تحدثت امرأة فقدت والدتها وشقيقتها بسبب ورم دماغي مستعص، عن تشخيص ابن أختها بالورم الدماغي نفسه أيضاً، في حالة يبلغ احتمال حصولها بنسبة واحدٍ في المليار.
توفيت والدة كلير كوردينر، 54 سنة، مارغريت أوكين عن عمر 66 سنة، وبعد سنة واحدة فقط فارقت أختها أنجي جونز (36 سنة) الحياة، وذلك بين عامي 2008 و2009.
شخّص الأطباء إصابة كلتا المرأتين بما يسمى “الورم الأرومي الدبقي” glioblastoma، علماً أنه نوع من أورام الدماغ يبلغ معدل النجاة منه 10 في المئة فقط.
وفي يونيو (حزيران) 2022، شخّصت الفحوص إصابة ماكس، ابن أخت كلير، البالغ من العمر 18 سنة، بالورم الدماغي نفسه، وذلك بعد معاناته من المرض وألم في الساق.
وبعد الخضوع لعملية جراحية لاستئصال الورم في “مستشفى الملكة إليزابيث الجامعي” في غلاسكو باسكتلندا، يتلقى ماكس الآن الرعاية الطبية في مرحلة الاحتضار داخل مركز “كيلبرايد هوسبيس”.
وتقول كلير، التي تعمل مسؤولة في دار رعاية في إدنبرة باسكتلندا إن “أورام الدماغ قد دمرت عائلتنا تماماً… ليس في المستطاع التنبؤ بها، ويمكنها أن تصيب أي شخص وفي أي عمر”.
تضيف كلير: “شعرت بعجز تام إذ تعذر عليّ مساعدة أمي وأختي، وليس في يدي الآن ما أفعله من أجل ابن أختي، ماكس”.
في عام 2004، بدأت أنجي شقيقة كلير تعاني آلاماً في ساقيها- إضافة إلى “حركات اهتزازية” في ذراعيها. قصدت بعدها طبيبها العام، الذي أحالها بعد ذلك إلى مستشفى “هيرمايرز الجامعي” في “إيست كيلبرايد” باسكتلندا، بغية الخضوع لفحص بالرنين المغناطيسي.
كشفت الفحوص حينها عن وجود ورم في دماغها، وبعدما رفضت العلاج في البداية، بدأت دورة من العلاج الإشعاعي والعلاج الكيماوي.
تقول كلير: “من جهتي، كنت مستاءة حقاً، ولكن إنجي بقيت متفائلة… في البداية، رفضت أختي العلاج لأنها كانت تحاول إنجاب طفل ثان. لكن عندما وجدت نفسها غير قادرة على الحمل، بدأت مرحلة العلاج الكيماوي والعلاج الإشعاعي في مركز ’بيتسون غرب اسكتلندا للسرطان’ في غلاسكو”.
بعد خمس سنوات من العلاج، أخبر الأطباء أنجي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 أنه لم يعد في إمكانهم فعل أي شيء آخر لها، وبعد شهر توفيت في المنزل.
في نوفمبر 2007، بينما كانت إنجي تخضع للعلاج من الورم الدماغي، شخص الأطباء إصابة والدتها، مارغريت، أيضاً بـ”الورم الأرومي الدبقي”.
اعتقد الأطباء بادئ الأمر أن الأم قد تعرضت لسكتة دماغية محدودة نظراً لظهور مشكلات في الكلام لديها، لكن التصوير بالرنين المغناطيسي كشف أنها تعاني فعلاً من ورمين في دماغها.
لم تكن جراحة استئصال الورم ناجحة، وكانت الأم مريضة جداً إلى حد يمنعها من الخضوع للعلاج الإشعاعي لأكثر من أسبوع. توفيت بعدها في أكتوبر (تشرين الأول) 2008، بعد مرور سنة تقريباً على تشخيص إصابتها بالورم.
أما الأمر المدمر الآخر، فحلّ على العائلة في يونيو (حزيران) 2022، عندما أخبر الأطباء ماكس، ابن أخت كلير، أنه يكابد أيضاً ورم الدماغ نفسه.
بعد خضوعه لعملية جراحية لاستئصال الورم في مستشفى جامعة الملكة إليزابيث في غلاسكو باسكتلندا، يتلقى ماكس الآن الرعاية الطبية التي تمنح لمن هم في آخر عمرهم.
قالت كلير إن ماكس كان شاباً يتمتع بصحة جيدة، لذا لم نتوقع إصابته بالورم على الإطلاق.
وتضيف: “طوال خمسة أسابيع مر الشاب بجلسات من العلاجين الكيماوي والإشعاعي المكثفة جداً… شعر أنه بخير لبعض الوقت، ولكنه عاد إلى المستشفى في يناير (كانون الثاني) 2023”.
وتتابع كلير: “عثر الأطباء على ورمين آخرين لدى ماكس، أحدهما في دماغه والآخر في عموده الفقري، لذا بدا واضحاً أن العلاج لم يكن يجدي نفعاً.”
تعكف كلير على تنظيم عملية جمع التبرعات لبحوث ورم الدماغ منذ عام 2016، وتمكنت من جمع 4000 جنيه استرليني عن طريق أنشطة دعائية مثل يوم ارتداء القبعاتWear A Hat Day ، وفيه ينشر المستخدمون عبر الإنترنت صوراً ذاتية لهم وعلى رؤوسهم قبعات سخيفة، ويحلقون شعرهم.
الدكتورة كارين نوبل، مديرة قسم البحوث والسياسات والابتكار في “مؤسسة بحوث أورام الدماغ” قالت إنه “من النادر جداً تشخيص ثلاثة أجيال من عائلة واحدة بالورم الدماغي المميت نفسه. يبلغ هذا الاحتمال أقل من واحد في المليار… نسمع أحياناً عن تشخيص أشقاء بالورم عينه، ولكننا هنا إزاء الحالة الأولى من نوعها التي تعلم بها “مؤسسة بحوث أورام الدماغ”.
وتضيف الدكتورة نوبل: “ما من أدلة تثبت أن هذه الأورام وراثية، ولكن من الواضح أن هنالك حاجة ماسة للنهوض بالمزيد من الأبحاث في هذا المجال”.
وتتابع الدكتورة نوبل: “تبعث قصة كلير الحسرة في النفس وتفوق حد التصور. الألم الذي تسببت فيه أورام الدماغ لعائلتها يفوق الخيال، ونحن ممتنون جداً لها لأنها شاركت قصتها معنا… أورام الدماغ تقتل الأطفال والبالغين دون الأربعين سنة أكثر من أي سرطان آخر حتى الآن، وفيما مضى خُصص لهذا المرض الفتاك 1 في المئة فقط من الإنفاق الوطني على بحوث السرطان”.
وتختم الدكتورة نوبل أنه “بدعم أشخاص مثل كلير، التي تشارك فيWear A Hat Day ، في مقدورنا أن نتقدم ببحوثنا في أورام الدماغ وتحسين النتائج الصحية لمرضى كمارغريت، وأنجي وماكس الذين اضطروا إلى محاربة هذا المرض المريع”.