أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء الخميس، البدء في شن غارات جوية على قطاع غزة، فيما سُمع دوي انفجارات جنوب غرب مدينة غزة، في أعقاب اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر لبحث الرد على إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل.
ونقلت وسائل إعلام فلسطينية، أن الفصائل في قطاع غزة تطلق صواريخ مضادة للطائرات في جنوب القطاع.
وأكدت الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية بقطاع غزة، في وقت سابق، الخميس، جاهزية الفصائل للرد على أي هجوم إسرائيلي.
ونشرت الغرفة بياناً مقتضبا قالت فيه “في ظل تهديدات العدو لمقاومتنا ولأهلنا في غزة، فإننا نؤكد جهوزية المقاومة للمواجهة والرد بكل قوة على أي عدوان والدفاع عن شعبنا في كل أماكن تواجده”.
واتهم البيان الجانب الإسرائيلي بالسعي إلى “تصدير أزماته الداخلية” إلى الشعب الفلسطيني، داعياً الحكومة الإسرائيلية إلى الكف عن الاعتداء على المسجد الأقصى والمصلين.
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال، الخميس، إن بلاده “ستضرب أعدائها.. وسيدفعون ثمناً لعدوانهم”، فيما توقعت إذاعة الجيش الإسرائيلي شن هجمات في قطاع غزة وجنوب لبنان، رداً على إطلاق الصواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل.
ونقل موقع “أكسيوس” الأميركي، عن مسؤولين إسرائيليين لم يسمهم، قولهم إن “الرد على (حماس)، التي تتهمها تل أبيب بإطلاق الصواريخ، سيكون قوياً للغاية، لكن مستوى الرد في لبنان غير واضح لأن الحكومة تريد تجنب حرب شاملة”.
وحمَلت إسرائيل حركة “حماس” الفلسطينية، مسؤولية إطلاق أكثر من 30 صاروخاً من الأراضي اللبنانية، وسط تصاعد للتوتر بعد اقتحام الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى، في أكثر من مناسبة خلال الأسبوع الجاري.
وفي قطاع غزة، قال مسؤول كبير في حركة “حماس”، إن “إسرائيل تحاول الهروب من أزماتها الداخلية عبر افتعال معارك وهمية”، مضيفاً في تصريحات لـ”الشرق”، “نحن في الحركة ليس لدينا أي معلومات عن الجهة التي أطلقت الصواريخ من الأراضي اللبنانية على دولة الاحتلال”.
تأهب فلسطيني ودعوات للتصعيد
وقال رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، في كلمة خلال لقاء مع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في العاصمة اللبنانية بيروت: “نحمل حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عما يجري من عدوان وحشي على المسجد الأقصى المبارك وعلى المصلين والمعتكفين فيه، ونؤكد أن شعبنا الفلسطيني وفصائل المقاومة لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذا العدوان الغاشم”.
ودعا، في بيان، فصائل المقاومة الفلسطينية، إلى “التصعيد ضد إسرائيل”، محذراً من “التمادي في العدوان على المسجد الأقصى”.
من جانبه قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، في تصريحات صحافية، إن “تهديدات العدو لن تخيفنا، بل تجعلنا أكثر قوة وأكثر تماسكاً، فلتكن المقاومة صفاً واحداً في مواجهة أي عدوان”.
وأضاف “على مقاتلينا في كافة أماكن تواجدهم، أن يكونوا على أهبة الاستعداد للرد على أي عدوان”.
وقال نتنياهو في مستهل اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، لمناقشة إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية، “ليس لدينا رغبة في تغيير الوضع الراهن للأماكن المقدسة في القدس”.
وأضاف: “ندعو لتهدئة التوتر وسنتصرف بحزم ضد المتطرفين الذين يستخدمون العنف”.
كانت إسرائيل قصفت مواقع في جنوب لبنان، الخميس، بعد إطلاق عشرات القذائف الصاروخية من الأراضي اللبنانية باتجاه إسرائيل، ما رفع حدة التوتر في المنطقة الحدودية إلى أعلى مستوياته منذ 2006.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه “تم رصد إطلاق 34 صاروخاً من الأراضي اللبنانية باتجاه إسرائيل”، مشيراً إلى اعتراض 25 منها من قبل الدفاعات الجوية، فيما سقطت 5 قذائف في الأراضي الإسرائيلية”.
ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج، قوله: “سنتخذ إجراءات لضمان أمن المواطنين، وعلى المجتمع الدولي إدانة إطلاق الصواريخ من لبنان”.
استعدادات إسرائيلية بكافة الجبهات
ووجه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، أجهزة الأمن الإسرائيلية، في نهاية جلسة تقييم للوضع الأمني بالعمل على تجهيز “إمكانيات رد متنوعة لعرضها على المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون للشؤون الأمنية والسياسية”.
وكانت الجلسة شملت تقديم عرض واسع عن إطلاق الصواريخ من الجبهات المختلفة، من غزة وجنوب لبنان بالإضافة إلى تقديم عرض استخباراتي لكل واحدة من الجبهات.
وعبرت الولايات المتحدة عن “قلقها البالغ”، إزاء التطورات الأخيرة، بالأراضي الفلسطينية وإسرائيل، وحثت جميع الأطراف، حسبما ورد في رد مجلس الأمن القومي الأميركي على تساؤلات “الشرق”، على “تجنب المزيد من التصعيد”.
