رايت رايتس

زابوريجيا والتهديدات الروسية.. ماذا لو وقعت كارثة نووية في المحطة؟

الديسك المركزي
كتبه الديسك المركزي تعليق 9 دقيقة قراءة
9 دقيقة قراءة
محطة زابوريجيا

بعد مرور أكثر من عام على الغزو الروسي لأوكرانيا، مازالت محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا تحت التهديد، حيث باتت هدفا رئيسيا إذ أنه في الثامن من مارس / أذار الجاري تسببت الهجمات الصاروخية في انقطاع التيار الكهربائي عن المنشأة.

- مساحة اعلانية-

ونجم عن ذلك اعتماد المحطة على المولدات التي تعمل بالديزل في حالات الطوارئ، فيما يعد مصدر الطاقة ضروريا لتبريد وقود مفاعل المحطة ومنع حدوث “انهيار كارثي محتمل”، وفقا لما أشارت إليه وكالة رويترز.

بدوره، دعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رفائيل ماريانو غروسي، إلى إنشاء “منطقة حماية” حول محطة زابوريجيا الخاضعة لسيطرة القوات الروسية منذ شهور.

- مساحة اعلانية-

ونقل عن غروسي قوله خلال اجتماع لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الخميس: “إننا نقامر في كل مرة، وإذا سمحنا لهذا الأمر بالاستمرار مرة تلو الأخرى، فلن يحالفنا الحظ في يوم من الايام”.

زابوريجيا.. ليست مجرد تهديد وحيد

عند الحديث عن التهديدات النووية المحتملة جراء الحرب في أوكرانيا، يتعين الأخذ في الاعتبار احتمالين هما ماذا سيحدث إذا وقعت حادثة في أي محطة نووية أوكرانية؟ وماذا سيحدث لو جرى نشر أو استخدام السلاح النووي؟

- مساحة اعلانية-

وفي هذا التقرير، تحدثنا إلى خبراء لتسليط الضوء على التأثيرات الصحية التي تعرض لها السكان جراء كارثتي فوكوشيما وتشرنوبيل  من أجل الخروج بسيناريو مشابه لما قد يحدث في حالة حدوث كارثة في محطة زابوريجيا.

وتحدثنا أيضا إلى خبراء لمعرفة الآثار الصحية التي نجمت عن القصف النووي الذي طال مدينتي هيروشيما وناغازاكي في اليابان خلال الحرب العالمية الثانية في محاولة لمعرفة ما يمكن أن يحدث إذا وقع تفجير بأسلحة نووية في الوقت الراهن.

زابوريجيا تحت الاحتلال

تقع محطة زابوريجيا قرب الحدود الجنوبية لأوكرانيا ويوجد بها ستة مفاعلات حيث تعد أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا فيما أصبحت في عام 2022 أول محطة نووية مازالت تعمل في وقت الحرب.

ومنذ استيلاء القوات الروسية على المحطة في مارس / آذار العام الماضي، طرح كثيرون في جميع أنحاء أوروبا تساؤلات حيال أوجه المقارنة بين الوضع الحالي في المحطة وكارثة تشيرنوبيل عام 1986 التي تعد أسوأ حادث نووي شهده العالم ما أدى في حينه إلى إطلاق نسب عالية من الإشعاع في جميع أنحاء أوروبا.

وقد أشار تقرير صدر في 2006 عن منتدى تشيرنوبل الذي تأسس في عام 2002 والمؤلف من وكالات تابعة للأمم المتحدة لتقييم الآثار الصحية والبيئية للكارثة، إلى أن الحادث سيتسبب فيما لا يقل عن 4000 حالة وفاة بأمراض السرطان على المدى الطويل، رغم أن هذا التقدير ما زال محل خلاف.

يقول بعض الخبراء من بينهم كيت براون، أستاذة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إن المسؤولين السوفييت عمدوا إلى إخفاء بعض الحقائق عن الكارثة في محاولة للتقليل من خطورتها.

 وأجرى براون أبحاثا مكثفة حول تأثير الإشعاع على صحة الناس في أوكرانيا والبلدان المجاورة منذ وقوع الكارثة في عام 1986.

وتوقع تقرير صدر عن منظمة “غرينبيس” عام 2006 إصابات شملت حوالي 90 ألف حالة أي حوالي 23 ضعف العدد الذي توقعه تقرير منتدى تشيرنوبيل.

من جانبه، شكك إدوين لايمان، مدير سلامة الطاقة النووية في اتحاد العلماء المهتمين بواشنطن، في مصداقية تقرير منتدى تشيرنوبيل. وعزا ذلك إلى أن التنبؤات التي صدرت عن التقرير والخاصة بحالات الوفاة جراء الأمراض السرطانية استندت على حالات داخل الاتحاد السوفيتي السابق، مضيفا أن التقرير تجاهل تعرض سكان في بلدان أوروبية أخرى إلى الإشعاع.

وقال إن التقرير الأممي الذي نشر عام 1988 عن التأثير الصحي لكارثة تشيرنوبيل تناول بالفعل التعرض للإشعاع بشكل عام حيث قدر وقوع 30 ألف حالة وفاة أو أكثر بالسرطان.

وأضاف لايمان أن “القضية الأساسية تتعلق بالاعتقاد فيما إذا مستوى منخفض من الإشعاع سيسبب السرطان أم لا؟ هناك إجماع بين الخبراء في جميع أنحاء العالم بحدوث ذلك. لقد افترض منتدى تشيرنوبيل خلاف ذلك، لذا فإن هذه الدراسة تعد وثيقة سياسية للغاية خرجت باستنتاجات بهدف التقليل من آثار الحادثة”.

