الرسمي أنّ “السنوات الأخيرة شهدت هجرة المزيد من التونسيين إلى أوروبا، بسبب المنحى الاستبدادي الذي اتخذه النظام والصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد”.
وتتعرض تونس لانتقادات إقليمية ودولية حادة، في ظلّ توتّر علاقاتها الدبلوماسية بأطراف عدّة، بعضها حليف للبلاد منذ استقلالها عام 1956.
وفاجأ الرئيس التونسي، قيس سعيد، مواطنيه الأسبوع الماضي، حين دعاهم إلى التعويل على مواردهم الخاصّة، مشدّدا على رفضه “إملاءات المقرضين الدوليين”، في إشارة إلى الإصلاحات الاقتصادية التي يشترطها صندوق النقد الدولي لتقديم قرض بقيمة 1.9 مليار دولار على أربع سنوات لتونس.
هواجس غربية
وذكر محمود بن مبروك، المتحدث باسم مسار 25 يوليو/ تموز الداعم لسعيد، أنّ الحكومة تدرس إمكانيّة التوجّه إلى مجموعة بريكس، بسبب تعثّر مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي.
وقال بن مبروك، السبت، إنّ لديه معلومات بشأن وجود مفاوضات مع بريكس، التي تضمّ روسيا والصين والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل.
ورفضت السلطات التونسية التعليق على تصريحات بن مبروك.
وثمّة مخاوف غربيّة حقيقيّة من توجّه تونس شرقا، وهي الحليف التقليدي، في منطقة شمال إفريقيا، للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وكان وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، قد حثّ الجهات المانحة على دعم الاقتصاد التونسي للحيلولة دون وقوعها في دائرة النفوذ الروسي والصيني.
وقال مصدر مقرب من السلطة الحاكمة لبي بي سي إن دولا مثل الولايات المتحدة تتعامل بحذر شديد مع التوجهات الدبلوماسية التونسية، مذكرا بأن لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس كانت قد أثارت استقبال الرئيس التونسي للمدير الإقليمي لشركة هواواي، في صيف 2021.
ويبدو سعيّد مندفعا، غير آبه بضوابط لطالما ميّزت دبلوماسية تونس، وجعلت معظم مواقفها على الحياد.
وأثار الرئيس التونسي أزمة غير مسبوقة مع المغرب حين استقبل، نهاية أغسطس/آب الماضي، زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، على هامش احتضان تونس قمة يابانية إفريقية.
واستدعت الرباط، حينها، سفيرها لدى تونس، متهمة إياها بـ”مضاعفة المواقف والتصرفات السلبية تجاه المملكة المغربية ومصالحها العليا”.
وبدأ الرئيس التونسي إجراءات إعادة سفارة بلاده لدى سوريا، في الوقت الذي أعلنت فيه دمشق، الأربعاء، التفاعل إيجابيا مع المبادرة وتعيين سفير لها لدى تونس.
وكان الرئيس السابق، المنصف المرزوقي، قد قرّر، عام 2012، قطع علاقات بلاده مع سوريا، غداة اندلاع انتفاضة شعبيّة تطالب برحيل الرئيس، بشار الأسد. وبعد خمس سنوات، قرّر الرئيس الراحل، الباجي قايد السبسي، إعادة بعثة دبلوماسية محدودة.
خطاب سيادوي
وفجّر الرئيس التونسي أزمة كبيرة مع دول إفريقيا جنوب الصحراء، حين زعم في فبراير/شباط الماضي أنّ هناك “ترتيبا إجراميّا لتغيير التركيبة الديمغرافية لبلاده”، من خلال توطين المهاجرين الذين يعجزون عن الوصول إلي الضفّة الشماليّة للبحر الأبيض المتوسّط.
وأدان الاتحاد الإفريقي تصريحات سعيّد، في سابقة في تاريخ تونس، التي كانت من مؤسسي المنظمة.
وحتّى حين تُصيبه سهام الدول الغربية، لا يتراجع الرئيس التونسي قيد أنملة عن اعتبار أنّ بلاده تواجه مؤامرة وأنّ سيادة تونس “خطّ أحمر”.
ومع اشتداد الانتقادات الموجّهة له، ذكر قيس سعيد، الشهر الماضي، أنّه “لم ينتقد الوضع الحقوقي في أيّ دولة من الدول التي تنتقد تونس”، في إشارة إلى سلسلة من البيانات التي صدرت عن حكومات الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، إلى جانب عدد من وكالات الأمم المتحدة، من بينها المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
الحليف الجزائري
وتتهم المعارضة الرئيس التونسي بالاصطفاف إلى جانب الجزائر.
ودعا رئيس جبهة الخلاص الوطني، أحمد نجيب الشابي، الأسبوع الماضي، الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، إلى “عدم التدخل في الشؤون الداخلية لتونس”، قائلا، في تصريحات صحفية، إنّه “يتفهم حرص الجزائر على ألا تمارس ضغوط على تونس ولكن نطلب من رئيس الجزائر أن يراعي قواعد الأخوّة ويحترم مشاعر التونسيين وألا يتدخّل في شؤون تونس”.
وفي غضون ذلك، يرفض سعيّد أيّ مبادرة للحوار، انطلاقا من تلك التي كشف الاتحاد العام التونسي للشغل، بداية العام الجاري، العمل على بلورتها، رفقة رابطة حقوق الإنسان وعمادة المحامين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
المصدر: BBC