تُعد آلام أسفل الظهر السّبب الرّئيسي لعدة أعوام من العيش مع العجز على مستوى العالم. واحتلّت آلام الرّقبة المرتبة الرّابعة، وفقًا لدراسة “ﻋﺐء اﻟﻤﺮض اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ” (Global Burden of Disease Study) لعام 2016.
وتُعتبر آلام أسفل الظهر “حادّة” عند استمرار الأعراض من أسبوع إلى 12 أسبوعًا، و”مزمنة” عندما يستمر الألم لثلاثة أشهر أو أكثر.
وغالبًا ما يلجأ الأشخاص إلى مسكّنات الألم التي لا تستلزم وصفة طبيّة، ولكن ما هو العلاج الأكثر فعاليّة؟
وحاولت دراسة جديدة نُشِرت الأربعاء في مجلة “Journal of Orthopaedic Research” معرفة ذلك.
وقرأ الباحثون عددًا كبيرًا من الدّراسات المنشورة، ووجدوا 18 تجربة سريريّة عشوائيّة ركّزت على آلام أسفل الظهر التي لم تستمر لأكثر من 12 أسبوعًا.
ونظرت الدّراسة إلى هذه الأنواع من المسكّنات: الأسبرين، والأسيتامينوفين، (تايلينول، وباراسيتامول، وبنادول)، ومضادات الالتهاب غير الستيرويديّة أو NSAIDs باختصار، ويوجد الكثير منها.
كما نظر الباحثون أيضًا إلى مرخيات العضلات في الدراسة، والتي تتطلّب وصفة طبيّة.
ووجدت الدّراسة أن أفضل علاج لآلام أسفل الظهر الحادّة كان عبارة عن مزيجٍ من مضادات الالتهاب غير الستيرويديّة مع مرخي عضلات، ويتطلّب وصفة طبيّة.
وكان المزيج فعّالًا في تقليل الألم والعجز بحلول نهاية أسبوع واحد.
ومع ذلك، لا تعمل مرخيات العضلات بالطريقة التي تتوقّعها، بحسب ما ذكرته الأستاذة المساعدة لطب إعادة التأهيل في كلية “إيكان” للطّب في “ماونت سيناي” بمدينة نيويورك الأمريكية، الدّكتورة إليانا كاردوزو.
وأوضحت كاردوزو أنّها “لا تتّجه إلى العضلات وتريحها. وبدلاً من ذلك، فإنها تعمل بشكلٍ مركزي على مناطق في دماغنا حيث تُشعِرنا بالخمول، ما يتسبب باسترخاء أجسامنا نوعًا ما”.
وأضافت كاردوزو التي لم تشارك في الدّراسة: “يصعب استخدامها أثناء النّهار للتّخلص من الألم”.
ووجدت الدّراسة أنّ الجمع بين مضادات الالتهاب غير الستيرويديّة والأسيتامينوفين ارتبط بتحسنٍ أكبر من استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويديّة وحدها.
ولكن قالت كاردوزو: “عندما نظرت إلى البيانات الفعليّة في الدّراسة، لا أستطيع القول إنّها تُحدِث فرقًا كافيًا حقًا لإضافة العقارين، إذ كانت مجرّد فائدة صغيرة جدًا”.
ووجدت الدّراسة أن تناول عقار الأسيتامينوفين وحده، لم يقلّل الألم بشكلٍ كبير.
وأكّد المؤلّف الرّئيسي للدراسة، الدكتور فيليبو ميغليوريني من قسم جراحة العظام، والحوادث، والجراحة الترميميّة في “مستشفى آخن الجامعي” بألمانيا أنّ نتائج الدّراسة تنطبق على آلام أسفل الظّهر غير المستمرّة والمزمنة فقط.
الآثار الجانبيّة لمسكّنات الألم
وهناك مشكلة أخرى عند استخدام مسكّنات الألم، فهي تتمتّع بآثار جانبيّة خطيرة محتملة، ولا يُنصح باستخدام الأسيتامينوفين أثناء الحمل، ويمكنه التّسبب بطفحٍ جلدي، وصعوبات في التّنفس.
ولا يمكن استخدام سوى 4 آلاف ملليغرام فقط من عقار الأسيتامينوفين يوميًا، وقد تؤدّي جرعة زائدة إلى تلف أو فشل الكبد، بحسب ما ذكرته المكتبة الوطنيّة للطّب.
ويمكن أن تشمل الآثار الجانبية لمضادات الالتهاب غير الستيرويديّة عسر الهضم، والإسهال، والصّداع، والدّوخة، وردود الفعل التحسّسية.
وفي حالات نادرة، يمكنّها التسبّب بـ”مشاكل في الكبد، أو الكِلى، أو القلب، والدورة الدمويّة، مثل قصور القلب، والنّوبات القلبيّة، والسكتات الدماغيّة”، وفقًا لما أشارت إليه الهيئة الوطنيّة للرّعاية الصحيّة في المملكة المتحدة (NHS).
كما أوضحت الهيئة أنّ استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويديّة لفترة من الزمن، قد يؤدي لتشكّل قرحة في المعدة.
وقالت كاردوزو: “إذا كان شخصٌ ما يتمتّع بصحّة جيّدة ولا يعاني من مشاكل أخرى، فلا بأس من تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويديّة على مدار الساعة لمدّة أسبوع، ولكن لأسبوع فقط”.
وأشارت التّقديرات إلى أنّ 4 من كل 5 أشخاص سيعانون من آلام أسفل الظهر خلال حياتهم، بحسب عيادة “كليفلاند”.
وتنتج هذه الحالة من التّدهور المستمر للأقراص الإسفنجيّة المتواجدة بين الفقرات في الظّهر.
ويُعد أي شخص يتجاوز عمره 30 عامًا أكثر عرضة للإصابة بآلام أسفل الظهر.