ما بين لحظة وأخرى تتوتر العلاقات بين العراق وتركيا حول ملفات تاريخية تتعلق بالأمن والحدود بين البلدين، اللذان تربطهما علاقات جغرافية لا يمكن فصلها.
وتربط البلدان اتفاقات على محاربة تركيا للإرهاب المتمثل في حزب العمال الكردستاني الذي تتوغل بعض عناصره داخل جبال إقليم كردستان، وجاءت العملية التركية الأخيرة باستهداف مطار السليمانية لتطرح الكثير من التساؤلات حول مدى استمرار تلك الحالة بين تركيا والعراق؟
بداية يقول عبد القادر النايل، عضو الميثاق الوطني العراقي، إن المسألة الأمنية بين تركيا والعراق لا يمكن أن تذهب باتجاه أي حل بين الطرفين لأنها أمنية وليست سياسية.
الإجراءات الأمنية
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن “الأطراف الحزبية في العراق ومن يدعم توجههم سواء كانت أمريكا وفرنسا من جهة وإيران جهة ثانية تريد بقاء ملفات بعض الأجنحة العسكرية الكردية التي تستهدف تركيا مستمرة في نهجها والذي تعتبره تركيا يمثل تحديا لأمنها القومي، ولا سيما بعد تفجير الحقيبة المفخخة في إسطنبول والتطور الخطير والأهم للطائرة العسكرية التابعة لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيا لدى تركيا في كردستان العراق بمحافظة دهوك، والتي قتل فيها 6 عناصر من حزب العمال وقسد، وكانت تريد ضرب أهداف تركية، وهنا لا نتكلم عن تسلل عناصر إنما أجواء عراقية بطائرات تستخدمها منظمات عسكرية”.
وأكد النايل أنه “من حق تركيا ألا تأمن على الإجراءات الأمنية من الجانب الحكومي في العراق لأن هذا تواطؤ كبير وخطير وتلتها تهديدات هادي العامري بعد استهداف طائرة لقسد بالقرب من مطار السليمانية، فضلا عن الدعم العلني لقسد من جناح السليماني من قبل بافل طالباني”.
تصادم مباشر
وأضاف النايل “لذلك كل هذه الظروف تدفعنا بالقول إن الاتفاق التركي العراقي إذا عقد هو مجرد عبور للتصادم المباشر، نظرا لعدم وجود النوايا الحقيقة في محاربة العمل الإرهابي للمنظمات المسلحة، ومن جهة أخرى عدم قدرة حكومة السوداني على بسط سيادتها على الأراضي العراقية وعدم قدرتها على إقناع الدول الغربية وجناح السليمانية وإيران من إدخال العراق بملفات خطيرة”.
ولفت النايل إلى أن الدستور الحالي ينص على عدم استخدام الأراضي العراقية لشن هجوم نحو الجيران، ولا تفعل هذه المادة إلا فيما يتعلق بإيران فقط ويبرر لها عندما تستهدف السعودية وتركيا، وأيضا تركيا لا يمكن لها أن تتوقف على ملاحقة هذه المنظمات المتورطة في استهداف أمنها القومي مهما كانت الاتفاقيات والضمانات التي تعرض، فغياب الثقة يقوض أي اتفاق.
تصريحات دعائية
في المقابل يقول بكير اتاجان، المحلل السياسي التركي، بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى تركيا، كان هناك تحديث اتفاق أمني جديد بين بغداد وأنقرة فيما يخص الحدود والتنظيمات الإرهابية، ولا بد أن نذكر هنا أن التصريحات التي تأتي على لسان المسؤولين العراقيين عقب كل حدث هي لإرضاء الشارع العراقي، لكن في المستقبل القريب سوف يتم تفعيل الاتفاقية الأمنية الجديدة على أرض الواقع لضبط الأوضاع الحدودية بين البلدين.
وأشار في حديثه لـ”سبوتنيك”، إلى أن الإرهاب الذي تحاربه تركيا سواء كان متمثلا في حزب العمال الكردستاني أو الأحزاب التابعة له، تضر أيضا بالمصلحة العراقية أكثر مما تضر بالمصلحة التركية، لأن هناك اتفاق بين مرفأ الفاو في البصرة وتركيا، على أن يكون هناك طريق بري وسكك حديدية عالية السرعة لنقل البضائع والسلع من هذا المرفأ إلى تركيا ومنها إلى الدول الأوروبية، هذا الاتفاق تموله الصين بطبيعة الحال باستثمارات تقدر بـ22 مليار دولار.
مشكلة الإرهاب
وأضاف اتاجان، وجود الإرهاب لا يخدم مصلحة العراق لأنه يقوض الاستقرار في الداخل، ما يعني فشل أي مشروع إقليمي أو دولي للاستثمار، لذا سوف نجد خلال الأيام القادمة تحرك كبير للجان التركية والعراقية وسوف يجلس الطرفان على الطاولة ويحلون مشكلة الإرهاب الذي يعد مانعا لتحسين الحالة الاقتصادية سواء كان في العراق أو تركيا ولكل المنطقة.
وأكد المحلل السياسي أن الحلول لمشكلة الحدود بين العراق وتركيا موجودة، لكنها تحتاج إلى وقت قد يكون شهور أو سنين، مشيرا إلى أن إقليم كردستان العراق ينقسم إلى قسمين جماعة السليمانية (الاتحاد الوطني) وجماعة البارزاني (الحزب الديمقراطي)، وفي السليمانية يدعمون العنف بناء على أجندات خارجية، في حين أن جماعة بارزاني متوافقون مع الحكومة العراقية والحكومة التركية على مبدأ محاربة الإرهاب وتحسين الأمن والاستقرار.
وأعربت الرئاسة العراقية عن إدانتها للقصف التركي الذي استهدف مطار السليمانية المدني، في إقليم كردستان شمالي العراق، الجمعة، مطالبة أنقرة بتقديم اعتذار رسمي.
عمليات عسكرية تركية
وقالت الرئاسة العراقية في بيان، السبت الماضي: “تتكرر العمليات العسكرية التركية على إقليم كردستان وآخرها قصف مطار السليمانية المدني، ونحن إذ ندين هذه الاعتداءات السافرة على العراق وسيادته فإننا نؤكد عدم وجود مبرر قانوني يخول القوات التركية الاستمرار على نهجها في ترويع المدنيين الآمنين بذريعة وجود قوات مناوئة لها على الأراضي العراقية”.
وأضاف البيان أن العراق يطالب الحكومة التركية بتحمل المسؤولية وتقديم اعتذار رسمي عن هذه التصرفات ووقف هذه الاعتداءات وحل مشكلاتهم الداخلية عن طريق فتح منافذ الحوار مع الأطراف المعنية، وفي حال تكرار هذه الاعتداءات سيكون هناك موقف حازم لمنع تكرارها مستقبلا.
وفي وقت سابق، أعلنت مديرية مطار السليمانية الدولي في إقليم كردستان شمالي العراق، مساء الجمعة الماضية، وقوع انفجار قرب السور الخارجي للمطار، فيما قالت وسائل إعلام عراقية إن الهجوم استهدف قائد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.
وأعلنت تركيا تعليق رحلاتها الجوية إلى مطار السليمانية الدولي في إقليم كردستان، اعتبارا من 3 أبريل/نيسان الجاري.
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان إن القرار جاء “في إطار تكثيف أنشطة حزب العمال الكردستاني (تصنفه أنقرة تنظيما إرهابيا) في السليمانية وتغلغله في المطار وبالتالي تهديد أمن الطيران”.
المصدر: سبوتنيك