وقد كشفت الدراسات المتعاقبة على الناجين من كارثة تشيرنوبيل عن زيادة في حالات سرطان الغدة الدرقية فيما رصد الباحثون أنه في العقود التي أعقبت الحادث، فإن معدلات الإصابة بهذا المرض خاصة بين الشباب في الاتحاد السوفيتي السابق كانت أعلى بثلاث مرات مما كان متوقعا.

وقد عزت الدراسات هذه الزيادة بشكل جزئي إلى استهلاك الحليب الملوث فيما أشارت تقارير حول التأثير الصحي للكارثة إلى ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق بين السكان قرب مكان وقوع الكارثة.

فوكوشيما.. المقارنة الأفضل

وقال ليمان إن أي تداعيات ناجمة عن وقوع أي حادث محتمل في محطة زابوريجيا ستكون على الأرجح تحمل في طياتها بعض التشابه مع كارثة فوكوشيما النووية في اليابان عام 2011. وأضاف بأن “العواقب التي أدت إلى النشاط الإشعاعي الكبير جراء كارثة تشيرنوبيل من غير المرجح أن تحدث في محطة زابوريجيا لأن المفاعلات الستة بالماء الخفيف داخل المحطة تشبه إلى حد كبير المفاعلات في ألمانيا أو في دول غربية أخرى”.

وتتراوح درجات اي حادث يقع في موقع نووي على مقياس الأحداث النووية والاشعاعية الخاصة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية بين مستوى صفر والمستوى سبعة وهو الأعلى مثل كارثتي فوكوشيما وتشرنوبيل.

 ويعني المستوى سبعة أن “قذفا كبيرا للمواد الاشعاعية” قد حصل مع “تأثيرات كبيرة على الصحة والبيئة”.

ففي 11 من مارس / آذار عام 2011، غمرت الأمواج محطة فوكوشيما النووية المتاخمة للمحيط الهادئ، فيما أدى التسونامي الضخم إلى تذويب نوى ثلاث مفاعلات في المحطة، وهو الأمر الذي تسبب بدوره في إطلاق كميات كبيرة من الإشعاع استقرت على الأرض وفي الماء وخلقت أسوأ كارثة نووية مدنية منذ حادث تشرنوبيل.

وخلصت التقارير الرسمية إلى أنه رغم وفاة العديد من الأشخاص جراء التسونامي والزلزال، إلا أنه لم تحدث حالة وفاة ناجمة بشكل مباشر عن الكارثة النووية، فيما كان الإجهاد النفسي التأثير الصحي الأكبر الذي عانى منه الأشخاص القريبون من المحطة خلال عمليات الإجلاء.

وقال الباحثون إن كارثة فوكوشيما لم تترك سوى أثار ضئيلة على البيئة المحيطة نظرا لأن الكثير من الإشعاع تسرب إلى المحيط.

وفي ذلك، أشار ليمان إلى أن محطة “زابوريجيا غير مطلة على سواحل، لذا لن يكون الأمر مشابها لما حدث عقب  كارثة فوكوشيما، لكن مع ذلك، نتوقع على الأرجح إطلاق مواد إشعاعية أقل وانتشارها على نطاق أقل”.

وأضاف ليمان أن مستوى الإشعاع الذي قد ينجم عن أي حادث محتمل في محطة زابوريجيا سيعتمد على ما إذا كان الحادث تقنيا مثل فقدان المحطة لمصادر الطاقة لعدة أيام أم ناجما عن عمل عسكري.

وقال إنه في الحالة الثانية سيتم إطلاق الإشعاع بسرعة أكبر ما يعني أن التداعيات قد تكون في منطقة وسط بين حادثتي تشيرنوبيل وفوكوشيما، مضيفا “أعتقد أن احتمال وقوع حدث آخر شبيه بحادث تشيرنوبيل يؤثر على ألمانيا سيكون أقل، فيما من المحتمل أن تكون هناك تأثيرات قابلة للقياس، لكنها ليست كبيرة مثل ما حدث عام 1986”.

زابوريجيا.. ليست المحطة الوحيدة

تُعتبر محطة زابوريجيا واحدة من أكبر 10 محطات للطاقة النووية في العالم، لكنها ليست المحطة الوحيدة في أوكرانيا حيث يوجد 4 محطات أخرى للطاقة النووية هي تشرنوبل وريفني وخميلنيتسكي ومحطة جنوب أوكرانيا.

وفي هذا الصدد، قال ليمان إنه يشعر بالقلق حيال مصير المحطات النووية الأخرى في أوكرانيا بما في المحطة غير النشطة في تشيرنوبيل والمحطات الثلاثة الأخرى التي تعد أقدم من زابوريجيا مما يجعلها أكثر عرضة لتداعيات كارثية في حالة وقوع حادث.

وأضاف “هناك ثلاث محطات نووية أخرى في أوكرانيا أقرب إلى حدودها الغربية. ورغم أنها بعيدة عن جبهات القتال، إلا أنها لا تزال في مرمى نيران الصواريخ الروسية أو الطائرات المسيرة”.

وأشار إلى أنه رغم عدم وجود أي من هذه المفاعلات في هذه المحطات شبيه بالمفاعلات في تشيرنوبيل، إلا أن هناك مفاعلات تعود للحقبة السوفيتية ما يعني أنها قد عرضة للخطر أكثر من زابوريجيا. وقال: “إذا تدهورت الأمور، وأصبح من السهل مهاجمة هذه المحطات، فإن هذا قد يكون مصدر قلق أكبر بالنسبة لدول أوروبا الغربية”.

المصدر: DW

شارك هذه المقالة
ترك تقييم