اتصالات أميركية لتجنب التصعيد
وأشار المجلس في تصريحاته لـ”الشرق”، إلى أنه “تم إطلاع الرئيس جو بايدن على التطورات بشكل كامل”، لافتاً إلى أن السفير الأميركي لدى إسرائيل توم نايدز، وآخرون في جميع أركان الحكومة الأميركية، “يواصلون حوارهم المنتظم مع إسرائيل بشأن هذه المسألة وغيرها من المسائل ذات الاهتمام المشترك”.
وتابع المجلس: “كما أكدت وزارة الخارجية، فإننا نقف بحزم من أجل الحفاظ على الوضع التاريخي الراهن في الأماكن المقدسة في القدس، وندين إطلاق الصواريخ على إسرائيل”.
واعتبرت واشنطن، وفق التصريحات، أن “استخدام لبنان كمنصة لإطلاق هجمات صاروخية ضد إسرائيل لا يؤدي إلا إلى تعريض الشعب اللبناني للخطر وزيادة احتمال حدوث المزيد من عدم الاستقرار في البلد”.
وشدد المجلس كذلك على أن “التزام واشنطن بأمن إسرائيل لا يزال ثابتاً.. ونعترف بحق إسرائيل المشروع في الدفاع عن شعبها وأرضها ضد جميع أشكال العدوان”.
وفي وقت سابق، الخميس، عبر المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، عن “قلق” الولايات المتحدة من مشاهد العنف في القدس، وأشار إلى أن أن الإدارة الأميركية على اتصال منتظم مع الشركاء الإسرائيليين والسلطة الفلسطينية.
الأردن: إسرائيل تقوض معاهدة السلام
وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، اعتبر أن التصعيد على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، جاء نتيجة “العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى”، وحذر من أن إسرائيل “تقوض معاهدة السلام” مع الأردن باعتداءاتها الأخيرة على المسجد الأقصى.
وأضاف في تصريحات لشبكة CNN الأميركية، الخميس: “نواجه لحظة خطيرة، حاولنا تجنبها لعدة أشهر”.
وأعرب عن قلقه من التصعيد بين لبنان وإسرائيل، مشيراً إلى أن “ما سيحدث لاحقاً يعتمد على ما ستفعله إسرائيل”، مؤكداً أن “احترام حق الفلسطينيين في حرية العبادة وعدم اقتحام الأقصى كان سيمنع اندلاع العنف لكن إسرائيل فعلت العكس”.
وأضاف الصفدي، أن إسرائيل “تجعل من المستحيل الدخول في تعاون إقليمي بعد اقتحام المسجد الأقصى للمرة الثانية في أقل من أسبوع، الأربعاء.
واشنطن تمنع إدانة إسرائيل
وبشأن اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، عقد مجلس الأمن الدولي، الخميس، جلسة خاصة لمناقشة التطورات.
وقال دبلوماسي بهيئة الأمم المتحدة، إن دولاً أعضاء في المجلس طالبت خلال الجلسة بإصدار قرار يدين إسرائيل بسبب اقتحام المسجد الأقصى.
في المقابل، قال مسؤول إسرائيلي كبير لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، إن الإدارة الأميركية منعت مجلس الأمن من إصدار بيان بشأن “التصعيد الأخير بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
لبنان يحذر من نوايا إسرائيل
وفي لبنان عقد رئيس مجلس الوزراء، نجيب ميقاتي، اجتماعاً مع وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، لبحث التطورات الأخيرة، وفي أعقاب الاجتماع، أصدرت الخارجية اللبنانية بياناً أكدت فيه “احترام لبنان والتزامه بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، وحرصه على الهدوء والاستقرار في جنوب لبنان”.
ودعت بيروت، المجتمع الدولي، إلى الضغط على إسرائيل لوقف التصعيد، معربة عن استعدادها للتعاون مع قوات حفظ السلام في جنوب لبنان، واتخاذ الإجراءات المناسبة لعودة الهدوء والاستقرار، محذرة من “نوايا إسرائيل التصعيدية التي تهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين”.
وأكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، إدانة لبنان وشجبه إطلاق الصواريخ من جنوب البلاد، مشدداً على أن الجيش وقوات “يونيفيل” يكثفان تحقيقاتهما لكشف ملابسات العملية وتوقيف الفاعلين.
وأكد أن لبنان “يرفض مطلقاً أي تصعيد عسكري ينطلق من أراضيه واستخدامها في تنفيذ عمليات تتسبب في زعزعة الاستقرار القائم”.
والقرار 1701 تبناه مجلس الأمن الدولي بالإجماع في أغسطس 2006، ويدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية في لبنان، ويطالب “حزب الله” بالوقف الفوري لكل هجماته، وإسرائيل الوقف الفوري لكل عملياتها العسكرية الهجومية وسحب كل قواتها من جنوب لبنان.
ودعا القرار الحكومة اللبنانية لنشر قواتها المسلحة في الجنوب بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي إلى ما وراء الخط الأزرق وقتها، كما دعا إسرائيل ولبنان لدعم وقف دائم لإطلاق النار وحلّ بعيد المدى.
وقال وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد وسام المرتضى، إن بلاده “لا تسعى للحرب لكن أي اعتداء على لبنان سيجر على إسرائيل ويلات لا قدرة لها على استيعابها”.
المصدر: الشرق